خُواء الذات.. والأدمغة المستعمرة
الأخ مراد هوفمان، السفير الألماني الأسبق في الجزائر، تبيّن الرُّشد من الغيّ، فهدى الله قلبه، وأنار عقله، وشُرح صدره، فأعلن بعد تدبّر دقيق، وتأمّل عميق أنه – كما قال المفكر محمد إقبال- “لا إله إلا الذي خلق الوجود، وقدر الأقدار”، وأنه ـ كما قال العالم الفرنسي، كلود تراسموتان، أستاذ فلسفة العلوم في جامعة السوربون ـ: “أصبح الكفر مستحيلا”.
وقد تبين للأخ مراد هوفمان “الشراب من السراب” فلم تُعْمِه أنوار الحضارة الغربية في جانبها المادي عن انهيارها في الجانب الأخلاقي، لأن “الغرب في ورطة عميقة” كما يقول.
وقد كتب الأخ مراد هوفمان عدة كتب أدّى بها النصيحة، وبلّغ بها الرسالة، ومن هذه الكتب “الطريق إلى مكة“، “الإسلام كبديل“، “الإسلام عام 2000″، “الإسلام في الألفية الثالثة“
و“خواء الذات والأدمغة المستعمرة“، الذي جعلته عنوانا لهذه الكلمة.
إن الذي أوحى لي بجعل هذا الكتاب عنوانا لهذه الكلمة هو ذلك العمل غير الأخلاقي الذي قام به أناس من فارغي الذات وذوي الأدمغة المستعمرة الذين استجابو للشيطان الذي دعاهم إلى إقامة ما سموه “حفل ختيار ملكة جمال الجزائر“، ما هي في الحقيقة إلا “ملكة قبح الجزائر” كما عبّر الأخ عمار يزلي (الشروق 11 / 9 / 2014).
فالذين حضّروا هذه القذارة، واللواتي حضّرنها، والذين حضروها واللواتي حضرنها يتميّزون ويتميّزن بـ “خواء الذات والأدمغة المستعمرة“، أي أنهم ليسوا ولسن بشرا أسوياء ناضجين، لا يملكون ذواتا عامرة، ولا أدمغة حرة، وهم علامة على هذا الزمان الذي قيل فيه:
هذا الزمان مشُوم كما تراه غشوم
الحمق فيه مليح والعقل عيب ولوم
والمال طيف ولكن حول اللئام يحوم
وقد كشفهم الله عندما استضافوا تلك الشمطاء التي كأن الشاعر العربي عناها بقوله:
لها وجه قرد إذا ازّيّنت ولون كبيض القطا الأبرش
وما أظن رائحتها إلا كما قيل: “ريحُها ريح كلب مسّه مطر“.
لقد أخرج الله ما في صدرها عندما قالت: “الجزائر فرنسية“. لقد أصابت وأخطأت، أصابت لأنها لم تر إلا ما ذكّرها بفرنسا من فارغي الذات والأدمغة المستعمرة، وفاقدات الأخلاق من “الكاسيات العاريات، المائلات، المميلات، على رؤوسن كأسنمة البخت“، وأخطأت لأنها جاهلة بمقولة الإمام ابن باديس من أن الجزائر لن تكون فرنسا ولو أرادت، وما دفعه الجزائريون من ملايين الشهداء استنكافا من أن يكونوا فرنسيين، وأما قولها بأنها “من اليسار” فهو عذر أقبح من ذنب، فزعيم اليسار “طوريز” هو صاحب خرافة “الأمة في طور التكوين“، ووزير اليسار “شارل تيون” هو الذي قنبل القرى الجزائرية في 8 ماي 1945، واليسار الفرنسي هو الذي سنّ قانون الطوارىء في 1956 وعلى العموم فالجزائريون الأحرار على مذهب إمامهم الإبراهيمي القائل: “وإلى الآن لم يرزقنا الله حاسة نفرق بها بين فرنسي وآخر، فكأنهم نسخ من كتاب واحد“.