-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

درسٌ للمقاومة

حسين لقرع
  • 346
  • 0
درسٌ للمقاومة

أدلى الضابط الصهيوني، المقدّم أرئيل غونين، وهو قائد مشاة لواء النخبة “غفعاتي”، للقناة الثانية عشرة للتلفزيون العبري، بتصريح مهمّ نعتقد أنه سيفيد المقاومين في الضفة الغربية، حتى وإن كان قصدُه هو التشفي فيهم والحطّ من شأنهم.

يقول أرئيل إن تطبيق “تيك توك” الصيني، هو الذي منح جماعة “عرين الأسود” المسلحة في مدينة نابلس، نجاحا وبريقا إعلاميا، ولكنه كان في الوقت نفسه السببَ الرئيس في تفكيكها.

ويوضّح الضابط الصهيوني أن جماعة “عرين الأسود” التي ظهرت قبل أشهر بنابلس ونفّذت عدة عمليات فدائية ضدّ الاحتلال، قد نشرت مقاطع فيديو دعائية كثيرة مصمَّمة مع أغاني وطنية عبر “تيك توك” فحصلت على تغطية إعلامية كبيرة، واكتسبت محبّة الجمهور، لكن ذلك كان وبالا عليها “لقد توصّلنا إليهم في مرحلة مبكّرة؛ صورُهم وأسماؤهم تراكمت لدينا بكثرة، لسبب بسيط: أنهم لم يهتمُّوا قطّ بإخفاء أنفسهم، وحاولوا أن يُصبحوا شخصياتٍ اجتماعية بارزة على الشبكة”.

وأوضح الضابط ارئيل كيف أن مقاطع الفيديو “الكثيرة” ساعدت الصهاينة على فهم التسلسل الهرمي داخل جماعة “عرين الأسود”، وكانت هذه الغلطة الفادحة هي الخطوة الأولى لتفكيكها، إذ تعرّفت الاستخبارات الصهيونية التي تملك تيكنولوجيات حديثة جدا على وجوه العناصر الرئيسية للجماعة وأسمائِهم، ما ساعد الجيش الصهيوني لاحقا على “اجتثاثهم”.

ورغم أنّ الضابط إرئيل أبدى تشفّيا واضحا بجماعة “عرين الأسود” التي فقدت الكثير من عناصرها في ظرف أسابيع قليلة، ولم تعُد قادرة على المبادرة بعمليات نوعية كما كان الأمر من قبل، كما أبدى استصغارا لعناصرها وقُدراتهم القتالية، إلا أنّ شهادته كانت صحيحة من ناحية اهتمام الجماعة بالظهور الإعلامي، وهو سلوكٌ ضارٌّ ينبغي للمنضوين تحت لواء المقاومة الابتعادُ عنه قدر الإمكان، واللجوءُ إلى السرية والتخفي، وهو أحدُ الشروط المهمة في نجاح عملياتها والحفاظ على أرواح عناصرها أطول مدة ممكنة، وإن كانت الأعمارُ بيد الله وحده.

لا ريب أنّ مقاتلي جماعة “عرين الأسود” هم شبانٌ وطنيون آلمهم ما يعيشه شعبُهم يوميا من إذلال وقهر وتقتيل وتنكيل على يد الجيش الصهيوني وقطعان مستوطنيه، فانتفضوا وحملوا السلاح وقاموا بعمليات عديدة أقضّوا بها مضاجعه بعض الوقت، وهم بذلك يستحقون كلّ الثناء والإشادة، لكنّ الحماس الزائد طغى عليهم للأسف فلم يلتزموا جانب الحذر واندفعوا لتصوير فيديوهات استغلّها العدوُّ -فضلا عن معلومات عملائه بالتأكيد- لتفكيك تنظيمهم أو على الأقل إضعافه إلى أقصى درجة، وقد كان بإمكانهم تفادي ذلك وإطالة عمر هذا التنظيم الفلسطيني المقاوم سنوات أو حتى عقودا عديدة كباقي الفصائل المقاوِمة في غزة، لو التزموا جانب السرية والتخفّي ولم يسعوا وراء أضواء الظهور والشهرة.

هو درسٌ لحركات المقاومة الفلسطينية، وخاصة في الضفة المحتلة التي يسهُل على العدوّ اقتحامُها في أيّ وقت، خلافا لغزة؛ فالضفة لا تملك أسلحة نوعية كتلك التي تملكها فصائل غزة، وإمكانات مقاوميها محدودة في مواجهة عدوّ شرس مسلّح جيدا ويستطيع اقتحامَ مدن الضفة بمئات الجنود دفعة واحدة، فلتتجنب الجانبَ الاستعراضي إذن.. ما يجوز في غزة المُحرَّرة العصيّة على الاقتحام البري الصهيوني لا يجوز في الضفة المحتلة المليئة بالجواسيس السريين والخاضعة للتنسيق الأمني للسلطة الفلسطينية مع الاحتلال. وهي كلّها عوامل ينبغي للمقاومين أخذُها بعين الاعتبار إذا أرادوا استمرار عملهم الثوري المبارك الذي يتطلّب الكثير من التضحيات والكثير من الانضباط أيضا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!