-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ذكرياتٌ في سطيف

ذكرياتٌ في سطيف

حبا اللهُ عزّ وجلّ مدينة سطيف بموقع صحّي جميل، وهواء عليل، وقد كان لها دورٌ متميّز في تاريخ الجزائر المعاصِر، فقد كانت من أوائل المدن الجزائرية التي علا فيها صوتُ الحركة الإصلاحية المباركة، إذ حلّ فيها في بداية العشرينيات من القرن الماضي ثاني اثنين قدّر اللهُ -عزّ وجلّ- أن يقودا تلك الحركة الطيّبة التي أتت أكلها، وهو الإمام محمد البشير الإبراهيمي بعد عودته من المشرق العربي في عام 1920.

وكثيرا ما كان الإمام ابن باديس يزور أخاه الإمام الإبراهيمي في سطيف، فيواصلان التشاور فيما بدآه في طيبة الطيبة في لقائهما لأول مرة في عام 1913 في كيفية إنهاض الشعب الجزائري، وإعداده للمعركة الفاصلة مع العدوّ الفرنسي الصليبي.. ومما وقع في عام 1924 محاولة تأسيس “جمعية الإخاء العلمي”، ولكن أجلَها لم يأتِ بعد.. حتى كان يوم 5/5/ 1931، فكان ميلاد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين المباركة، التي أحدثت “ثورة ثقافية” كانت هي الأساس الديني للثورة المسلحة الكبرى في عام 1954، التي أنهت الوجودَ الفرنسي الصليبي المباشِر في الجزائر..

وعرفت مدينة سطيف انطلاق حوادث هامة كان لها الأثرُ الفعال في النضال السياسي والجهاد المسلح للشعب الجزائري ضدّ العدوّ الفرنسي، أعني جريمة 8 ماي من سنة 1945، التي “استأسَد” فيها الفرنسيون –عسكريون ومدنيون مسلحون- على الشعب الجزائري الأعزل، وارتكبوا مجزرة أخرى أضافوها إلى مجازرهم الكثيرة، ظنا منهم أنهم يمحون بتلك المجزرة الوحشية هزيمتَهم النكراء أمام الجيش الألماني في يوم أو بعض يوم…

في يومَيْ الجمعة والسبت الماضيين (7-8 /5/ 2021) أحيت شُعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمدينة سطيف هاتين الذكريين، وقد دعت السيدين رئيسَ الجمعية الدكتور عبد الرزاق قسوم، ونائبَه الدكتور عمار طالبي مع بعض أعضاء المكتب الوطني للجمعية للإشراف على هاتين الذكريين اللتين احتضن فعاليتَهما كلٌّ من “مركزِ الشهاب” التابع لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ومتحفِ سطيف.

لقد ألقيتُ كلمة في “المركز” وفي المتحف، عرّفتْ بجهاد الشعب الجزائري، والدورِ الرياديّ الذي أدّته بشرفٍ وبشجاعة جمعيةُ العلماء التي اعتبرتها المخابراتُ الفرنسية “أخطرَ هيأة جزائرية على المخطط الفرنسي الصليبي في الجزائر”، كما جاء في التقرير المسمى “الجزائر في نصف قرن 1900- 1950″، بل إنّ هذه المخابرات كتبت أنّ حوادث 8 ماي 1945 وثورة أول نوفمبر 1954 من آثار فكره، وهو “مُلهم عقيدة جبهة التحرير الوطني”. (انظر: عمار طالبي وعبد المالك حداد: ابن باديس من خلال الإجازات وتقارير المخابرات الفرنسية، تقرير بتاريخ 24 جانفي 1958 ص 494).

إنّ أجمل ما تمّ في هذين اليومين هو تكريم بضع وستين حافظة وحافظا للقرآن الكريم، وتكريم أعضاء من جمعية العلماء في عهدها الأول 1931- 1962 وعهدها الحالي 1991- 2021.

شكرا للإخوة في ولاية سطيف على عملهم المنهجي والمتواصل، وشكرا لهم على ما يقدّمونه لإخوانهم في فلسطين الصامدة، التي هي “أمانة” في ذمّة كلّ مسلم لا تبرأ ذمّتُه حتى يؤدّيها إلى أن يُحقَّ اللهُ الحقَّ ويمحق الطاغين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • حوحو الجزائر

    جمعيات بالالاف والمردودية 00000000000000000000000 على طول وأكثر من ذلك جمعيات تستهلك الملايير وتحتجز مقرات ...................... ولا فائدة من وجودها أصلا .

  • جزائري dz

    لقد ألقيتُ كلمة في “المركز” وفي المتحف، عرّفتْ بجهاد الشعب الجزائري، والدورِ الرياديّ الذي أدّته بشرفٍ وبشجاعة جمعيةُ العلماء التي اعتبرتها المخابراتُ الفرنسية “أخطرَ هيأة جزائرية على المخطط الفرنسي الصليبي في الجزائر.... الذين تهابهم فرنسا وتعتبرهم مخابراتها خطر هم الذين كانوا يطاردونها بكلمة الاستقلال منذ نعومة أظافرهم أي الاستقلاليين في حزب نجم الشمال الافريقي منذ منتصف العشرينات الذي تطور الى حزب الشعب وحركة الانتصار والمنظمة الخاصة وصولا الى تفجير الثورة من قبل من عرفوا بالنوفمبريين .. وليس الذين كانوا يمدحون فرنسا ومبادئها وديموقراطيتها لعشرات السنين وأكثر من ذلك ليس المطالبين بالحاق الجزائر بفرنسا " الشهاب عدد جويلية 1936 " فتوقفوا عن التلاعب بالعقول وخاصة ونحن في الألفية الثالثة حيث تكتشف الحقائق ويظهر الخيط الأبيض من الأسود بنقرة واحدة على قوقل وحاشيته

  • متفائل

    جمعية لأحياء الذكريات والترحم على أرواح العلماء. ماشاء الله. أقترح أن يبنى لها متحف كبير بجانب المسجد الكبير.