الرأي

رسوب في أهم امتحان

في كل الامتحانات يُكرم المرء أو يُهان، بقدر ما بذله من جهد، وللمجتهد في أسوء الأحوال أجر ما بذله من جهد، لأجل ذلك يأتي رمضان كفرصة العمر لأجل امتحان الأفراد والمجتمع والأمة عامة، خاصة أن الامتحان يكون علنا، إعلاميا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وأمنيا، ناهيك عن الجانب الروحي والأخلاقي.

 والقول بأننا نجحنا في امتحان العمر هو مغالطة كبيرة وخداع للنفس وليس للممتحَن عز وجل، لأن كل الأرقام الموجودة في دفتر امتحان رمضان المنقضي، تؤكد أننا فشلنا مرة أخرى في استدراك فشل بقية الامتحانات، فقد بلغ رقم قتلى حوادث المرور في شهر رمضان قرابة الست مئة ضحية، هلك غالبيتهم قبل آذان الإفطار رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية التي يقارب عدد السيارات فيها نصف مليار مركبة، لم تسجل خلال العام الماضي إلا 5474 قتيل في حوادث المرور، في أطول شبكات طرقات في العالم، تدخلها أزيد عن مليون سيارة من المكسيك فقط، وحتى المملكة العربية السعودية التي يقصدها عشرات الملايين لأداء مناسك العمرة وشعيرة الحج تسجل يوميا 17 ضحية، وتعتبر هذا الرقم مؤلما ومسيئا لبلاد الحرمين الشريفين، وبلغ رغم جرائم القتل المريعة قرابة السبعين خلال شهر الصيام، ما بين ذبح لرجال أعمال وتنكيل بالرضّع وقتل الأصول، ومحاولة إلصاق التهمة بتعب الصيام في أيام الحرور، أما الفشل الكبير فكان في ارتفاع فاتورة الاستهلاك من الواردات، وغالبيتها من الغذاء، حيث صار مؤكدا أنها ستتجاوز الستين مليار دولار مع نهاية العام الحالي، وكانت المنظمة العربية للتنمية الزراعية عام 2011 قد سجلت رقما لفاتورة الغذاء في مجمل الدول العربية فاقت 37 مليار دولار واعتبرته عارا على الأمة العربية لتحطم الجزائر الآن كل الأرقام ضمن معادلة بيع النفط وشراء الأكل والكماليات.

أكيد أن الرسوب في هذا الامتحان الحاسم، لم يخص الدولة وحدها، وإنما الشعب بكل أفراده، حيث دخل رمضان على أمل أن يستفيد من تصفيد الشياطين، فساهم في فك قيودها وجعلها تقوده إلى مزيد من السقطات الاجتماعية والاقتصادية وخاصة الأخلاقية.

ما فائدة وزارة الفلاحة وكل ما نأكله يأتي من الخارج؟ وما فائدة وزارة الأوقاف وهلال شوال يُترقب من الخارج وفتوانا يُجاب عنها من الخارج؟ وما فائدة وزارة الصناعات الخفيفة والثقيلة، والإبرة والباخرة تأتينا من الخارج؟ وما فائدة وزارتي التربية والتعليم وهي لا تنتج كفاءات ولا أبحاث وعلماء؟ وما فائدة وزارة الشباب والرياضة ومنتخب الكرة يأتينا بالكامل من الخارج، كل الوزارات والجماعات المحلية والمديريات والجمعيات والشعب أيضا في الجزائر يلتهمون ميزانيات مليارية من ريع النفط، دون أن ينتجوا دينارا واحد، لأجل ذلك رسبنا في كل الامتحانات وكان أهمها إمتحان شهر رمضان.

 

في كل الامتحانات الدنيوية توجد فرص لإعادة السنة والإستدارك، إلا في الامتحانات الربانية فالمرء فعلا يكرم دائما أو يهان للأبد؟ 

مقالات ذات صلة