الرأي

سؤال الماضي أَهَم.. أم سؤال المستقبل؟

محمد سليم قلالة
  • 2950
  • 0

الماضي هو الزمن الوحيد الذي تنعدم فيه إرادة الإنسان، أي لا إمكانية لديه لتغييره، يُمكنِهُ قراءته، أو تفسيره، كما يُمكنه تشويه أحداثه أو طمسها، إلا أنه لا يستطيع تغييره… هي سُنّة من السنن الإلهية التي لا يمكن نكرانها. إرادة الإنسان لا تأثير لها على الماضي، ومجالها الوحيد هو الحاضر وبدرجة أكبر المستقبل…

ما الذي يجعلنا في هذا الظرف بالذات بدل أن نتحول نحو المستقبل الفسيح ونفتح الأمل للناس نعود القهقرى إلى الماضي وكأننا نبحث على إمكانية تغييره أو يُمكننا ذلك؟ ما الذي يَمنعنا مِن فَتح أُفق تفكير الناس نحو الغد على الأقل لنتجنب أسوأ السيناريوهات التي تكون قد أُعِدَّت أو تُعَد لنا، بدل أن نَغرق في الإجابة عن سؤال: هل أقيل الشاذلي بن جديد أم استقال؟ مَن كان خلف الستار، ومَن كان أمامه؟ مَن قام بهذا الفعل أو ذاك؟ ومَن فعل ما فعل بَمن ولماذا؟

حقيقة هي أسئلة في حاجة إلى أجوبة، ومن شأنها إثارة فضول الناس، ولكنها ليست الأسئلة الأهمّ، وليست الأسئلة الأصح. الأسئلة الأهم والأصح هي: كيف نستبق ما ينتظرنا في الغد القريب؟ وكيف يُمكننا التكيف مع مستجداته؟ وما الذي يَنبغي أن نكون عليه؟ وكيف ينبغي ألا نَقع في شراك سيناريوهات الآخرين الذين كان الماضي الذي عشناه والحاضر الذي نعيشه جزءا من خططهم المستقبلية؟ ولعل المستقبل سيكون كذلك إذا ما استمرت حالنا على ما هي عليه، وانتظرنا أن يتحول إلى ماض نبكيه أو نسعى إلى فهمه دون جدوى…

هي ذي الحقيقة التي ينبغي الانتباه إليها: أن ما حدث في بلادنا في تسعيينيات القرن الماضي كان جزءا من مستقبل أعدّه آخرون في غفلة منا قبل عشر أو عشرين سنة من تاريخ حدوثه ولم نستطع تجنبه، وكان ذلك بعنوان (الانفتاح الديمقراطي والإصلاح السياسي). وما يحدث اليوم هو أيضا جزء من مخطط أُعِد في غفلة مِنَّا ولا يبدو أننا نتكيف معه بالقدر الكافي لنَحُدَّ من تأثيره أو نوجِّهه كما نريد وهو بعنوان (الفوضى الخلاقة، الربيع العربي)، وما سيحدث غدا يبدو أنه بات قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ (بعنوان تفتيت الدولة الوطنية وبناء دول الأقليات)….

هو كذلك ونحن مازلنا نتصارع حول تفاصيل ماضٍ لا يمكننا تغييرُه وحاضر لا نملك كل السلطة عليه. هلاَّ نفيق؟ هلاّ ننتبه إلى أن مستقبلنا الآن يُصنَع من قبل غيرنا ونحن لاهون في تفاصيل ماضٍ لم يكن هو الآخر من صُنعنا؟

مقالات ذات صلة