سائقون ينجون من حوادث الاصطدام و يسقطون ضحايا “الهراوات” والأسلحة البيضاء

عادة ما ينجو الكثيرون من حوادث مرور مميتة، لكن سرعان ما تتحول لحظة استجماع الأنفاس إلى اقتتال بالهراوات والأسلحة البيضاء، لتقع مأساة من نوع آخر، المتسبب فيها دائما العنصر البشري الذي عوض أن يحمد الله على السلامة يجره إبليس إلى حلبات مصارعة على حواف الطرقات.

فلا يكاد يوم يمر إلا ونسمع أو نشهد وقوع حادث مأساوي  ما أو أكثر، فهذه مركبة اصطدمت بأخرى، وهذه انحرفت بسبب شاحنة، وكثير من الحوادث يكون الضرر المادي فيها صغيرا، ما يشجع السائقين على النزول من المركبة لتفقد الوضع، لكن سرعان ما يدخلان في ملاسنات وتبادل للشتائم، ليتحول الأمر برمته لمشادات وتشابك بالأيدي، وقد تستعمل وسائل أخرى مثل الهراوات التي لا يتنازل عنها السائقون في الجزائر، مفكات البراغي، مفك تبديل العجلات، وفي حالات نادرة أسلحة بيضاء وحتى روح الملح، لتنجم مأساة أخرى قد لا ينجو منها أحدهما أو قد تكون عاقبتها التشوه أو السجن.

مفك البراغي هراوة للتفاهم !

وفي الموضوع يقول”عمر.د”سائق شاحنةّ:”بحكم عملي أتنقل كثيرا بواسطة شاحنتي في رحلة نقل وتوزيع البضائع، وحدث ذات مرة أن شهدت حادثا ماثلا، اصطدم خلاله سائق مركبة نفعية بسيارة سياحية من نوع فولزفاغن، ترجلت عن شاحنتي والكثير من السائقين مثلي لنحمد الله لهما على السلامة لأننا نؤمن بأن”الحديد مخلوف”، غير أنهما ما إن شرعا في عملية ملأ البيانات لتقديمها لدى مصالح التأمين فيما بعد، حتى نشب بينهما عراك عنيف، عجزنا عن تفرقتهما، خاصة وأن أحدهما استل مفكا للبراغي، وعمد الثاني لهراوة، ولكم تصور الوضع، دماء في كل مكان، جروح وقطب بالمستشفى، وفتح تحقيق من قبل رجال الدرك الوطني في الحادثة، قادت كلاهما للمبيت في الزنزانة لغاية عرضهما في اليوم الموالي على قاضي التحقيق، حسبما أعلمنا به سائق شاحنة آخر فيما بعد“.

يصفعها لأنها أنثى !

خديجة، آنسة في نهاية عقدها الثاني، لديها ذكرى حادث مأساوية، جعلتها تفكر في المرة مليون مرة قبل أن تمتطي مركبتها مجددا بسبب حادث مروري وقع لها قبل سنتين:”صرت أخشى القيادة بمفردي، قبل سنتين، كنت طرفا في حادث مرور، ولأني كنت مشوشة البال ومنشغلة بالحديث عبر الهاتف، اصطدمت بسيارة لأحد الشباب، وكانت الضربة خفيفة، غير أنه اغتنم فرصة تواجدنا على الطريق بمفردنا، ونعتني بأبشع الألقاب وتطاول علي بالضرب، أين صفعني وقال لي بالحرف الواحد مكانك يا غبية في المطبخ، أي نعم لم أفلت حقي، واقتنصته منه أمام القضاء ولكني بت أخشى النزول إلى الطرقات كيلا ألتقي بأشخاص على شاكلته“.

حلبة مصارعة في الطريق السريع

أبطال القصة الموالية خمسة شبان، كانا على متن مركبتين، الأولى من نوع رونو كليو، والاثنين الآخرين كانا على متن مركبة من نوع سوزوكي، اصدم السائقين على مستوى منعرج”الآس”الشهير، نظرا لسرعة المركبة الأولى وإبطاء سائق الثانية في التنحي جانبا، فما كان منهما-حسب رواية الشهود-إلا الترجل من المركبتين والدخول في شجار وتلاسن، ليتحول المكان إلى حلبة مصارعة، ضرب وتكسير للأطراف ولعب بأسلحة بيضاء محظورة، سقط خلالها شخصين، ولهول المشهد اكتفى السائقون بالمشاهدة عن بعد، بدل التدخل خوفا على سلامتهم، قبل تدخل رجال الشرطة الدراجون والذي هدؤوا الوضع مستعملين أسلحتهم، واقتياد السالمين نحو مركز الشرطة، بينما تم إجلاء الضحيتين إلى المستشفى.

ثيران بشرية بسبب”زلحة”سيارة

لجأ سائقان على مستوى الطريق الوطني رقم 5 الرابط بين العاصمة وشرق البلاد للتشابك بالأيدي، وحتى التناطح، بعدما اصطدما ببعضهما، ما خلف شبه”زلحة”بمركبة الـ بيجو 407 التي تعود لأحدهما والذي استشاط غضبا، ليلكم غريمه الذي لم تتضرر مركبته من نوع”آر16″ كثيرا لمتانة هيكلها القديم، وهو الأمر الذي لم يستسغه هذا الأخير فما كان منه إلا الرد برأسية قوية، جعلتهما يتحولان إلى ثورين هائجين، حسبما رواه بعض ممن حضروا تلك الواقعة، فهذا يرفس ويركل وذاك ينطح ويقذف، ولم يتوقفا حتى كسرت ذراع أحدهما وشق رأس الآخر في حادثة انتهت بتدخل دراجي الدرك الوطني الذين ضحكوا كثيرا لما شاهدوه، قبل أن يحرروا محضرا بالواقعة ويصطحبوا الثورين البشريين إلى أقرب مشفى للاستطباب ومن ثمة التحويل على الكتيبة لفتح محضر سماع.

وحتى النساء معنيات.. !

ما سنسرده الآن واقعة طريفة، وقعت اثر حادث مرور بسيط على مستوى إحدى الطرقات الداخلية لضواحي العاصمة، حيث ما إن وقع الاصطدام، وثبت ألا شخصا تأذى نزل صاحب إحدى المركبتين معاتبا الآخر، هذا الأخير الذي عاجل غريمه بلكمة قوية جعلت صاحبنا ينزف، ليقرر سحب الآخر من مركبته على مرأى من زوجته، هذه الأخيرة التي تدخلت محاولة فك النزاع، وهي تصرخ وتشتم، قبل أن تنزل مرافقة الأول والتي أوسعت الثانية ضربا، ليتحول الموقف برمته إلى مهزلة حقيقية، جعلت المارة يصابون بهستيريا الضحك، ولعل هذا ما هوّل الموقف والذي كاد يتطور إلى أشياء أخرى لولا تدخل بعض العقلاء من المارة وقادة السيارات الذين تدخلوا لفك النزاع بين الزوجتين بدل تهدئة الزوجين اللذين ذهلا لما وقع تحت أنظارهما و”التبهديلة”التي تسببا فيها في لحظة غضب. 

جنح تتراوح بين الاهانة والضرب والجرح العمدي

تفيد إحصائيات الأمن والدرك الوطنيين بتسجيل ضحايا بشرية في حوادث مماثلة بمعدل حالتين إلى ثلاث في كل 10 حوادث يوميا، أغلبهم يتأذون من الصدامات والشجارات الجانبية التي تلي حوادث المرور التي يتسببون فيها، موضحة استعمال شتى أنواع الأسلحة البيضاء من خناجر، مفكات براغي، مفكات تبديل عجلات السيارات، ماء الأسيد”روح الملح”، الحجارة، وحتى الهراوات التي لا تكاد المركبات تخلو منها-مهما كان المستوى الثقافي والتعليمي للشخص صاحب المركبة-، إضافة لاستعمال الأطراف العليا والسفلية في عملية الاعتداء. وعن التهم التي تنسب إليهم، أوضحت ذات المصادر أنها تتلخص في قضايا الإزعاج، عرقلة حركة المرور، الضرب والجرح العمدي، الضرب والجرح غير العمدي، والإساءة لهيئة نظامية، فيما يتعلق بالسب والشتم لأعوان الدرك والأمن الوطنيين لحظة التدخل.