الرأي

سر صيحة الحرب قبل صفعة “ماكرون”…

محمد سليم قلالة
  • 2048
  • 1

ركزت تعاليق الكثير من وسائل الإعلام على الصفعة التي تلقَّاها على المباشر الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، أي على الحدث في حد ذاته، وفي مقام ثانٍ، على شعار “تسقط الماكرونية”، وأخفت عمدا الشعار الأول الذي رفعه المعتدى “Montjoie Saint- Denis” قبل القيام بالصفعة. ما سر هذا الشعار المخفي، وما هي دلالاته؟

” مونجوا سان دوني” هي ببساطة صيحة حرب في القرون الوسطى سادت خاصة ما بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر، واستمرت إلى غاية القرن السادس عشر. كانت تُرفَع كشعار مِن قبل ملوك فرنسا (بلاد الغال) عندما تكون هناك مخاطر كبيرة تهدد المملكة.

وتعني لفظة “مونجوا” في حد ذاتها تلك “اللافتة” أو العلامات من الحجر، التي تدل على طريق الحرب.. أو الراية الحربية بتعبير مزاجي. في حين تعني العبارة الثانية “القديس دينيس” ذلك القديس الذي تقول الأسطورة أنه حمل رأسه المقطوعة في أعالي باريس من قبل الملك بعد أن جاء مبشرا في بلاد الغال (ما بين سنة 252م و270م) ومشى بها مواصلا دعوته… أي أن الشعار يحمل في ذات الوقت دلالات عسكرية ودينية.

وقد تبنى اليمين المتطرف في فرنسا هذه العبارة، واستخدمها لحد الآن مرتين، حين تم لطم وجه النائب الفرنسي “إيريك كوكرال” سنة 2018 بفطيرة حلوى، قبل الصفعة الأخيرة التي تلقاها الرئيس ماكرون.

مما يعني أن صعود التيار اليميني المتطرف في فرنسا خاصة (جماعة (action française) الفعل أو العمل الفعلي الفرنسي) وصعود هذا اليمين في أوروبا بشكل عام ليس أمرا عابرا، بل هو مؤشر حامل لمستقبل غامض ينتظر القارة العجوز تؤكده تلك الأخبار التي تناولتها وسائل الإعلام المتعلقة بتأثر الفاعل بالنازية الجديدة أي بحركات أخرى مماثلة في أوروبا.

وتُنبهنا هذه المسألة إلى أمر جوهري في طبيعة تعاملنا مع مثل هذه الأحداث وهذه الدول.
صحيح يُمكننا النظر للصفعة الماكرونية من زاوية الجزاء الرباني في الدنيا لما قام به “ماكرون” من تأييد للصور المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، ولِما قام به من تضييق على المسلمين في فرنسا؟ كما يُمكننا النظر إليها من زاوية المؤامرة التي حيكت في الخفاء لأغراض دعائية تخص النظام الديمقراطي الذي يرعاه الرئيس، حيث أن المعتدي سيُحاكَم طبقا للقانون ولا زيادة… أو من زاوية التشفي أو انتظار أكثر من هذا لماكرون باعتبار ما تقوم به فرنسا الرسمية من استغلال وإذلال للشعوب الافريقية المستضعَفة…

كل هذه الأشكال من الشعور ممكنة ولها دوافعها ومبرراتها النفسية والواقعية، إلا أنها ينبغي ألا تُنسينا ذلك أبدا أمرا في غاية الخطورة، أي أن هناك تهديدات مستقبلية كبيرة قادمة تجاهنا من أوروبا عندما يحكمها التطرف… في أي وقت قد يتحول مهاجرونا وبلداننا ذاتها إلى هدف مُستباح… وفي أي وقت ستُرفَع في أوجهنا صيحة الحرب العسكرية – الدينية ونُواجَه باعتداء وحشي، لنكون لقمة سائغة بين أيديهم أكثر مما نحن عليه الآن…
هل أعددنا العدة لذلك أم نحن نائمون؟

مقالات ذات صلة