الرأي

سقط القناع.. عن “القانع”..

عمار يزلي
  • 1558
  • 4
أرشيف

الأحداث الأخيرة التي عرفتها الجزائر، لم تكن عفوية ولا طبيعية، وإنما أغلبها من فاعلي البشر من فئة فاعلي الشر.

أوامر رئيس الجمهورية بالتحقيق في هذه الأحداث والنتائج التي بدت تطفو على السطح ومطالبة الرئيس مرة ثانية بالشفافية وإعلام المواطن بنتائج التحقيقات، أفضت إلى بداية فضّ الكمامة وإسقاط الأقنعة عن “القوانع” وظهور أوجه الفساد أمام الملإ: وجوه كانت دائمة تختفي خلف مشاهد أخرى غير تلك التي تمارسها في الخفاء.

وإن كنا لا نعرف بالذات من هم هؤلاء أو على الأقل بعض من كشفتهم خيوط المؤامرة، إلا أننا بدأنا نتوجّس خيفة من عمل “جذور” العصابة التي ما زالت تشتغل و”تشتعل” لحرق الفروع والزروع.. عمل بدأ يظهر على المكشوف والناس تشوف.. وفي العمق، من أجل دق إسفين بين الشعب والدولة وزعزعة الاستقرار وتحريض المواطن على رفض كل ما تقوم به الدولة والحكومة بغية بناء دولة جديدة قوامها العدالة الاجتماعية وتكريس دولة القانون فوق الجميع ومحاسبة المفسدين وتشجيع العاملين والمبدعين والمنتجين والمستثمرين النزهاء، وهو ما لم يرُق لمن اعتادوا العيش على دم الناس ومال الخزينة ونفط الأمة.. بلا رقيب ولا حسيب، بل هم الرقباء وهو أهل الحسبة والحساب.. بلا محاسبة ولا حسبان.

قد نعلم في الأيام القادمة بعض نتائج التحقيقات التي تخوضها أجهزة الأمن على جميع الأصعدة، وسنرى ربما بأم العين والأذن واللسان، من يحرِّض من ومن يستعمل الشعب شماعة لإحراق الشمع وإسالة الدم والدم..

رئيس الجمهورية كان صريحا وواضحا في اجتماع مجلس الوزراء الأخير: لابدّ من أن يطلع الشعب على نتائج التحقيق بالصوت والصورة والبرهان والدليل القاطع وليس بالتهم غير المؤسسة، وعلى الدولة أن تُقنع الشعب بالدليل والبيان الواضح، بالمؤامرة التي تحاك ضده في عز الصيف والحرارة وفي عز أيام العيد والحجر الصحي وغبن الوباء وضيق تنفس المجتمع في ظل الجائحة والحجر. على التحقيقات أن تفضح استغلال فلول وجذور ورؤوس بؤر العصابة المتبقِّية خارج وداخل البلاد، بمالها الملطَّخ بالعرق والدم والخبث والخبائث.. أن تفضح استغلال الظرف الصعب الذي يعيشه الجزائريون لتزيد من معاناة الشعب وتزيد لطينهم بلّة ولديارهم نارا.. وللهيبهم زيتا..

التخريب الذي طال محطات تحلية المياه في يوم العيد، وإشعال الجزائريين بصهد ونيران غاباته وتشريد الناس من منازلهم وحرق ممتلكاتهم، يضاف إلى ما حصل من نقص للسيولة قبيل أيام العيد، كان رئيس الوزراء قد أشار إلى أنها ليست أزمة تقنية بل بشرية، مما يؤكد أن هناك فعلا من يريد ويفعل ويجتهد ويتفانى في كسر عزيمة الجزائريين في المضيِّ في محاسبة المفسدين.

 هذا التوجُّه، نجده يحصل أيضا في لبنان الجريح الذي يعمل منذ سقوط قناع أمريكا المتعاملة مع بعض دول الخليج وإسرائيل على تفكيك ما تبقى من لبنان وسوريا والأردن لصالح مشروع التفتيت والبيع في صفقة القرن التي يبشر بها مبشرو الحقبة الإسرائيلية الإنجيلية في الشرق الأوسط على يد بعض عربان الجزيرة. لبنان، الذي يكابد مؤامرة الإخضاع للوبي الفرنسي الاستعماري القديم، أمام بداية توجُّه نحو خط الحرير عبر تركيا، التي تسعى إلى العودة إلى المرافئ المتوسطية ضمن مشروع كبير تدخل الجزائر فيه عما قريب عبر مشروع مرفأ شرشال الضخم.

المعركة ليست داخلية، بل خارجية تحرِّكها أياد داخلية لحساب العميل الخارجي.. وعلينا أن نفهم جيِّدا كيف تُحبك الخيوط وكيف تُدار وكيف نقف لها جميعا بالمرصاد.

مقالات ذات صلة