الرأي

سلوك عنصري

الأرشيف

كتبت في يوم الإثنين الماضي في هذا المكان كلمة تحت عنوان: “فعلة ماكرون” تعليقا على زيارة ماكرون – رئيس الجمهورية الفرنسية – إلى مكان إقامة أرملة المناضل الإنساني النبيل موريس أودان، الذي اعتقله الجند الفرنسيون ومات تحت التعذيب، ثم ارتكبوا جريمة أخرى، حيث ألصقوا تلك الجريمة بالجزائريين، وقد اعترف ماكرون باسم فرنسا للأرملة العجوز.

وقد رأيت في سلوك رئيس الجمهورية الفرنسية عنصرية مقيتة، وعرقية نتنة، لأنه لم يقرن ذلك الاعتراف باعتراف فرنسا بجرائمها في حق الجزائريين، فقتلتهم تحت التعذيب، ولو فعل ماكرون ذلك لجسّد قيم الإنسانية ومثلها كأحسن ما يكون التمثيل..

ولكنه محا حسنة اعترافه بجريمة قتل أودان بسيئات تجاهله أو إصراره على عدم مسئولية فرنسا عن جرائمها في قتل جزائريين، لم يكونوا “إرهابيين”، وإنما كانوا يحبون وطنهم..

وقد التقيت في بحر الأسبوع الفارط صديقا، فلاحظ علي أنني كنت “قاسيا” على ماكرون خاصة باستعمالي كلمة “فعلة”، حيث ربطها بما قام به سيدنا موسى عليه، وعلى نبينا، السلام، حيث وكز قبطيا ظلم ضعيفا من قوم موسى الذين كانوا مقيمين في مصر، فقضى عليه من غير سبق إصرار وترصد.. أما “فعلة” ماكرون فإنها كانت عن تخطيط وتفكير، ولم تكن خالصة لوجه “الإنسانية”، إذ شابها “فيروس” العنصرية، و”ميكروب” العرقية..

وقد ذكرتني “فعلة” ماكرون بجملة كتبها الكاتب مولود فرعون في كتابه المسمى “اليوميات”، حيث جاء في هذه “اليوميات” ما يلي: “إن الفرنسيين لا يمكنهم اعتبار الجزائريين المسلمين مثلهم أبدا”. ( ص 345) من طبعة “دار تلانتيقيت”، وقد وفق مولود فرعون عندما لاحظ أن “الجزائر ليست فرنسا، ولكنها ميدان فرنسا”، (الصفحة نفسها)، ولهذا فمادام الجزائريون ليسوا مثل الفرنسيين حتى في المشاعر والأحاسيس الإنسانية فلا يمكن لهؤلاء أن يعترفوا بجرائمهم الاعتراف “الرسمي”.. إلا إن تبدل الفرنسيون تبدلا أصحبوا من بعده خلقا آخر غير الذي نعرفه نحن الجزائريين.. أما “الجزائريين” الذين قلوبهم معلقة بفرنسا، ويتناولون الطعام مع رؤساء فرنسا فقد دفنوا كرامتهم وصاروا “حركى” من غير أن يلبسوا لباس الحركى، أو يمكن تسميتهم بـ”حركى ما بعد الثورة”.

وأحب أن أذكر بأن مولود فرعون لم يكن “فلاقا” ولا “إرهابيا”، ولا “خارجا” عن القانون.. ومع ذلك فقد قتله الفرنسيون يوم 15 مارس 1962، وذلك قبل إيقاف القتال بأربعة أيام.. وقد كتب في اليوم السابق لوفاته.. “لا أريد أن أموت فعلا”، (ص 458). رحمه الله.

مقالات ذات صلة