الرأي

سورة النساء وصورة النساء

تحوّلت المسيرة التي نظمتها نساء الإخوان المسلمين، نهار أمس من مسجد النور بالقاهرة، باتجاه وزارة الدفاع الوطني، لمطالبة الانقلابيين بالكفّ عن أعمال العنف وتشويه صورة المسلمين وليس الإخوان فقط، إلى بركان من الأحقاد، من طرف دكاكين الفتنة التي راحت تُنكّت بنساء الإخوان اللواتي هن أمهات رجال أم الدنيا وأخواتهم وبناتهم، بين من يطالبهن بأن يقرن في بيوتهن، ويعتبر خروجهن في مسيرة فعل من أفعال الجاهلية الأولى عبر الاستعانة بشيوخ سلفية لم تثرهم صور إلهام شاهين وفضائح هيفاء وهبي وغادة عبد الرازق، والتفتوا إلى نساء الإخوان اللائي أحرجن رجال الانقلابيين بنظامهن والتزامهن، وبين علمانيين وجدوا الفرصة لتشويه المحجبات والمنقبات ورمي المحصنات بما يشبه فاجعة الإفك التي حدثت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

منذ ما قبل الانقلاب، والفنانات المصريات تبدين زينتهن ما ظهر منها وحتى ما بطن، لأجل تذكير المصريين بأن الرقص الشرقي في خطر، وحفلات شم النسيم في خطر، والفوازير الرمضانية في خطر، ومشعل نادية لطفي ومريم فخر الدين قد ينطفئ، وكانت كل القنوات المصرية من دون استثناء تفتح لهن أبوابها وتقدمهن ليدلين بآرائهن، حتى ولو كانت مسيئة لمنجبات العقاد وخالد محمد خالد وأحمد أمين والزويل، وعندما تحركت نساء الإخوان أغلقت كل الأبواب الإعلامية في وجوههن وحولتهن الفضائيات إلى مناظر كاريكاتورية للتسلّي بمنظرهن، وتحوّل العداء للإخوان، إلى عداء لمقدسات إسلامية، دون علم فاعليها وربما بعلمهم.

تأخر العودة إلى الذات والتصالح مع النفس والاعتذار عن الخطأ أو على الأقل عدم المواصلة في التباهي بالخطأ، سيزيد من الهوّة بين الانقلابيين والإخوان، وسيجرّ مصر إلى الهاوية، وللأسف فإن كل يوم يمر إلا ويتقوّى من يشدّون الحبل في الاتجاهين المعاكسين، وإذا كان الإنقلابيون قد أهانوا الرئيس محمد مرسي وزجوا به في الحبس وقد يحاكمونه ظنا منهم أن نهايته ستكون مثل نهاية حسني مبارك الذي لم يجد غير زوجته وولديه إلى جانبه، فإن ما يحدث هذه الأيام من تطاول على علماء ودعاة ونساء مصريات، سيجعل من تكرار سيناريو حسني مبارك غير وارد إطلاقا.

 

قالت مصادر إعلامية نهار أمس، أن من بين الآلاف من نساء الإخوان اللائي سرن من مسجد النور، حوالي خمسمائة من حفظة كتاب الله، وأن ترمى جميعهن بالظلامية وبالتخلف، والاستهزاء باجتهادهن الذي سينلن عليه أجر الاجتهاد على أقل تقدير، فمعنى ذلك أن مصر القادمة إن قدّر الله للإنقلابيين أن يبنوها، ستكون قطعة أخرى لا علاقة لها بالبلاد التي احتضنت جمال الدين الأفغاني ومالك بن نبي وشكيب أرسلان، وأنجبت محمد الغزالي ومحمد عبده وسيد قطب، واللائي تحفظن سورة النساء التي تُستهل بقوله تعالى: “يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرا ونساء”، تختلف عن صور النساء المتحركات التي تملأ مختلف القنوات المصرية في هاته الأيام الرمضانية. 

مقالات ذات صلة