-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سيارة فخمة بثمن بخس

الشروق أونلاين
  • 7410
  • 0
سيارة فخمة بثمن بخس

في الحقيقة أن ما يمكن أن يطالب به بعض الجزائريين الغيورين على وطنهم ومستقبله ومستقبل أبنائه بين الأمم والشعوب، من تثبيت لتضحيات الأجيال السابقة في كتاب التاريخ ومطالبة بتجريم الاستعمار الفرنسي على ما اقترفه في حق جحافل من الشعب الجزائري..

لا يعدو أن يكون مجرد ضرب في الريح أو مصارعة لظلال رياش الطواحين كما يفعل دون كيشوت، ما دام يبدو ن هناك الكثيرين في الجزائر من يعمل بشتى الأساليب والطرق على محو كل أثر لأي محاولة تجري من أجل ضمان مكان في التاريخ.

لقد ظهر أن الأمر لا يقتصر فقط على الذين يحاربون هذه المساعي الوطنية في إصدار قانون لتجريم الاستعمار مثلا، من داخل السلطة والنظام والذين لهم أعذارهم على اعتبار أن الكثير منهم هم من بقايا دفعة لاكوست والذين دفعت بهم فرنسا إلى قلب السلطة والحكم بعيد الاستقلال، ليفعلوا ما يفعلوه اليوم.. ولكن الأمر يمتد إلى من يفترض فيهم أن يكونوا ويظلوا في طليعة من يغار على الجزائر وعلى تاريخها وحاضرها ومستقبلها، وهم بقايا المجاهدين وما يسمى بالأسرة الثورية عموما والذين تحولوا طوعا أو رغما إلى مرتزقة لا يتوقف ارتزاقهم على الاستحواذ على المزايا والريوع من مختلف الأشكال والألوان، وهذا ما يوحي به آخر خبر نشر أمس في بعض الصحف ومفاده أن شركة الهاتف العمومية “الجزائرية للاتصالات” قد قررت خص المجاهدين وأبناء الشهداء بتخفيضات تقدر بـ50 بالمائة على استعمال الهاتف الثابت. وما يوحي بهذا خاصة هو الإعلانات التي تملأ الصحف والمجلات والمعلقات عن بيع سيارات فخمة بثمن بخس للمجاهدين يعتمد كسعر رسمي أو قاعدة لاستثناء الأسعار الباهظة التي تطبق على عامة الناس، في حين تحرم البقية حتى من القروض بفائدة لشراء سيارة هندية.

والمعضلة هنا ليست في هذه الاستفادات والامتيازات في حد ذاتها، ولكن في الشكل الذي تقدم به، وفي ما تثيره من أحقاد اجتماعية وعدوان وضغائن وشعور بالغبن في أوساط بقية المواطنين، وفي ما تثيره من فتن خاصة وأن الحديث يدور حتى على المستوى الرسمي حول تلوث قطاع المجاهدين بالكثير من المجاهدين المزيفين والذين يوجدون حتما ضمن المستفيدين بغير وجه حق بل وبوجه باطل كبير!.

وفي ظل هذه الأوضاع السريالية.. كيف يطلب مثلا من جيل يشعر بالظلم كل يوم، بل كل ثانية من حياته من الجيل الذي سبقه ولا يحلم إلا بالهجرة السرية، كيف يطلب منه أن يكون وطنيا ويدافع عن بلده وقيمه التاريخية ورصيده الثوري ويعمل من أجل مستقبله ومستقبل أبنائه، كيف نطلب منه ذلك وهو على هذه الحال يرى ما يرى ويعاني ما يعاني من سياسات تقسيم البلد والثروة بين السلالات والفئات حسب مركزها في السلطة أو حسب ولائها للسلطة؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!