-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
للظفر بنظرة أو همسة أو التفاتة

شباب يصطفون بالسيارات والدراجات أمام الثانويات والجامعات

فاروق كداش
  • 4286
  • 0
شباب يصطفون بالسيارات والدراجات أمام الثانويات والجامعات
بريشة: فاتح بارة

رغم  مرور سنوات على أغنية الشاب خالد، “طريق الليسي”، إلا أن كلامه لا يزال يتقيد به آلاف الشباب، الذين يصطفون أمام الثانويات والجامعات، للظفر بنظرة أو همسة أو التفاتة.. نعم، قالها خالد، شدة وهدة والعقلية خاسرة… الشروق العربي، وقفت بعيدا عن أنظار متحرشي جيل الكيراتين، لتشهد على أنه لا شيء تغير منذ عشرين سنة.

قد يبرر البعض وقوفهم خلسة أمام بوابات العلم، بأن البطالة والفراغ هما السبب، وأنهم ضحايا مس جنوني يصيبهم صباحا، فيجدون أنفسهم يتأنقون ويسرحون كعكة الكيراتين المملسة بالخلطة، ويرتدون الجينز المقطع، دون نسيان الإكسسوارات.. حقيبة اليد أو الساكوشة ومنقاشة الأذن… ودقت الساعة تمام التحرش، فتتدفق عبر البوابات المغلقة حشود الغزالات البريئة، ويا ويل من تهيم بعيدا عن قطيع الصديقات، فيدفعها أحدهم في زقاق المدق لطلب رقم الهاتف، وبكلام متقن ومعسول، تستجيب الكثيرات، رغم اعتقادهن بأنهن لن يقعن ضحايا الدراڤاج الكلاسيكي… ولكنه، مع كل رنة جرس يأتي الهجوم أكله… إنها مجزرة العشق الممنوع.

 هاشتاغ دراڤاج هاشتاغ ليسي

إن لم تر بأم عينك فلن تصدق، فكيف في زمن مثل زماننا مع الفايسبوك وإنستغرام، لا يزال “تمعشيق” عمر قتلاتو ببنت الجيران موجودا… ولإشباع فضولنا، استرقنا السمع على بعض المتحرشين وبعض المتحرش بهن، من بينهم شاب مجلجل في أهبة التحرش، على متن دراجة نارية، كان يهرطق بجمل لا نفهمها: “واش مامي.. واش درنا”، وكأنها سيمفونية. وسمعنا آخر يقول في أذن إحدى الطالبات: “غير نتي اللي نديك”.. وثالث يهذي بقوله: “ذهب يما نبيعو على جالك”… لم أتحمل صدمة رابعة انفجرت في وجهي كالصاعقة: “كيفاه راكي مليحة.. خصك فليكسي.. أعطيني النيميرو”.. لبرهة، حننت إلى جمل زمان: “الزين مخطوب.. ولّا يستنى في المكتوب” و”يا العذرا وين ماليك انا خطيب”‪.

 أما المتحرش بهن، فحدث ولا حرج، فهناك الممتنعات، اللواتي يتعرضن للسب والشتم بشتى المسميات، وهناك الحائرات بين المطارق والسنادين، وهناك الصائدات الماهرات، وهن أخطر نوع.. تدعي أنها تعرضت للدراڤاج، غير أنها هي من جلبت الذئب إلى خمّ الدجاج.

بنات على قارعة الطريق

 كنا في السنوات الأخيرة نسمع بالتفحيط في دول الخليج، التي يملتك شبابها الرانج روفر والدودج والأستون مارتن… والآن ها نحن نشاهده أمام الليسيات بسيارات لا رباعية ولا ثلاثية، ولكنها معدلة لإصدار أصوات تحاكي حلبة الفورمولا وان.. والغريب، أن مرور سيارة مسرعة وفي داخلها شباب يلفت أنظار الفتيات اللواتي تبدأن بالتغامز… هذه الإشارة الواضحة تشجع الشباب على الاقتراب بالسيارة ومغازلة المجموعة الهامسة، وفي أقل من دقيقة يحدث تبادل للأرقام والفايسبوك والإنستغرام لمن استطاع إليه سبيلا… أما الدراجات النارية، فسرها “باتع” على رأي المثل الشرقي، فبمجرد وقوف أحدهم بدراجة ياماها أو كاوازاكي أو موديل حديث فتصطف أمامه المعجبات وكأنه نجم روك… ويدرك هؤلاء الشباب على أي حبل يمشون ونقاط ضعف هذه البنات اليافعات والمدمنات على قصص حب أي تي بالعربي وبالتركي وغيرها من برامج المشاهير.

تحرش داخل حرم مقدس

والحال لا تختلف كثيرا في الجامعات.. ففي ظل غياب الرقابة والحراسة، تتعرض الكثير منها إلى غزو من نوع جديد، شرذمة من الشباب المستهتر لا يدرك الفرق بين الكيمياء والفيزياء، يتسللون إلى داخل الحرم وفي صالات الدراسة، يتعرضون للطالبات ويتحرشون بهن أمام أعين الزملاء، الذين لا يحركون ساكنا، فضلا عن ركن سيارتهم أمام البوابات لالتقاط الأسماك الخارجة من الماء… تقول أسماء، طالبة في جامعة الجزائر: “نتعرض أحيانا للتحرش داخل الجامعة، من شباب لا يمتون بصلة للجامعة.. والغريب، أن سيماهم تدل على وجوههم النكرة، لكن الحراس يتواطؤون معهم أحيانا، فالبعض منهم من الشباب الضائع، الذي يستغل وظيفته للتحرش والدراڤاج”.

نرجسية الذكر الجزائري

الشباب المتحرش، بالإضافة إلى اللوك العالمي المتفق عليه من طرف رابطة الانحراف، لديه عقلية تمزج بين العناد والتملق… فذاك الفم المعسول، وبمجرد تلقيه الرفض، يتحول إلى سم الزرنيخ، يتلفظ بالكلام البذيء، وفلسفته في ذلك: “العيب فيك ماشي فيا”…

 في الأخير، يؤلمني أن أذعن إلى حقيقة واحدة، الزمن تغير، لكن الذكر لم يتغير قيد أنملة.. غرور ونرجسية وعقد نفسية وماتشية تفوق موح الرجلة… وندائي إلى الأولياء: راقبوا بناتكم أمام المداخل والناصيات وحتى وراء أعمدة الكهرباء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!