-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شركة VOL الجزائرية

عمار يزلي
  • 1316
  • 0
شركة VOL  الجزائرية

عندما تشعر الزوجة بأن زوجها لا يعيلها ولا يفيدها في شيء، ويضيق عليها ويضربها ويعنفها أحيانا، تتمنى الفراق والطلاق. هذه قاعدة بني عليها المثل الشعبي القائل “قيم وإلا طلق”! وهذا حال الخطوط الجوية الجزائرية عندنا! شركة وطنية كبرى، لعلها من الشركات الوطنية القلائل الكبرى التي لم تمسسها الخصخصة لحاجة في نفس يعقوب الحكومة التي تريد أن تبقي الشركة حكرا ومحتكرا للجو الجزائري آمرة وناهية، باعتبار الجو من السيادة حتى ولو كانت السيادة الشعبية،لغير الشعب في هذا البلد المتشعب!

 لا أقول هذا من باب ذم الشركة لأنها وطنية، بل لأنها ليست كذلك! فالشركة الوطنية، عليها أن تكون في مستوى المواطن والزبون، لا أن يكون الزبون المواطن في مستوى الخطوط! هذه المعادلة لم نكن نعرفها إلا مع الأنظمة الشمولية، حيث لا منافسة وحيث الاحتكار في كل شيء، ولو كان المحتكر ليس قد المقام ولا يليق بالاحتكار لأنه لا كفاءة له ولا إمكانية لترضية الزبائن وخدمتهم. مع ذلك، يفرض الاحتكار على أساس قاعدة “أدي وإلا خلي” أو “خذ وإذا لم يعجبك فاضرب براسك الحيطان”!

نريد من شركتنا الوطنية أن تكون في مستوى الخدمات وفي مستوى الطلبات، ليس فقط من حيث الأسعار المرتفعة قياسا بالشركات العاملة عالميا خارج أرضنا وجونا!وهذه مأساة أخرى للشركة الوطنية التي لا تقبل المنافسة ولا المتعاملين الأجانب إلى جنبها، إلا إذا اصطفت هذه الشركات مع أسعارها أو زادت عليها قليلا! أي أنها تدفع الشركات الراغبة في الاستثمار في الجزائر إلى رفع أسعار خدماتها حتى لا يهرب زبائنها إلى الآخرين! وكأنها تريد للزبون أن يفترس بأنياب الأجانب إن هو هرب من مخالبها! وترغمه بذلك على البقاء وفيا لها، وإن لم يقبل الوفاء، فلينتقل من النار إلى الرمضاء!. مع ذلك يفضل الكثير من المسافرين الانتقال إلى الرمضاء بخدمات أحسن وتوقيت أضمن على أن يبقى وفيا للنار إن وجد هناك أي اختيار. المشكل، هو أنه لا يوجد أمام المسافر اختيار في بعض الأحيان، لأن هناك خطوطا لا تسيرها إلا الجزائرية، وعليه، فاقبل بما يفرض عليك أو ابق في بيتك!

هذه الذهنية هي من لا يرغب في بقائها أحد، لا المدير العام ولا الوزير ولا حتى الحكومة (نتمنى أن لا نكون مخطئين!).

ما حدث خلال الأيام (30 مارس إلى 2 أفريل) بمطار الدار البيضاء بالمغرب، بعد إضراب عمال الخدمات الجوية يوم 30، وبعد أن تركت الشركة 260 من زبائنها عالقين بالمطار 4 أيام، وسط فوضى واحتجاج عارم وغلق لمكاتب الشركة، يفيد هذا، بأن الشركة لا تبالي بالمواطن ولا بالزبون، لأنها لوكانت تعرف أن هناك منافسة، لما فعلت ذلك ولما تركت الأمر يحتدم حتى كاد أن يتحول المسافرون إلى مفقودين أو متهمين بتكسير ممتلكات الجولة في الخارج أو مطلوبين لدى الأمن المغربي أي قضية دبلوماسية أخرى تزيد من تعكير صفر العلاقات المعكرة أصلا مع المغرب! كل هذا لم يحدث ولله الحمد، ولولا تدخل القنصل والمدير الجهوي للجوية ومسؤول المطار الذين بلوا البلاء الحسن مع سلطات المطار والشرطة بالمغرب، ووصل الأمر إلى أعلى المستويات، من الخارجية إلى السفارة ثم إلى الخارجية فالوزارة، فأخيرا المدير العام، الذي سمع أخيرا بالخبر ورد على الهاتف، لما كانت الجوية لتحل المشكل وترسل طائرتين (لأنها لا تملك وقتها طائرة بـ260 مقعد، فأرسلت طائرتين بستيورات واحد لكل طائرة إحداهما بسعة 106 والأخرى بـ 150، لنقل العالقين إلى مطار وهران صباح الجمعة 2 أفريل على الساعة 2 صباحا، ليتنفس الركاب وذويهم الصعداء أخيرا!

هذا لم يحدث بهذه الحدة في مطارات أوروبا، وحدث فقط في المغرب ـ حيث أصبحنا عرضة لكل أشكال التهكم والسخرية من شركة تترك زبائنها ومواطنيها مرميين في فندق بأكل زفت وفاتورة ضخمة لا تقل عن ملياري سنتيم خلال مدة الاحتجاز. مع العلم أن المغربية للطيران اقترحت على الشركة الجزائرية ترحيل الركاب العالقين مقابل 7 آلاف أورو للساعة أي بمعدل 21 ألف أورو، فرفضت الجزائرية وفضلت أن تقدم أضعافا مضاعفة للفندق على أن تحل المشكل من اليوم الأول! كيف نسمي هذا؟ المدير العام (الذي كان مشغولا ربما بما هو أهم وهو إنهاء صفقة شراء الإيرباص الفرنسية في فرنسا) لم يرد ولا أحد كان بإمكانه أن يتدخل ولا أن يتصل به، لولا أن وصلته الإشارة من فوق بعد 4 أيام حسوما !!

شركة بهذه الأهمية الوطنية السيادية، لا تسير بهذا الشكل ولا ينبغي أن نعطيها الحجة لكي تتصرف كما تشاء بدعوى أنها تسعى لرفع مستوى الخدمات وتطوير الأسطول! هل ينتظر المواطن والزبون حتى ذلك الحين ليسافر؟

نمت على هذا الوقع لأجد نفسي وقد احتجزت زوجتي في مطار الدار البيضاء مع المحتجزين الـ260!، وأنا هو مدير الطيران المدني العام! لم يتركها المحتجون تخرج لتسافر عبر طائرة مغربية ولا طائرة فرنسية إلى فرنسا ومنها إلى الجزائر ولا عن طريق اسبانيا. احتجزوها وراحوا يقايضونني بها  مقابلتسفيرهم إلى وهران: والله لو لم تعطنا طائرة كبيرة فورا لما تركنا زوجتك تعود لا لوهران ولا للعاصمة ولا لأي بلد، سنبقيها معنا هنا إلى غاية نهاية المطاف!

حاول موظفو الجوية والسفير والسلطات المغربية إنقاذ المرأة من الحجز، فقالوا لنا: كلنا محتجزون ولا سبيل لتركها تسافرونبقى نحن! علاه هي خير منا؟. فقط لأن زوجها الشخصية الأولى في الجوية أو في الحكومة؟ ما كانش! تركب..نركب، ما نركبوش ما تركبش! ما تركبوش علينا أنتم يا أصحاب الكراسي في العاصمة!. مع ذلك والله ما رددت على هاتفهم! ولا رددت على مطالبهم. تركتهم ينبحون ويتصايحون كالأغنام. زوجتي حاولت الاتصال بي، فأغلقت هاتفي المحمول ولم أفتحه طيلة أربعة أيام. كنت ساعتها أشتغل بهاتف آخر. المكتب لم أدخله. أبنائي كانوا في إجازة في الترك فتركتهم بدون مهاتفة طيلة المدة. تركتهم حتى يعرفوا أن الدولة والشرطة عندما تكون وطنية لا تأبه بالمواطن! لأن المواطن مجرد عامل خدمات لدى الوطن ولدى الشركة الوطنية فهم مجرد “زبائل”!


في كل هذا، الحقيقة أنا كنت أتمنى وأعمل على ألا تعود زوجتي، لا مع الرحلة ولا بعدها ولا قبلها. لهذا، بعد أن عادت، غادرت إلى بيت أبيها وهي ما زالت هناك وأنا ما زلت هنا مديرا عموميا عاما وسأكون وزيرا نتيجة هذا الفعل البطولي في الشعب الباطل!

وأفيق وأنا أصرخ: وين راكي يا مرا…؟ كنت غير نزعق!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!