-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شكرا للوزيرة مولوجي

حسين لقرع
  • 2166
  • 0
شكرا للوزيرة مولوجي

حققت اللغة العربية نصرا جديدا في الجزائر بعد أن أرسلت وزيرةُ الثقافة صورية مولوجي تعليمة إلى إطارات إدارتها المركزية والمؤسسات الثقافية تحت الوصاية ومديري الثقافة الولائيين دعتهم فيها إلى استعمال العربية في جميع أشكال الاتّصال والتسيير الإداري والمالي والتقني وتحرير جميع الوثائق والمراسلات الإدارية والتقارير والمَحاضر والاتفاقيات والمناقصات، وشدّدت الوزيرة في تعليمتها على أنّ كل المناقشات والمداولات في الاجتماعات الرسمية والملتقيات والندوات والتظاهرات لا بدّ أن تكون باللغة العربية باستثناء الدولية التي يمكن فيها استعمالُ لغاتٍ أجنبية إلى جانبها.

وجاءت هذه التعليمة بعد نحو ستة أشهر من قرار اتخذته في أكتوبر الماضي ثلاثُ وزارات وهي الرياضة والتكوين المهني والعمل بتعميم استعمال لغة الضاد في مصالحها بدل الفرنسية. ولقيت خطوة الوزارات الثلاث ترحيبا واسعا لدى أغلبية المواطنين، وعدُّوها انتصارا للدستور ولقانون تعميم استعمال اللغة العربية الذي صدر في جانفي 1991 ولم يجد طريقه إلى التطبيق إلى حدّ الساعة، بعد أن تعرّض لمؤامرات وعراقيل كثيرة طيلة 31 سنة من صدوره.

لكن المواطنين حذروا آنذاك من أن تكون هذه القراراتُ المتتالية مجرّد حملةٍ ظرفية أملتها تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي أساء فيها إلى الجزائر وقال إنها لم تكن أمّة قبل الاحتلال الفرنسي لها في 1830، وطالب المواطنون بتعريب كل الوزارات بلا استثناء، إذا كان الأمر يتعلق بتنفيذ قانون تعميم استعمال اللغة العربية وليس بردود أفعال ظرفية على الاهانات الفرنسية.

وبرغم أنّ قرارات وزارات التكوين المهني والشباب والرياضة والعمل لم يكن لها أثرٌ كبير في الواقع، إلا أنّ أيّ خطوة في اتجاه تعريب مختلف الوزارات والقطاعات والمحيط العامّ ينبغي أن نرحِّب بها ونثمِّنها ونطالب بالمزيد؛ فالعملية طويلة وشاقة فيما يبدو وتتطلّب سنواتٍ إضافية أخرى لتشمل كل القطاعات وتستعيد اللغة العربية مكانتها في عقر دارها وتسترجع البلادُ سيادتها اللغوية.

ومن هذا المنطلق، فإنّ التعليمة الأخيرة لوزيرة الثقافة تعطينا جرعة أمل في إمكانية بعث عملية تعميم استعمال اللغة العربية بعد 31 سنة كاملة من الركود والتردّد والخذلان، فهي تبعث على الاعتقاد بأنّ هناك إرادةً سياسية قد بدأت تتبلور أخيرا بضرورة استئناف تعريب الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية والمحيط العامّ تدريجيا، وبلا ضجيج، تجنّبا لردود فعل التيار الفرنكفيلي التغريبي، سواء داخل دواليب الدولة أو خارجها، وهو التيار الذي أثبتت الأحداث أنّه كلّما قطع التعريبُ خطوة في البلاد إلا وانتفض بشراسة وعرقله بسطوته وتغلغله ونفوذه الواسع، وأعاده خطواتٍ إلى الوراء.

ستُّون سنة تمرّ على استقلال البلاد عن فرنسا، من دون أن تتمكّن بعد من استعادة سيادتها اللغوية، إذ لا تزال المكاسب التي حققتها اللغة العربية في عقر دارها دون المستوى المأمول، فهي لم تسترجع مكانتها كلغة رسمية جامعةٍ بين الجزائريين سوى في قطاعات محدودة أهمها التعليم والعدالة والشؤون الدينية، ولا تزال الفرنسية هي اللغة الأولى في قطاعات عديدة.. ومع ذلك، فإنّ قرارات وزارات العمل والرياضة والتكوين المهني بالأمس، وقرار وزارة الثقافة اليوم، بتعريب مصالحها ووقف العمل بالفرنسية، هو انتصارٌ جديد للغة الضاد، وقد يكون انتصارا صغيرا، ولكنّه مهمّ على درب التعريب التدريجي لإدارات البلاد ومؤسّساتها وهيئاتها ومحيطها العامّ، وسيسجّل التاريخ هذا الموقف المشرِّف للوزيرة صورية مولوجي، في انتظار أن يحذو حذوها وزراء آخرون قريبا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!