-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صليبية – لائكية

صليبية – لائكية

سيقول أناس إن في هذا العنوان تناقضا، لأنه يجمع بين متناقضين هما الصليبية وهي الغلو في النصرانية، واللائكية وهي التطرف في معاداة الأولى، ولكن هذا التناقض يمَّحي ويزول في دولة واحدة هي فرنسا “أم البدع”، فهي دولة “مسيحية-لائكية” كما وصفها الإمام الإبراهيمي.

إن استفسار الإمام الإبراهيمي: “هل دولة فرنسيا لائكية؟” (الآثار 3/95) هو استفسار تقريري، لأن الإمام يجيب عن تساؤله قائلا: “لائكية في الظاهر، مسيحية في الواقع”. (الآثار 3/60)، ولو لم تكن كذلك فكيف تجيز لنفسها رغم دستورها “تنصيب مسيحي على رأس جمعية دينية إسلامية” في الجزائر. (الآثار 3/145).

قد يجادل آخرون عن ذلك السلوك فيقول: تلك أيام مضت وانقضت، وهؤلاء القائلون إنما يجادلون عن فرنسا بالباطل، لأنهم يعلمون ظاهرا من أمورها ولكنهم عن حقيقتها غافلون، واستنطقوا تاريخها إن كنتم في ذلك من الممترين.

يقول الإمام محمد عبده الذي لم يمسسه أذى من فرنسا: “لا توجد أمة تبغض المسلم، لأنه مسلم، لا لأمر آخر، إلا فرنسا”، (محمد رشيد رضا: تاريخ الإمام محمد عبده. ج1، ص 872)، والإمام لم يقل “دولة” مما يشير إلى إمكانية تغيير سياستها، ولكنه قال: “أمة”.

إن الروح الصليبية متجذرة في أعماق النفس الفرنسية الجماعية “تجمهرت فرنسا أو تدكترت” كما يؤكد الإمام الإبراهيمي، بصرف النظر عن ممارسة الفرنسيين لطقوس النصرانية، ويختصر هذا المعنى قول أحد بطانة الملك لويس الرابع عشر، وهو بيير دوبوا: “إن المسلمين أعداء المجتمع المسيحي الطبيعيون، وعليه ينبغي أن يحاربوا ويطردوا مثلما يحارب المجتمع المتمدن الأشرار ويعاقبهم”. (مارسيل بوزار: إنسانية الإسلام، ص13).

إن الحروب الصليبية “اختراع فرنسي”، دعوة، وداع، ومكان دعوة.. وأكّدها احتلال فرنسا للجزائر، الذي هو “قرن من الصليبية نجم، لا جيش من الفرنسيين هجم”. إن ثمانية قرون بين “نهاية” الحروب الصليبية وبين احتلال دمشق في بداية عشرينيات القرن العشرين لم تنس الصليبي الجنرال غورو القائل عند ضريح المجاهد صلاح الدين: “ها قد عدنا يا صلاح الدين” – ولم تنس الصليبي – اللائكي جورج بيدو نزعته الصليبية عندما قال في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي: “إن الصليب سيحطم الهلال”، (هنري أليغ: حرب الجزائر. 1).

وها هي فرنسا – الصليبية – اللائكية، او اللائكية – الصليبية تطارد الحشمة والحياء والإنسانية بمنعها العفيفات المسلمات من سِتر ما أمرهن الله – عز وجل – بستره، منتصرة للوقاحة والحيوانية، متسترة بلائكيتها الصليبية “لا مكان للرموز الدينية في المدرسة” كما يقول ماكرونها.

إن “عقلية فرنسا لا تستوعب التاريخ”، كما قال المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي (مجلة الدوحة. ماي 1982، ص338)، وفرنسا تجهل قول الإمام عبد الحميد ابن باديس: “تستطيع الظروف أن تكيّفنا، ولكنها لا تستطيع – بإذن الله – أن تقهرنا”، والله متم نوره ولو كره الفرنسيون الصليبيون – اللائكيون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!