الرأي

ضرورة اتحاد القوى الوطنية المحافظة اليوم..

محمد سليم قلالة
  • 945
  • 8
ح.م

أكثر من بلد عربي، لم يعرف منذ نحو عشر سنوات استقرارا من شأنه أن يَسمح له بالانطلاق في بناء مؤسسات جديدة أو تطوير أو تحسين القائم منها، رغم الثورات..! هل هي صدفة أن لا يَخرج أي بلد عربي “جمهوري” من أزمة حتى يدخل في أخرى بما في ذلك  تلك التي اعتقد الجميع أنها عرفت الطريق الآمن نحو تجسيد العنوان “الشِّعار” المرفوع: الحكم الديمقراطي؟ ما الذي يحدث وما الذي سيحدث؟

سِت بلدان عربية عرفت ثورات ما يُسمى بالربيع العربي، مازالت لم تتوقف بها الاضطرابات (سوريا، اليمن، ليبيا، العراق، مصر)، و ثلاث بلدان عرفت ما سُمِّي بالموجة الثانية من هذا الربيع مازالت تعيش حالة من الاحتقان وهي مُعرَّضة لكافة الاحتمالات (السودان، لبنان، الجزائر).

وبلد واحد تجاوز أول خط من الصعوبات بإجراء انتخابات نزيهة (تونس)، ولكنه لم يتمكن من معرفة الاستقرار المؤسساتي لحد الآن (تبدل سريع للحكومات، صعوبات اقتصادية، ضغط  خارجي من قوى مناهضة لحركة النهضة خاصة للدفع باتجاه التغريب..)، مما يعني أنه هو الآخر لم يخرج من عنق الزجاجة بعد..

ألا يعني هذا أن هناك صنفا من البلاد العربية دون الأخرى، مازال يُدفَع دفعا نحو خيارات مُعيَّنة؟ ما هي هذه الخيارات؟ وما العمل تجاهها؟

يبدو لي أننا نَمر بمرحلة يمكن تسميتها بمرحلة التغيير المُوجَّه، حيث يمكنك أن تتغير ولكن ليس كما تريد، إنما كما يريد النظام العالمي المُهيمِن، أي أنه  يُسمَح لك بإحداث تغيير، ولكن ليس من منطلق مقوماتك وخصائصك الذاتية حتى وإن أردت، وبالأخص لن يُسمَح لك بتغيير وطني محافظ، حتى ولو كان عبر صندوق الانتخابات..

كل ما هو مسموح به اليوم هو إما أن يُسفِر هذا التغيير المُرتَقَب عن تحول في السلطة لصالح قوى تغريبية متماهية مع النظام العالمي، أو أن تستمر الدول المَعنية بذلك في حالة اضطرابات متجددة هدفها الاساس هو منع كل امكانية لتحالف القوى الوطنية  المحافظة  لأجل إقامة بديل متميز حضاريا عن الغرب المهيمن..

هو ذا السيناريو الذي يتم تجسيده تدريجيا تجاه بلداننا، وهو ما ينبغي علينا إدراكه والتعامل معه إن لم يكن التصدي له.. وليس أمامنا سوى بديل واحد هو اتحاد القوى الوطنية المحافظة ضد التغريب.. لأنه إذا لم يحدث ذلك فإن قوى التغريب ستستقوى بالنظام العالمي المهيمن لتحويل مجتمعاتنا تدريجيا بعيدا عن إطارها الحضاري باسم التطلع نحو الحداثة والعصرنة وباسم التمسك بالأداة الديمقراطية كوسيلة، وهي التي تعلم علم اليقين أنها أول ما يرفض هذه  الأداة الديمقراطية، إذا لم يتم التلاعب بها لِتُسفر عن النتائج التي ترضيها… وما التجربتان المصرية سنة 2013 والجزائرية 1992 عنّا ببعيدتين..

مقالات ذات صلة