-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عاموس و”جنازة سوريا”!

حسين لقرع
  • 1732
  • 0
عاموس و”جنازة سوريا”!

كل المؤشّرات تدل هذه الأيام على أن انقسام سوريا قد أصبح في حكم الأمر الواقع، وإن لم يتمّ بعدُ رسمياً.الجيش السوري بلغ درجة من الوهن جعلته يكتفي بدور المدافع عن المدن والأراضي التي لا تزال تحت سيطرته وخاصة دمشق وعدد من المدن الكبرى ومنطقة الساحل، في حين ترك “داعش” تستولي على نصف الأراضي السورية، ومختلف الفصائل المسلحة تسيطر على نحو 20 بالمائة.

وتدلّ الانسحابات المتتالية للجيش السوري في الأشهر الأخيرة أمام المعارضة المسلّحة، على أن النظام بدأ يتقبّل فكرة خروج أراض سورية عن سيطرته وهيمنة المعارضة عليها، في حين يتصاعد الحديث عن أن النظام يستعدّ للسيناريو الأسوأ، وهو الانتقال إلى الساحل، حيث تتمركز حاضنته الشعبية التقليدية لإقامة دويلة علوية هناك، إذا انتصرت المعارضة عليه وافتكّت منه دمشق، وإن كان هذا الاحتمال غير وارد في المدى القريب على الأقل.

وفي الأثناء، يواصل الأكراد مساعيهم لطرد  داعش” من مختلف المدن والبلدات الكردية في شمال سوريا بدعم الطيران الأمريكي، والمريب في الأمر هو منع العائلات العربية والتركمانية من العودة إلى بيوتها بمدينة تلّ أبيض بعد تحريرها، حسب تقارير عديدة متواترة هذه الأيام، ما يعني أن هناك عمليات تطهير عرقي واضحة تهدف إلى تهيئة الأجواء لإقامة دولة كردية في شمال سوريا، وهو ما تفطّنت إليه تركيا فأعلنت استعدادها لإرسال 12 ألف جندي إلى المنطقة للحؤول دونها، حتى لا يغري ذلك أكراد تركيا بالانفصال عنها.

في ظلّ تراجُع الجيش السوري إذن بسبب تآكل قدراته بعد أربع سنوات من الحرب الطاحنة، يبدو الانقسامُ في سوريا أمراً واقعاً لعدم قدرة الجيش على استعادة زمام المبادرة فيما يبدو.. سوريا لم تعد قائمة كدولة موحّدة، بل أضحت تضمّ أربعة كيانات على الأقل، منقسمة بين النظام و”داعش” والأكراد والمعارضة المسلحة، إن لم تتفكك أكثر في الأشهر القادمة وتقيم فصائل أخرى المزيد من “الإمارات الإسلامية” بالمناطق التي تسيطر عليها.

 هذا يعني أن الثورة السورية التي اندلعت في مارس2011 لإسقاط النظام، قد فشلت في تحقيق هذا الهدف. وبدل ذلك، قادت البلادَ إلى الانقسام العملي، وربّما إلى الانقسام الرسمي لاحقاً على أسس طائفية وعرقية إذا لم يستطع أي طرف تحقيق الحسم العسكري وبقي الوضع يراوح مكانه سنوات أخرى، وبالتأكيد سيمتدّ ذلك إلى العراق وتركيا على الأقل في مرحلةٍ أولى، ثم سيمتدّ الحريق إلى دول أخرى…

وحده الحل السلمي أو تحقيق تسوية بين النظام والمعارضة يمنع تفكّك سوريا، لكن هذا الاحتمال ضعيف، والمعارضة وكذا الدول الإقليمية لا تزال تفضّل خيار القوة لإسقاط الأسد، كما أن هذا الوضع يخدم الدول الغربية التي تخطط لـ”سايكس بيكو 2″ وإعادة تقسيم المنطقة العربية على أسس طائفية وعرقية وقبلية، وليس أمامها فرصة أفضل من هذه للشروع في تنفيذ مخططها والبدء بسوريا والعراق.. وما يحزّ في النفس أكثر، بعد كل هذا، أن يظهر عاموس جلعاد مستشار وزير الدفاع الصهيوني ويصرّح بتشفٍّ وشماتة قائلاً: “سوريا انتهت.. سوريا تموت.. وسيُعلن موعدُ جنازتها في الوقت المناسب”! 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • بدون اسم

    الصواب هو أن:
    -المظاهرات منذ انطلاقها كانت تطالب بإسقاط النظام ولم يصغ محركوها والقائمون عليها لأي نداء للحوار لأن قرارهم أصبح بيد جهات إقليمية ودولية.
    -أول من نادى بالحوار في بداية الأزمة بين المعرضة والنظام هو السيد حسن نصر الله في أكثر من خطاب وهذا أمر موثق.
    -حزب الله كان آخر المتدخلين في سوريا لما تبين أن المستهدف هو محور المقاومة ومسألة الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية ماهي الا شعارات فارغة للتغطية ليس إلا و هذا ما أكدته الأحداث المتعاقبة فيما بعد.

  • أيوب الصابر

    من الذي رفع شعار الأسد أو نحرق البلد ؟ لم تكن مطالب الثورة السورية إسقاط النظام ولكن فتح المجال أمام المعارضة للمشاركة في العمل السياسي وحرية التعبير وعدالة إجتماعية تحول دون استئثار العلويين بخيرات البلد وهي مطالب مشروعة لأي شعب قوبلت بالرصاص والبراميل المتفجرة ودخول إيران وحزب الله خط المواجهة بشعارات "لبيك ياحسين" و"زينب لا تسبى مرتين" وغيرها من الشعارات الطائفية وانتهت إلى مانراه اليوم من تمزق وهذه هي طبائع الإستبداد ومآلات الأنظمة الديكتاتورية التي لا تتعظ بتجارب غيرها.

  • محمد63

    منذ بداية الأزمة في سوريا والعقلاء ينصحون بالحوار بين المعارضة والنظام غير أن سماسرة الفتنة وتجار الموت وعملاء أمريكا وإسرائيل من أعراب الخليج ودول الجوار أبوا إلا أن تصبح سوريا خرابا كما نراها اليوم بعد أن كانت مضرب المثل في التماسك والتعايش السلمي بين شعبها المتعدد العرقيات والإثنيات والمذاهب.
    أي ثورة هذه التي مزقت وطنا وشردت شعبا واستبدلته بعصابات الإجرام الدموية وقطعان التكفير الوحشية الوافدة من شتى أصقاع العالم.؟
    هانحن نرى اليوم أن من أشعل النيران في سوريا أمس أصبح يحترق بلهيبها اليوم .