عبد العزيز رحابي للشروق: موقف الجزائر “غير مفهوم” من الثورة الليبية وإرسال مرتزقة اتهام باطل
انتقد وزير الإعلام والثقافة الأسبق، عبد العزيز رحابي، ضبابية الموقف الرسمي من الأحداث التي تعيشها ليبيا، وحذر من تداعيات هذا الموقف “غير مفهوم” على مستقبل العلاقات بين الجزائر وطرابلس في ظل الرفض العربي والدولي لبقاء العقيد معمر القذافي في هرم السلطة.
-
وقال رحابي إن ضبابية الموقف الجزائري تجلت من خلال تغطية الإعلام الرسمي للثورة الليبية، والذي ميّزه غياب إجماع حول المصطلحات المستعملة في وصف الثورة، فهناك من أطلق عليهم كلمة “الثوار”، وهناك من سماهم “المتمردين”، وثالث يسميهم “المعارضة”، واعتبر هذا التذبذب غياب رؤية واضحة واستراتيجية مدروسة للتعاطي مع المعضلة الليبية.
-
وذكر الوزير الأسبق في لقاء مع الشروق: “كنت أتمنى أن تساند الجزائر الدعوة إلى حظر جوي في ليبيا حتى لا نكسّر الإجماع العربي، بحكم أن الجزائر دولة جارة لليبيا ويجب أن يكون لها دور هناك، وكذا لأن تداعيات الأزمة السياسية والعسكرية تمسها مباشرة”.
-
وحذر المتحدث من اتساع الهوة بين توجه الشارع الداعم للثورة والرافض لانتهاكات القذافي لحقوق الشعب الليبي، وبين الموقف الرسمي الذي يبدو أنه “لم يراع الشعور الوطني، ومن ثم فهو لم يخدم الإجماع حول السياسة الخارجية، ما يتعين على الحكومة تبرير موقفها وإقناع شعبها، وهذا شرط أساس لاستقرار البلاد”، نافيا بالمناسبة أن تكون الطائرات الجزائرية قد نقلت مرتزقة لمساندة القذافي في قمع الثوار.
-
سفير الجزائر بإسبانيا سابقا، حذر من “تداعيات موقف الجزائر من الثورة الليبية، سيما بعد ما تأكد الجميع بأن القذافي خسر كل فرصه للبقاء في السلطة”، وأضاف “من مصلحة السلطات الجزائرية التعامل ببراغماتية مع الحقائق الجديدة في المنطقة، لأن مغرب التسعينيات انتهى، وهناك ميلاد مغرب جديد تراجعت فيه الإيديولوجية، وبرز فيه التوافق حول مبادئ الحرية والكرامة والتنمية”.
-
وللحفاظ على الريادة التي اكتسبتها البلاد بفضل ثورتها وتضحيات رجالها، قال رحابي إنه “يتعين على الحكومة مواكبة وتيرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة، قبل أن تُفرض عليها بأجندة خارجية”، مؤكدا على أن الجزائر ليست في منآى عن الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية.
-
ونبّه الدبلوماسي السابق إلى أن الاستمرار في السياسة الراهنة من شأنه أن “يحول الجزائر كوريا شمالية جديدة في شمال إفريقيا مع بعض الخصوصيات إذا ما تسمرنا في جدلية اعتماد الأحزاب، في وقت تسير الإصلاحات في دول مجاورة بسرعة كبيرة”، لافتا إلى أن القلاقل التي تحيط بالبلاد لا يمكن مواجهتها بـ”إصلاحات عميقة وشاملة تعيد الثقة بين السلطة والشعب، وأول ما يتعين القيام به تحديد عدد العهدات الرئاسية واسترجاع البرلمان صلاحيته المفقودة في الرقابة على الأداء الحكومي، والفصل بين السلطات، وتكريس استقلالية العدالة ورفع الضغوط عن القضاة، وهذه هي ركائز المجتمع العصري”.
-
كما شدد المتحدث على ضرورة فتح الإعلام السمعي البصري أمام الخواص حتى لا يقع الجزائريون صغارا وكبارا رهينة للقنوات الأجنبية التي تصنع المخيال الوطني وتشكل خطرا على الهوية الوطنية، رافضا التبريرات المرفوعة، والتي مفادها أن فتح هذا القطاع من شأنه أن يقع تحت نفوذ وسيطرة أصحاب المال والمصالح.
-
عبد العزيز رحابي استغرب من جهة أخرى الموقف الرسمي من الثورتين التونسية والمصرية، وقال “مازلت حتى الآن اعتبر موقف الجزائر من الثورة التونسية مخجلا. فإلى غاية اليوم لم نرسل رسالة واضحة لتهنئة الشعب التونسي ومؤازرته، بالرغم من التعاطف الكبير الذي أبداه الشعب الجزائري مع الثورة التونسية.. نحن مدينون للتونسيين، لأنهم وقفوا إلى جانب الثورة وآزرونا واقتسموا معنا المحن”.
-
ويضيف “أما بالنسبة للموقف الرسمي من ثورة مصر فكان متذبذبا، وكان يتعين الوقوف معها بوضوح، لاعتبارات جيو استراتيجية، فمصر ستفرض نفسها كقوة إعلامية رائدة في المنطقة على المدى القصير، وستحد من نفوذ قناة الجزيرة، بفضل إنتاجها الفكري الغزير”، مشيرا إلى أن الثورة المصرية ستكون المحرك للتيار المدني والديمقراطي في العالم العربي، ما يسقط الأسطورة التي يروج لها الغرب والقائلة بأن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.
-
وزير الإعلام الأسبق شدد على ضرورة التمعن في التداعيات الاستراتيجية للثورات التي تعيشها المنطقة العربية، قائلا بأنها “ستفرض نفوذها ومشروعها السياسي والاجتماعي على باقي الدول العربية، وقد تخسر الجزائر فرصتها التاريخية لإثبات وجودها كقوة إقليمية، ليس فقط في منطقة الساحل والصحراء الكبرى، وإنما في العالم العربي والبحر المتوسط”.