-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عبرات في توديع صديقنا الأستاذ عيسى ميقاري

عبرات في توديع صديقنا الأستاذ عيسى ميقاري
الأرشيف

من الناس معارف.. ومنهم أصدقاء..

ومنهم أناس هم قطع من القلب وأشقاء الروح..

ونحن نعد الخطى في دروب الحياة نحو الغاية التي لابد أن يردها الأحياء في كل منعرج منها يمضي حبيب أو صديق إلى طيته ثم لا يعود ليعذبنا الحنين والذكريات التي لا تفتأ تتراقص أمامنا في كل حين فلا نملك حيال تلك العذابات إلا أن نستعصم بعرى وثيقة من الإيمان بالله والتسليم لقضائه “وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله إليه راجعون “.

لقد صاحبت أخي وصديقي الأستاذ عيسى خمس سنوات أو تزيد وكنا زميلي عمل وحمَلة رسالة، فعرفت فيه المفكر الذي لا تطيش له حصاة، والأديب الرقيق الذي تهزه الكلمة الجميلة والتعبير البليغ، والمتحدث اللبق صاحب البسمة الشفيفة التي لا التي لا تفتأ تذكرها له شاشات التلفزيون التي تحدث فيها أو أدار حوارات في اقتدار وتمكن على مدى عقدين من الزمن أو أكثر .

وإني مما أذكره من أخلاق هذا الرجل أنني ما سمعته يوما نطق هجرا أو فاه فحشا على كثرة ما عضه من الظلم والإبعاد يوم أن كان يقدم التافهون ويخزى القادرون، فقد حرم من الترقية وكان لذلك أهلا ورقي من كان دونه بمراحل، وحرم من السكن وكان من مستحقيه وقضى دهرا من عمره يتنقل من مكان إلى آخر جريا وراء سكن يأوي أولاده، وكان أحيانا يبثني بعض ما يجد من ألم المظالم التي سلطت عليه حتى كنت أضيق بصبره ذرعا فكان رحمه الله يقول لي بلسان الزاهد في هذه الحياة الدنيا أو الفيلسوف المستعلي عن صغائرها لقد يئست من فلان (إشارة إلى ظالمه) حتى صار لا يهمني ظلمه ولا عدله، ولا منعه ولا نوله .

وفي النية إذا تنفس بي العمر وساعفتني الأقدار أن أكتب صفحات في بعض أحزان دار الأيتام ومهازلها، أكتبها شهادة لله ثم للتاريخ لتعلم الأجيال بعدنا كيف تغتال المشاريع الكبرى في الأمة إذا وسد الأمر إلى أناس ذوي عقول مختلة ونفوس معتلة .

إن حملة الفكرة، وحراس العقيدة، والدعاة إلى الخير لا يموتون وإنما الذي يموت منهم هو هياكلهم المادية التي تعود إلى أصلها وأما أفكارهم وعقائدهم فمن شرف مقصدها يكتب لأصحابها الخلود .

أخي الحبيب تودعنا اليوم كعهدي بك دائما في صمت من غير ضجيج وفي النفس من فراقك لوعة وفي العين دمعة، لكنك قد صرت إلى دار تلاشت فيها الأكاذيب وامحت التزاويق والنفاق وتلك رذائل كنت تمقتها وإني وإن بكيتك في الأصباح والأماسي وإن استبكيت عليك أسراب الطير وحبات المطر، وذرات الريح فليس ذلك بنافعك شيئا وإنما الذي ينفعك منا وقد إلى الدار الباقية أن أستمطر سوابغ الرحمات، وهوامي الدعوات على روحك الرقيقة الحالمة وأن يجمعنا الله وإياك تحت ظل عرشه في زمرة المتحابين بروحه بينهم فقد أحببناك حبا هو أطهر من علائق الدنيا الكذوب وأوهاقها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • علي عبد الله الجزائري

    اللهم اغفر له واللهم ارحمه
    عيسى ميقاري احد مؤسسي قناة القرآن الخامسة
    والتي تعد احدى القنوات المحافظة و النادرة في الاعلام الناطق بالعربية
    الاعلام الذي خرب عقول الاجيال الصاعدة بكل ما هو معادي للثقافة والعقيدة المسلمة
    قناة القرآن تحاول بكل جهدها حفظ قيمنا وثوابتنا في ظل محيط مرتبك ومتواطئ مع تيارات تغريبية تحاول بكل ما اوتيت تحطيم ما بقي من قيم محافظة وسط المجتمع الجزائري

  • محمد قذيفه

    كان مصباحا ينير درب التائهين والمتعطشين لمعرفة دينهم ، عندما أسمعه يذكرني بالشيخ الغزالي ، هناك صدق وعفويه وسلاسة وحب في حديثه ، اللهم اغفر له وارحمه وأسكنه الفردوس الاعلى

  • صيد خالد

    فقدت الجزائر مثقفا وداعية إسلامية ومنارة علمية من خلال كلامه تلتمس الصدق وترتاح إليه النفوس ، يمتاز بالهدوء والرزانة ، فاللهم انزل عليه شآبيب رحمتك وغفرانك وأسكنه فسيح جنانك . واخلف الجزائر خيرا منه .

  • صيد خالد

    فقدت الجزائر مثقفا وداعية إسلامية ومنارة علمية من خلال كلامه تلتمس الصدق وترتاح إليه النفوس ، يمتاز بالهدوء والرزانة ، فاللهم تغمد روحه الطاهرة بواسع رحمتك وأسكنه فسيح جنانك . واخلف الجزائر خيرا منه .

  • Samir Kazouit

    سلمك الله دكتور ..ورحم الراحل الكبير ..وعوض الجزائر والأمة خيرا

  • adrari

    اللهم اغفر له وارحمه وارزق اهله الصبر والسلوان واخلفه فيهم خيرا

  • عقبة

    المرحوم كان يشغل منصب مدير بوزارة الاوقاف
    ولست ادري ماهي الترقية التي حرم منها , ورُقّي إليها من هم دونه؟
    نسأل الله ان يرقى في جنة الخلد