-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عشنا وشفنا؟!

الشروق أونلاين
  • 4999
  • 1
عشنا وشفنا؟!

يتصوّر البعض أنّه من خلال إقامته احتفالات طيلة شهر، من أجل إحياء ذكرى الثامن ماي، تحت عنوان “حتى لا ننسى”، يكون بذلك، قد أدّى الرسالة وبلّغ الأمانة، وحافظ على دماء الشهداء، معتقدا لوهلة، أنّ هذا الشعب، بمختلف فئاته، بلا عقل ولا وعي، ليدرك أنّ الذين يزعمون ممارسة التذكّر وعدم النسيان هم جزء من السلطة، بوزرائها ونوابها ومثقفيها وأتباعها، هؤلاء الذين يمنعون أو يمتنعون حتى اليوم عن إصدار قانون لتجريم الاستعمار؟!

من يتذكّر الظروف التي أحاطت بصدور قانون 23 فبراير 2005 في البرلمان الفرنسي والذي يتضمن في مادته الرابعة الحديث عن ضرورة تدريس التواجد الإيجابي للاستعمار الفرنسي في الجزائر، سيكتشف لا محالة، أن جميع من يُصدِّعون رؤوسنا اليوم بالكلام والثرثرة عن تجريم الاستعمار في مقابل تمجيده من طرف الآخر، هم كاذبون وواهمون ومنافقون، والدليل أن القانون الفرنسي، سالف الذكر، استمر الكلام عنه قبل إصداره، حوالي سنتين وأكثر، دون أي ردّ فعل بارز من طرف الجزائريين، الرسميين منهم وغير الرسميين، حتى من جيل الثورة الماسك بالسلطة، والذي يرى وزير خارجية فرنسا أنه يعيق تقدم العلاقات بين البلدين؟!

نحن بصدد نفاق سياسي وتاريخي من الطراز الرفيع، وكذبة تحاول الالتفاف حول نفسها من خلال إثارة النقاش العقيم مجدّدا، والمرتبط بصراعات فصل الصيف المتكررة، مع اختلاف الشخوص، هذه المرة بين علي كافي وسعيد سعدي، دون التوجه مباشرة لوضع اليد على الجرح، والحديث عن طابور خامس، يمنع حتى الآن صدور قانون يُجرّم المستعمر وأفعاله؟!

إلى متى سيظل هؤلاء الماسكون بزمام الأمور يستغفلون الشعب ويضحكون على ذقنه؟ أيّ فائدة ترجى من رسم احتفالات فارغة الشكل والمحتوى، واختيار عناوين وشعارات برّاقة لها، على شاكلة “حتى لا ننسى”، في وجود رغبة حقيقية لدى البعض، بمحو ذاكرة الشعب من خلال الحيلولة دون استرجاع حقه التاريخي؟! هل يكفي بثّ أفلام ثورية وإقامة معارض صور وندوات لا يحضرها أحد، ونظم قصائد وأناشيد حماسية حتى يتحول البعض إلى وطنيين وثوريين ومناضلين؟!

قبل فترة، حاول رئيس الدبلوماسية الفرنسية، برنار كوشنير، اللعب على الوتر الحساس من خلال زعمه أن جيل الاستقلال لا يبالي بالحصول على اعتذار فرنسي عن جرائم المستعمر، وهو مخطئ تماما، فلو عاين أولئك الذين خرجوا للشوارع، وهتفوا ضدّ من سبّوا الشهداء في الأزمة الأخيرة مع المصريين، لأدرك أن أعمارهم أصغر بكثير مما يتوقع وأمثاله، لكن في الآن ذاته، يخطئ البعض حين يعتقدون أن الشباب المتصالح مع تاريخه، والمتمسِّك بعظمة ثورته، متصالح أيضاً مع السلطة، فالفرق شاسع بين الثورة والسلطة، ورجال هذه الأخيرة ليسوا بالضرورة من نوعية رجال الأولى، ثمّ، ألم يحن الوقت بعد لوقف التعامل مع بعض المسؤولين في الوقت الحاضر، على أنهم جزء من الثورة، أو كأنهم الشهداء الأحياء؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • raouf

    و الله عندك حق