-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عندما تعاقب الفلوجة على صمودها

سلطان بركاني
  • 2384
  • 0
عندما تعاقب الفلوجة على صمودها

في خضمّ الحملة العسكرية التي بدأت تشنّها القوات الحكومية العراقية مدعومة بقوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا وبالحرس الثّوري الإيرانيّ ومليشيا الحشد الشّعبيّ، على مدينة الفلوجة، بالتزامن مع حصار خانق فُرض على المدينة منذ أكثر من عامين، تداولت مواقع التواصل الاجتماعيّ خلال الأيام القليلة الماضية مقطعا مصورا، يُظهر إقدام عناصر من مليشيات الحشد الشيعيّ في العراق على ذبح 17 مسلما سنيا في منطقة الكرمة شرقي الفلوجة، يُعتقد أنّهم مدنيون وُجّهت لهم تهمة الانتماء إلى تنظيم “داعش”، وتأتي هذه العملية التي تفوق في بشاعتها ما تقترفه “داعش” نفسها، في أعقاب حملات تحريض طائفي متصاعد تبنّاها قياديون بارزون في الحشد الطّائفيّ، وصلت إلى حدّ التّهديد بقتل أطفال الفلّوجة واستباحة أعراض نسائها، وإبادة أهلها الذين رضخوا لحكم داعش وقبلوا به!.

لو صدق قادة هذه المليشيات لقالوا إنّهم يريدون أن يثأروا لأسيادهم الأمريكان من هذه المدينة التي كانت قلعةً للمقاومة، لقّنت المحتلّ الأمريكيّ درسا لن ينساه في الصّمود، وجعلت الرئيس الأمريكيّ جورج بوش يعترف بضراوة المواجهات التي لقيّها جنوده المدجّجون بأحدث أنواع الأسلحة والمدعومون بطيران أمطر المدينة بشتى أنواع القنابل على مدار أكثر من 5 أشهر كاملة منذ العام 2004م، واضطُرّ لاستعمال قنابل الفسفور الأبيض وقنابل النابالم شديدة الاحتراق، وأسلحة محظورة أخرى، لم تسعفه لتحقيق شيء يذكر على الأرض، وقد كبّده الزّحف البريّ على هذه المدينة مقتل أكثر من 2220 جنديٍّ من نخبة جنوده، في مواجهة غير متكافئة مع ما يقلّ عن 600 مقاتل، أقضّوا مضاجع المحتلّ حتى أواخر العام 2007م، بينما كان الخونة أحفاد أبرهة وابن العلقميّ من عملاء أمريكا وإيران في المشهد المقابل للأحداث يعقدون الاجتماعات مع المحتلّ ويتدارسون معه الخطط النّاجعة لإخماد جذوة المقاومة في الفلوجة والأنبار وغيرها من المدن السنية الأبيّة.

لو صدق الطائفيون لقالوا إنّهم يريدون أن يثأروا من هذه المدينة التي جرّعتهم الغصص وألحقت بهم عارا لا يُمحى عنهم أبد الدّهر، عندما كان بضعة مئات من المقاتلين يلقّنون حلفاءَهم الأمريكان درسا كتب على صفحات التّاريخ بأحرف من ذهب، فعظّوا أنامل الغيظ وأضمروا للفلوجة الحقد الأسود، وأخذوا يتحيّنون الفرصة للانتقام من أهاليها، وما أن بدأ الحراك الشّعبيّ سنة 2013م في المناطق السنية ضدّ سياسات الحكومة الطائفية، حتى تنادى الطائفيون لإرهاب هذه المدينة التي كانت في طليعة المدن الثّائرة، لكنّهم فوجئوا بأهاليها يعيدون الكرّة، وينتفضون ضدّ قوات الجيش الطائفيّ ويجبرونها على الخروج من المدينة، وهو ما جعل حكومة المنطقة الخضراء تلجأ إلى القصف المتواصل لأحياء المدينة، والانتقام من أهلها بصورة لا تقلّ وحشية عمّا فعله المحتلّ الأمريكيّ.. وها هي الآن تستعين بالحشود الطائفية وبالمظلّة الأمريكيّة لتشفي غليلها في هذه المدينة الثّائرة متذرّعة بالحرب على داعش.

الحقّ يقال إنّ الطائفيين ليسوا ملومين على استباحة كلّ الوسائل للتّنفيس عن أحقادهم، ولتحقيق أحلامهم المذهبية، ولو بلغ بهم الأمر إلى حدّ يتباهى معه قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيرانيّ، بقيادته لتحركات مليشيات الحشد الطّائفيّ التي تقاتل تحت مظلّة الطّيران الأمريكيّ وعلى عينه.. إنّما اللّوم على حكّام المسلمين الذين شغلهم الخوف على عروشهم عمّا يدبّر ويحاك لبلاد الرافدين، وجعلهم يغضّون أبصارهم عمّا يعانيه أهالي هذه المدينة، ولسان حالهم يقول: “لا نحبّ هذا ولا نرفضه”!.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!