-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عن “الإرهاب الإسلامي السُّنّي”؟!

حسين لقرع
  • 837
  • 0
عن “الإرهاب الإسلامي السُّنّي”؟!

في عهد الرئيس مانويل ماكرون، جهرت فرنسا بعداوتها السافرة للإسلام والمسلمين، ولم تعُد تمارس “التقية السياسية” كما تفعل باقي دول الغرب التي عادة ما تستعمل عباراتٍ حذرة حينما يتعلّق الأمر بالحديث عن هذا الدين علنا، على الأقلّ لمجاملة الدول الإسلامية وللحفاظ على مصالحها الاقتصادية والتجارية معها.

ماكرون هو أوَّلُ من عدّ الرسومَ المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم “حرية تعبير” وأمر بتكبيرها وتعليقها على مؤسسات الدولة، وفي عهده ضُيّق الخناقُ أكثر على الأئمة والمتحجِّبات وأغلِقت المساجد والمصليات بدعوى “مكافحة التطرُّف”، وصدرت قوانين تعسّفية عنصرية تستهدف المسلمين فقط بفرنسا، ورفضت الاتحادية الفرنسية لكرة القدم السماحَ بوقتٍ مستقطع للّاعبين المسلمين الصائمين للإفطار ولو على ماءٍ وحبات تمر، وفرضت عليهم حمل قمصان تحمل ألوان الشواذ وسلبتهم حقّهم في حرية الاختيار…

ويبدو أنّ هذه الإجراءات العنصرية كلّها لم تشفِ غليل فرنسا، ولا بدّ أن تجهر بالمزيد من الحقد والكراهية، إذ أطلق وزير داخليتها جيرالد دارمانان تصريحا استفزازيا جديدا في الولايات المتحدة هاجم فيه الإسلام وقرَنه بالإرهاب، وقال مخاطبا الأمريكيين: “أتينا لنذكّركم أنه بالنسبة إلى الأوربيين ولفرنسا، فإنّ الخطر الأول هو الإرهابُ الإسلاميُّ السُّني، والتعاون بين أجهزة الإستخبارات ضروريٌّ للغاية”!

كان على دارمانان أن يتحدّث مباشرةً عن التنظيمات الإرهابية المعروفة، كـ”داعش” و”القاعدة” وغيرهما من التنظيمات الدموية التي قامت بعمليات كثيرة موجعة في فرنسا والغرب، ويسمّيها بأسمائها، وفي هذه الحالة لن يثير حفيظة أحد، فحتى المسلمون في شتى أنحاء العالم ينبذونها ويتبرّأون منها لوحشيتها وكثرة جرائمها ضدّهم، ويحاربونها بدورهم، ولكنّ أن يستعمل مصطلحَ “الإرهاب الإسلامي السُّنّي”، مباشرة وبلا مواربة، فهي سقطة مدوّية من مسؤول فرنسيّ رفيع كان يُفترض أن يزِن كلّ كلمة ينطق بها ويضعها في سياقها الصحيح، لكنّه تعمّد الخلط بين التنظيمات الإرهابية التي عاني المسلمون بالدرجة الأولى من شرورها وبين الإسلام، للتنفيس عن حقده وكراهيته لهذا الدين الذي ينتشر بسرعة في فرنسا وأوربا وأصبح يقضّ مضاجع مسؤوليها قبل أحزاب اليمين العنصري المتطرّف.

لم يعُد سرّا اليوم أنّ هذه التنظيمات الدموية التي توصَف اليوم -عمدًا ومكرًا- بأنها “إرهابٌ إسلاميٌّ سنّي” هي صناعةٌ غربية بامتياز وتهدف إلى تشويه الإسلام وشَيْطنته وكبح انتشاره في أوربا والعالم، يكفي فقط أن نذكّر بأن “داعش” في العراق وسوريا كان يملك أسلحة ثقيلة لا تملكها جيوشُ بعض الدول الصغيرة، فمن أين أتى بها؟ ثم ماذا يقول الفرنسيون في تصريح وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب في أوت 2022 بأنّ بلاده تملك أدلّة على أنّ فرنسا قد استخدمت طائراتها لجمع معلومات استخباراتية لصالح الجماعات الإرهابية بالساحل وإلقاء الأسلحة والذخيرة إليها، وهي الاتّهامات التي كرّرها رئيسُ الوزراء المالي بالنيابة، عبد الله مايغا، على منبر الأمم المتحدة بمناسبة عقد الدورة الـ77 لجمعيتها العامة في سبتمبر 2022؟

وبالمناسبة نسأل دارمانان: بماذا يُسمِّي إقدامَ فرنسا على إبادة أزيد من 5.6 مليون جزائري خلال 132 سنة من الاحتلال؟

وبماذا يسمِّي قيام الغزاة الأوربيين بإبادة 80 مليون من الهنود الحُمر بالأمريكتين؟

وبماذا يصف ضربَ هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين بقنبلتين نوويتين أمريكيتين في صيف 1945، وكذا قتلَ الغزاة الأمريكيين نحو مليونَيْ فيتنامي؟

وماذا يُطلق على جرائم الأمريكيين والناتو في العراق وأفغانستان وليبيا والصومال وغيرها والتي قتلت الملايين من أبنائها وحوّلتها إلى دول فاشلة تعاني الفقر والإرهاب والانقسام إلى حدّ الساعة؟

وما هي التسمية المناسِبة التي ينبغي أن يطلقها على المذابح الصهيونية المتواصلة بحقّ الفلسطينيين منذ 1948 إلى اليوم؟

الأمثلة كثيرة جدا عن إرهاب الغرب وجرائمه وعنصريته. ولكن ما دام حكّامُ الدول الإسلامية، إلا من في قلبه غيرة، لا يغضبون لدينهم ولا ينتقدون دارمانان بكلمة، فله أن ينعق بما يشاء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!