عود الكبريت المنتظر في لبنان
كل شيء في لبنان أصبح على فوهة بركان الوضع الاجتماعي والسياسي والسياحي.. السلم المدني والدولة والأحزاب والمقاومة، كل شيء قابل للانفجار.. ويبدو أن هذه الوصفة الأمريكية التي يراد منها إخراج لبنان من دائرة الصراع ضد إسرائيل وإغراقه في مستنقع الدم والمشكلات المعقدة..
-
فمنذ بدأ العمل لتشكيل محكمة دولية لمتابعة اغتيال رفيق الحريري و بدأ الإعداد لتسخين المناخ السياسي وإحداث استقطابات حادة في المكون السياسي للبلد.. وبغض النظر عن المتسبب بشكل مباشر في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، تبدو العملية كلها كنقطة ارتكاز لحركة منظمة على أكثر من مستوى لإنجاز الوصفة الأمريكية .
يقف حزب الله اللبناني في عين العاصفة، وتحاول أطراف عديدة جره إلى دائرة الاشتباك وإخراجه من مواقع المقاومة إلى موقع الحرب الأهلية.. والقضية التي يرفع سوطها الآن هي قائمة الاتهام التي من المحتمل أن تشمل عددا من أعضاء حزب الله، حيث يتم حبك التهم بما يجعل من حزب الله وقيادته مطالبين لمحكمة الجنايات الدولية.. وهنا تصدى حزب الله لهذه المحاولة، رافضا التعاطي مع المحكمة أو القبول باتهام كوادره بارتكاب هذه الجريمة، ويرفض حزب الله التهمة، ولأن الضخ الأعلامي كبير ولأن لا أحد يستطيع أن يبرئ نفسه، تظل الشبهات تحوم حول الحزب خاصة من خلال أوساط القوى التي تهتم بالموضوع ..
في خطوة استباقية، قام حزب الله وحلفاؤه بالانسحاب من الحكومة اللبنانية، رافضا أي ترشيح قادم لسعد الحريري في منصب رئاسة الوزراء، وهذا يقسم المكون السياسي إلى اتجاهين متساجلين وتهم متبادلة بين قوى 14آذار وقوى المعارضة.
وهذا في ظل توقف الوساطات العربية بأمر من أمريكا وانتظار قرار المحكمة وتسمية المتهمين في ذلك، والذين سيكونون من أعضاء حزب الله.. وهنا يصعد حزب الله من مواقفه بعد أن يكون قد حقق العدد الكافي لأنصار خياره باحتمال تشكيله لحكومة قادمة بعد أن أصبح حظ سعد الحريري مهزوزا في ظل انحياز الدرزي وليد جمبلاط إلى حزب الله .
القوى السنية تصطف ومعها بعض القوى المسيحية في مواجهة القوى الشيعية ،الأمر الذي يعني احتمال تغيير شروط اللعبة السياسية.. ولن يقبل سنّة لبنان أن يستحوذ الشيعة على رئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء، فيما هم يخرجون من المسرح السياسي، وهم أكثر الطوائف حضورا من حيث العدد ورأس المال وهم أصحاب المدن اللبنانية وأصحاب الدولة تاريخيا .
التخوف السني قائم من احتمال مغامرة يقوم بها حزب الله المسلح باجتياح لبيروت السنية كما حصل في2007، الأمر الذي يعني اندلاع حرب أهلية سيكون من الصعب إيقافها، ثم ستكون هذه فرصة دخول قوى دولية في المسرح، لتحكم الإمساك بخيوط المؤامرة.. وواضح أن أساطيل أمريكية وفرنسية تحركت نحو سواحل لبنان، والكل ينتظر عود الثقاب.
في المشهد اللبناني الطائفي الممزق ليس مهما مع من يكون الحق، لأن الحق الطائفي فوق كل اعتبار، إن المهم هو الخطوة القادمة.. لقد أصبح كل شيء قابلا للانفجار، خاصة اذا حاول حزب الله اللبناني فرض موقفه بالقوة لأنه لا خيارات أخرى أمامه.