الرأي

عِلمٌ يُخرِج من الجنة وعِلمٌ يُدخِل إلى الجنة

في هذه “التوراة” الموجودة الآن، يزعم كثيرٌ من اليهود وكثيرٌ من النصارى أنها من عند الله -عزّ وجلّ- وما هي من عند الله، ولكنّها مما كتبته أيدي أحبارهم، ثم تقوّلوا على الله –عزّ وجلّ- وقالوا: هي من عند الله؛ في هذه “التوراة” كلامٌ مفاده أنّ الشجرة التي نُهِيَ أبونا آدم وأمُّنا حوّاء عن الأكل منها، بل عدم الاقتراب منها، إنّما هي “شجرة المعرفة” والمعرفة اسمٌ من أسماء العِلم.

ونصُّ عبارة “التوراة” المحرَّفة هو: “وأخذ الرّبُّ الإلهُ آدمَ ووضعه في جنة عدْن ليعْلَمها ويحفظها، وأوصى الربُّ الإلهُ آدمَ قائلاً: من جميع شجر الجنّة تأكل أكلا، وأما شجرةُ معرفة الخير والشرّ فلا تأكل منها، لأنّك يوم تأكل منها موتاً تموت. وقال الربّ الإله ليس جيدا أن يكون آدم وحده فاصنع له مُعيناً نظيره”. (سفر التكوين. إصحاح 2. رقم 16. 17. 18. 19).

ونلاحظ أنّ أكلَ آدم من هذه الشجرة لم يُخرجه من الجنّة فقط، ولكنّ أماته.. كما نلاحظ أن أمَّنا حواء إنّما “صُنعت” بعد أكل آدم من شجرة المعرفة.. وإذا كان آدم قد “عصى” ربّه وأكل من الشجرة، فعوقب بإخراجه من الجنّة، فما ذنبُ حواء حتى تخرج هي من الجنة أيضاً؟ لقد صدق “قدِّيسُهم” أوغسطين الذي يقول: “أؤمن بالمسيحية، لأنها دينٌ غير معقول”. و”التوراةُ” و”الإنجيل” معاً يُعدّان عند المسيحيين “كتاباً مقدَّساً”.

يطلق المسلمون على هذا الشهر الفضيل صفاتٍ كثيرة مثل “شهر الرحمة” و”شهر المغفرة” و”شهر التوبة” إلى آخر ما يصفون به شهر رمضان المبارَك، وهي أوصافٌ كلّها صحيحة، وقد جاءت الأخبار بها عن سيّدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- ولكنّنا لا نسمع، أو قليلاً ما نسمع أو نقرأ، أنّ رمضان هو شهرُ العلم، بل الإسلام كله هو دينُ العلم. وقد صدق الشيخ العربي التبسّي –نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين- في قوله “الإسلامُ دينٌ غذاؤُه العلم”، و”دعائمه التي يقوم عليها بنيانه العلم”.. ولهذا قضى أعضاء “جمعية العلماء” سوادهم وبياضهم تعليما للعلم ونشرا له، وقضًّا عليه، وترغيبا فيه..

إنّ الدليل الأقطع والحجة الأبلغ على أنّ الإسلام هو دينُ العلم هو أنّ كتابَه الأقوم أنزِل في شهر رمضان، بنصّ القرآن، ولكنّه لم يأمر الرسولَ –صلى اللهُ عليه وسلّم – بالصوم، ولا بالصلاة، ولا بالزكاة، ولا بالحج؛ ولكنه أمره بالقراءة، في قوله تعالى: “اقرأ باسم ربّك الذي خلق”. والأمرُ لكلّ مسلم، ذكراً أو أنثى، وهو مطلقٌ وغير مقيّد بنوع من العلوم، وهو غير مقيّد بسنّ معيّنة بدءا وختاما، وقد أقسم الله بآلة العلم، وهي “القلم”، وإنّ طالبَ العلم تستغفر له جميعُ الكائنات حتى الحيتان في البحر، كما جاء في حديث من بعثه اللهُ –عزّ وجلّ- معلّما، صلى اللهُ عليه وسلم.

فأيّ الأديان أحقُّ بالإتّباع؛ دينٌ يُخرِج الإنسانَ من الجنة، أم دينٌ يُدخِله الجنة؟ وكلامي عن الإسلام، لا عن “المسلمين”، الذين استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، والجهلَ بالعلم.

مقالات ذات صلة