-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

غولاني وتركة ليوطي

غولاني وتركة ليوطي
ح.م
جنود الاحتلال الاسرائيلي المشاركون في مناورات المغرب

بلغ مسلسل التطبيع بين النظام المغربي والاحتلال الإسرائيلي محطة لم يكن أحدٌ يتوقعها، باستقبال حار لعناصر كتيبة “غولاني” سيئة السمعة التي أوغلت في دماء الفلسطينيين طيلة سنوات.

هذه الجرعة الجديدة من التطبيع، عبر مناورات “الأسد الإفريقي“، لم تكن وحيدة، بل جاءت بالتزامن مع زيارة لرئيس الكنيست، وأيضا إعلان عودة السفير الصهيوني إلى منصبه معزَّزا مكرَّما، بعد أن غادر الرباط بسبب قضية أخلاقية.

والغريب أن إعلام القصر هلَّل لمشاركة قوات النخبة الصهيونية في المناورات، باعتبارها إضافة نوعية لها، وكأنه نسي بسرعة أن هؤلاء ظهروا مثل الفئران خلال مواجهة عناصر المقاومة الفلسطينية في الميدان، ومعركة حي الشجاعية عام 2014 شاهدة على ذلك.

وتجاوز المخزنُ عقدة حساسية العلاقات مع الاحتلال الصهيوني منذ مدة، والدليل أن وزير خارجيته ناصر بوريطة أصبح متهمًّا داخليًّا بالحديث باسم تل أبيب في المنابر الدولية.

وتزامنت هذه الحلقة الجديدة من مسلسل التطبيع، مع ترويج الإعلام المحسوب على سلطات الرباط لقرب وصول بشرى من إسرائيل، بإعلان الاعتراف بـ”مغربية” الصحراء الغربية المحتلة، رغم أن تل أبيب نفسها مازالت تكافح منذ عقود من أجل افتكاك اعتراف دول المنطقة بها كدولة وليس كيانا مغتصبا.

والرباط التي حسمت أمرها بجعل قضية الصحراء الغربية معيارا رئيسيا لقياس درجة حرارة علاقاتها مع الدول الأخرى، وجدت نفسها وجها لوجه مع “حاميتها” السابقة باريس، والتي أصبح سياسيوها يتهمون نظام المغرب بالذهاب بعيدا في ابتزاز شركائه.

وتعالت أصواتٌ في فرنسا للتعبير عن انزعاج مسؤوليها ونخبها من هذا التحول في سياسة الرباط تجاهها، وذلك من مجرد دولة وظيفية وضع أسسَها مؤسسُ المملكة العلوية الماريشال ليوطي، إلى محاولة ارتداء قبعة “استقلالية القرار” وفرض شروط في العلاقة مع الآخرين.

وكان هذا ما عبّر عنه جيرار أرو سفير فرنسا السابق في الأمم المتحدة، الذي نشر قبل أيام تغريدة على تويتر، جاء فيها أن بلاده تدافع منذ عقود لوحدها عن مصالح المغرب داخل مجلس الأمن الأممي، لكن ابتزاز الرباط بشأن مسألة الصحراء الغربية لا ينتهي.

ولم يأت هذا السفير بجديد حول علاقة الرباط بباريس سوى تأكيد المؤكد، بحكم أن تعطل الحل في الصحراء الغربية وتماطل النظام المغربي في تنفيذ المخطط الأممي من أجل إجراء استفتاء تقرير المصير، ما كان ليحدث لولا رعاية باريس داخل مجلس الأمن وحتى خارجه منذ اجتياح الإقليم منتصف السبعينيات.

لكن السياسيين في الرباط والإعلام المحسوب على القصر، يخوضون منذ أشهر حملة مفادها أن باريس تقف ضد مصالح بلادهم، لكنهم لم يجيبوا على سؤال يطرحه الجميع ومنذ عقود وهو: مقابل ماذا دعمت باريس الموقف المغربي من نزاع الصحراء الغربية؟

وبغضّ النظر عن أن فرنسا ظلت أقرب دولة غربية من دواليب القصر المغربي منذ عهد الماريشال ليوطي، فإن هؤلاء كان عليهم تخيل عكس مسار الأحداث التي وقعت بافتراض قيام باريس بدعم  خيار تقرير المصير، والذي معناه انتهاء نزاع اسمه الصحراء الغربية، منذ سنوات، عبر إتاحة الفرصة لشعبها للتصويت في استفتاء نزيه عن خياري الانضمام إلى المملكة أو إقامة دولته.

ويعني حدوث هذا السيناريو تخليص المنطقة من بؤرة توتر تسمِّم العلاقات مع الجيران وبينهم الجزائر، فضلا عن كونها عاملا هاما وراء شلل اتحاد المغرب العربي، الذي لن يرضى المستعمِر السابق أبدا بتشكُّله كقوة تجمع شعوب المنطقة وتوحِّد مواقف دوله بشأن العلاقات مع دول الضفة الأخرى للمتوسط.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!