الرأي

فزورة .. اسمها “مرشح النظام”

حسان زهار
  • 1427
  • 16
ح.م

 الذين فشلوا في إيجاد “مرشح الشعب”.. ومع ذلك يتحدثون باسم الشعب.. هم بالتحديد من يركزون الآن على فزورة “مرشح النظام”.

ترشح عبد المجيد تبون، زاد من حدة “الوسواس القهري” كثيرا، لنشهد شوطا آخر من سيمفونية التشكيك الخالدة.. الرئاسيات المقبلة محسومة سلفا يقولون.. والدليل ترشح وجوه النظام القديم.. تبون.. ثم بن فليس، ثم ميهوبي…

فهل هؤلاء كلهم مرشحو النظام؟ وطبعا الإجابات الجاهزة دائما تنتظر .. يقول جهابذة السياسة الجدد أن هناك الخطة “أ” والخطة “ب” والخطة “ج”..

هرطقات ورجم بالغيب وتشكيك… يستتبع ما بدأته جماعات الرفض المقدس، من شتم وتخوين ودعوة للعصيان ودعوات للانقلاب.. وأخرى لاستعمال العنف لمنع الانتخابات.

الجيش قال بصريح العبارة هذه المرة إن “عصر صناعة الرؤساء قد ولى”.. والسبب أن الجيش الذي رافق الحراك، وقطع دابر العصابة، وأدخل الذين كانوا يصنعون الرؤساء من وراء حجاب إلى السجون، لم يعد بحاجة إلى مرشح له..

في الماضي، كان النظام يصنع الرؤساء، إلا في الحالة البومدينية أين تولى وزير الدفاع بومدين المسؤولية مباشرة، وفي الحالة البوتفليقية، أين فرضه جهاز الاستخبارات في العهدة الثانية.

أما الآن فالوضع مختلف، والذين يتقدمون للترشح، جميعهم لا يحملون مشروعا صداميا مع الجيش، بل هم متوافقون معه في رؤية الحل، ومبدأ المشاركة في الانتخابات والترشح إليها، وحده يؤشر على اتفاق ضمني كهذا.

ذلك أنه في كل دول العالم، بما فيها الأكثر تطورا، أمريكا ، روسيا، فرنسا وغيرها.. لا يمكن أن يتم ترشيح رئيس لا يحظى بدعم وموافقة الجيش والقوى الأمنية الأخرى، القضية هي بعكس ما يروجه بعض السذج عندنا، هي قضية أمن دولة، ولا يعقل منطقيا أن تكون المؤسسة العسكرية والأمنية غائبة عن المشهد.

الفرق هو أن لا يتم فرض مرشح بعينه، وأن تكون كلمة الفصل الأولى والأخيرة للشعب، بين مترشحين لا تعترض عليهم المؤسسة العسكرية والأمنية.

وهذا عكس ما كان يقع في الماضي، حيث يتم اختيار الرئيس .. ثم يتم استدعاء الشعب للتوقيع لا أكثر.

الشعب هذه المرة هو من سيفصل في الأمر، والنظام ليس له مرشح، لا تبون ولا بن فليس ولا ميهوبي ولا بن قريبنة ولا مسدور ولا غيرهم… كل المترشحين الذين يستوفون الشروط المطلوبة قانونيا، ولا تكون حولهم شبهات التخابر مع الأعداء، للإضرار بالمصالح العليا للوطن، ولا يناصبون العداء لمؤسسات الدولة، هم مرشحون والصندوق هو من سيفصل بينهم.

بقي من يسمون بخصوم المؤسسة العسكرية، هل سيواصلون لعبة الشارع ورفض المشاركة والترشح  في هذه الانتخابات أم لا؟

إذا قاطعوا فالجيش في حل من أمره، ومن فاز في انتخابات الـ12 ديسمبر مبروك عليه.

أما إذا تراجع هؤلاء عن منهجهم الحالي، كما هي عادتهم دائما، وقرروا في آخر لحظة المشاركة لخلط الأوراق، عبر الدفع بمرشح أو عدة مترشحين إلى حلبة السباق، فإن الشعب هنا، هو من سيتولى “عقاب” هؤلاء عبر الصناديق، لأن شخصيات جاهرت بعدائها للمؤسسة التي ضمنت بقاء الدولة، لا يمكنه أن يحكم الجزائر.. لأن هذا باختصار ضد منطق الدولة في أي مكان بالعالم.

إذن، لا مرشح للنظام ولا هم يحزنون، من خانه (زهرو يقول بيا السحور)، ومن لا شعبية له، يقول إن الديمقراطية ليست هي الانتخابات وحدها (نموذج آيت العربي)، ويشرع في اتهام السلطة بالتزوير مسبقا.

عندما كان النظام يقدم مرشحه علانية في الماضي، والكل يعرفه، اسما ورسما، لم نكن نسمع هذه الأصوات التي تتباكى اليوم، بل كانت هي أول من يشارك، وأول من يبارك، وعندما سقطت ورقة التوت اليوم عن أسيادهم الذين كانوا يصنعون الرؤساء في المخابر السرية، صحت ضمائرهم فجأة وأصبحوا ديمقراطيين.

وصراحة إن الكثيرين ممن يروجون حاليا لفزورة “مرشح النظام”.. يتمنون في قرارة أنفسهم لو أن النظام يرشحهم هم أو يرشح من يرضون عنه.. لكن وكما يقال طار الحمام.. طار الحمام.

مقالات ذات صلة