-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“فقّير” والأربعون مليون فقير

“فقّير” والأربعون مليون فقير

في مسلسل المدعو نبيل فقّير، وجد الأربعون مليون جزائري، الذين خاضوا في قضيته، أنفسهم في تناقض صارخ، فالذين وصفوه بالخيانة الكبرى، وراحوا يدافعون عن المنتوج المحلي “المزعوم”، لا يجرؤون على توجيه نفس التهمة للكثير من الذين سلّموا البلاد من دون مقابل لفرنسا، وتراصوا في طوابير لا تنتهي طلبا للجنسية الفرنسية، من أجل تغيير جلدتهم إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا، والذين اعتبروه حرا في خياره، وبحثوا له عن عذر بالقول بأن جنسيته رياضية فقط، لا يعلمون بأن ما بين الجزائر وفرنسا تاريخا من الدم، ومن الدم فقط.

وقد يكون رئيس الاتحاد الجزائري، محمد روراوة، الوحيد الذي قال كلمة حق  ربما عن غير قصد عندما قال بأن المدعو فقّير أخذ أكثر من حجمه، لأن البلاد تعج بأربعين مليون فقير “مادي ومعنوي”، كل واحد منهم له من قضايا التردّد والمساومات، وعدم الثقة بالنفس والإحباط، ما يزلزل الأمة، وليس تردّدا فقط في اختيار لون القميص الذي يلعب له فقير في الضفة الأخرى، الذي لن يمنح فرنسا مفاتيح السعادة، حتى ولو حصل لها على كؤوس العالم الثلاث، التي من الممكن أن يشارك فيها إلى غاية 2026، ولن يدفع الجزائر إلى عالم شقاء أكثر من شقوتها الآن، لو غابت عن كأس العالم في المناسبات الثلاث القادمة.

وعندما نرى بأن مواضيع المدعو فقير الإعلامية، تلقى كل هذا الاهتمام والمقروئية الجارفة، عبر كل الصحف والمواقع الجزائرية، ولا تلقى مواضيع شكيب خليل وشركائه الذين ساهموا في تفقير أمة بأكملها، نعرف لماذا اهتم الجزائريون بفقير الضفة الأخرى، ونسوا أربعين مليون فقير.

تتحدث الأسطورة الشهيرة التي تم تحويلها إلى أفلام عربية وفرنسية، كيف تمكن اللص الكبير “علي بابا” من مخادعة أربعين لصا، عندما سرق منهم الوصفة السحرية للحصول على الكنز، والغريب أن الفيلم الذي قدمته السينما العربية عام 1942، من بطولة إسماعيل ياسين، وعلي الكسار، تم تحويله إلى فيلم فرنسي من إخراج جاك بيلير، وبطولة الكوميدي فيرناندال عام 1954، وأصرّ المخرج الفرنسي على إشراك الراقصة العربية سامية جمال، التي بدت شبه عارية وهي ترقص بين أيدي الفرنسيين، في عزّ الثورة الجزائرية.

وإذا كان الفيلم الأول لاسماعيل ياسين قد صوّر علي بابا والأربعين “حرامي” كما في الأسطورة البغدادية، فإن الفيلم الفرنسي صوّر اللصوص الأربعين بألبسة من التقاليد الجزائرية، من “شاش” صحراوي و”قنادير” قسنطينية ووهرانية، وحاول أن يقدم البطل “علي بابا” أو فيرنانديل في قمة الذكاء، وتم توزيع الفيلم في ديسمبر 1954 على قاعات السينما الجزائرية، وكانت رقصات سامية جمال وبلاهة اللصوص بهندامهم الجزائري، هي الديكور والسيناريو الطاغي على الفيلم، وتمر أكثر من ستين سنة، وتقدم فرنسا نموذجا آخر لهته الأسطورة، ولكن ليس من خلال فيلم سينماني قد ينساه الناس في زمن الصوت والصورة المتبخرة في لحظات، وليس من بطولة فرنسية، ولكن من خلال أسلوب حياة وممثلين جزائريين، جعل فقيرا واحدا بالاسم فقط، ينسي أربعين مليون فقير واقعهم المر؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • mohand ettnah

    والله كلامك قمة .نحن 40 مليون فاقد للثقة أنا شخصيا بعض الأيام أجد نفسي أمشي مسرعا لكن الى أين لا أدري وأتدارك وأنا في حيرة من نفسي لمادا أنا داهب في هدا الاتجاه . أما بخصوص الوطنية هاهي السلطة تفتح خزائنها المملوئة بالدولارات لكي تنعش اقتصاد فرنسا المتهالك ولا أحد يقول لهم لمادا تحتظنون فرنسا العارقة في أزماتها الاقتصادية . فرنسا التي قتلت منا 12 مليون جزائري مند 1830

  • بيبو كادي

    يعطيك الصحة يا عبد الناصر انت لقيت الحل انا صار لي اسبوعين حاب نربط قضية بين نبيل فقير والشعب الفقير رغم ان لهذا الشعب ل الوسائل التي تجعله يغير هذه الصفة التي في اخرها ما يشبه سلطان حقير ومن الحمة فقير

  • فتحي

    السلام عليكم
    لا نريد تعميم الكلام على كل الجزاء__ريين ام ان مازلتم في عهد الاشتراكية حتى في الكتابة و التعاليق؟ الست من ال 40مليون جزاء__ري؟ ام انت فقير مثل الفقير الذي تتحدث عنه؟

  • علاوة

    مقال اكثر من رائع احسنت كفيت ووفيت شكرا لك

  • samnadis

    أيّها الكاتب المُحترم المُوفّق...تزيد قيمتك في نفسي كلّما وجّهت انتقادك لهذا الشّعب الّذي احتقر نفسه في أغلبيته ورضي بالدّون... زده لعلّه يستيقض فيقوم بمصالح نفسه وأبنائه، ويهتم بمعالي الأمور لا بسفسافها

  • samnadis

    أيّها الكاتب المُحترم المُوفّق...تزيد قيمتك في نفسي كلّما وجّهت انتقادك لهذا الشّعب الّذي احتقر نفسه في أغلبيته ورضي بالدّون... زده لعلّه يستيقض فيقوم بمصالح نفسه وأبنائه، ويهتم بمعالي الأمور لا بسفسافها

  • hammadi

    السيد عبد الناصر كاتب المقال ، معذرة : انا استاذ مكوّن جزائري احمد الله على نعمته وهناك الملايين من امثالي ومنهم حظرتك فلا داعي للتعميم ، انت تعلم انه في جميع اقطار العالم يوجد فقراء ،،،،
    فلو كل واحد منا يكوم بواجبه وبعمله على احسن وجه لكانت جزائرنا جنّة

  • نصرو الجزائري

    واذا اهتم الشعب لامر اللصوص والمفسدين مالذي يمكنه فعله على ارض الواقع وهو الذي يكابد من اجل لقمة العيش التي سرقت منه حتى نزاهته وراح من اجلها او من اجل مجاراة العصر واحتياجاته يزج بنفسه في متاهات الفساد فكيف به اليوم يوجه التهم وقد بات متهما لاجل دراهم معدودة والسبب يكمن في سياسة اللاقانون واللاعقاب اوتطبيق القانون على الضعفاء فقط وملاحقتهم دون غيرهم والمثل يقول اذا كان رب البيت للدف ضارب فشيمة اهل البيت الرقص

  • جزائري

    كرة القدم عفيون الشعوب تتغذي منه السلطة الفاشلة الرديئة. اسرائيل سيطرت علي العرب الجرب بالعلم لا بكرة القدم التي اصبحت دواء منوم لهذه الشعوب . لست ضد الرياضه ولا كرة القد م ولكني ضد الغلو.