-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“في خاطر”… الحكومة!

الشروق أونلاين
  • 5448
  • 0
“في خاطر”… الحكومة!

الطريقة الاحتفالية المفرطة التي تخصصها اليتيمة هذه الأيام لتعداد انجازات الحكومة في توزيع السكنات على المواطنين في العاصمة وغيرها من المدن، تحمل في طياتها تحريضًا لبقية المواطنين “غير المستفيدين” على الخروج إلى الشارع للحصول على حقهم في أمرين لا ثالث لهما، السكنات في المقام الأول، وكذا الظهور محتفلين مبتهجين على شاشة اليتيمة التي لا تستعرض أخبارها الرئيسية غير عمليات توزيع السكنات، دون إبراز حجم الطلبات أو الاحتياجات المتزايدة هنا وهناك!

المواطنون يشعرون بالغُبن في كثير من المرات، يتسمرون فيها لرؤية غيرهم على شاشة التلفزة الوطنية، وهم يدعون بالخير للرئيس، ويُكبّرون ويهلّلون لحصولهم على أربعة جدران وسقف، ظل الحلم في الحصول عليه مستحيلا، وتحقق بعد عمر طويل، ولا ينتهي طبعا المشهد الإخباري المطبوخ على نار هادئة دون أن يكون محشوّاً، بصورة ربّ عائلة وهو يحمل بين ذراعية طفلا رضيعا، شاءت القدرة الإلهية إنهاء معاناته على يد الحكومة المباركة، ناهيك عن مشهد عجوز طاعنة في السنّ، لا يُهمّها توزيع ما بقي لها من أنفاس، على “تولويلة” أو زغرودة “في خاطر الحكومة” تعود بها شابة في العقد الثاني من العمر!

لكن لماذا تحوّل ما هو واجب في عمل الحكومة إلى سلوك يحتاج إلى تمجيد وإضاعة وقت في شكره وكيل المديح له والإطراء والتنويع في كلمات المجاملة وإلقاء قصائد الغزل والحب المتبادل والهيام المفرط والوله الزائد!

هل تعاني الحكومة من عقدة نقص نحو شعبها، فتخرج لنا الغثّ منهم والسمين في نشرة الثامنة من أجل التهليل لها والتطبيل والتزمير!؟ أم أنه الشعب الذي يظل يشتم الحكومة طيلة حياته وحين يستفيد من سكن أو عمل، تقوده غريزة مدح الحاكم إلى الرقص دون موسيقى أمام كاميرات التلفزيون الرسمية منتشيا بلحظة لا يعرف ماذا سيأتي بعدها!

الكلّ يعرف أن مسائل وقضايا واحتياجات طبيعية ومشروعة، مثل السكن والبطالة، يرتفع فيها الطلب على العرض، كما أن العديد من قوائم السكن والتشغيل باتت الأسماء المستفيدة فيها شرعا وقانونا تتضاءل في مقابل توسّع “كوطة” الانتهازيين من أقارب الأميار والمنتخبين ورؤساء الدوائر والمدراء التنفيذيين وغيرهم من المسؤولين، ولعل ذلك، يعد ذخيرة حية تهدد بتفجير المجتمع في أي لحظة مهما طالت، خصوصا أننا شهدنا الكثير من أعمال الشغب والاحتجاجات التي تعقدت بسبب توسع دائرة المظلومين، كما أن استغلال الحكومة لمنظر المستفيدين المهللين بالحصول على سكنات، يحرض البقية على أخذ حقوقهم بأيديهم لا بأيدي الوزير الفلاني أو المسؤول العلاني!

إصرار الأخبار في التلفزيون على إبراز مشاهد الفرحين بالحصول على سكنات والاستفادة من عمليات الترحيل، لا يعطينا وضعا طبيعيا في النهاية مثلما يعتقد البعض، كما أن تَكرارها المتزايد لا يعطينا حكومة صادقة بالمطلق، ومشاهد الفرحين ولو تضاعفت، لا تقلب الأقلية إلى أغلبية، ولا تعيد العلاقة بين الحاكم والمحكوم لأحسن حالاتها، بل ترممها حتى إشعار آخر!  

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!