قافلة تضامنية تنقذ نعيمة ومريم بعد 30سنة من المعاناة
“أحسّ وكأنّني أحيا من جديد وأشعر أن عيد هذا العام ليس ككل الأعياد السابقة”، هكذا قال عمي أحسن والد الفتاتين المعوقتين المشلولتين تماما عن الحركة، نعيمة ومريم مشحود، المتواجدتين بمنطقة الزوبية أو قرية الشهيد رابح مطاطلة، ببلدية بين الويدان غربي ولاية سكيكدة، أمام أعضاء مجموعة ناس الخير سكيكدة، الذين تمكنوا من توفير كل المتطلبات والمستلزمات الطبية والصحية والحاجيات الضرورية وأكثر، التي طالب بها عمي أحسن، من خلال الشروق اليومي، التي تطرقت لمأساة نعيمة ومريم اللتين لم تقوما على رجليهما منذ ولادتهما والأقسى من ذلك أنهما لا تستطيعان الحركة ولا الكلام ولا الأكل ولا القيام بأي وظيفية حيوية…
-
وانطلقت نهار أول أمس، من مدينة سكيكدة، قافلة مجموعة ناس الخير، مكونة من 11 سيارة و35 شابا وشابة، حملوا معهم سريرين طبيين متحركين مع أفرشة خاصة، أخر طراز، وكرسيين متحركين من النوع الجيد، وكذا جهاز مكيف هوائي، وكميات ضخمة من الحفاظات ذات الحجم الكبير خاصة بالمعنيتين، وأدوية ومعدات طبية ومواد غذائية، وأشياء أخرى خاصة بوالدتهما وبالعائلة، التي صبرت وسهرت على كفالتهما والوقوف إلى جانبهما، لمدة 30 عاما كاملة، ولا زالت بالرغم من الحالة الحرجة التي تتواجدان عليها، وقال المشاركون في هذه القافلة، بأن عددا لا بأس به من المحسنين وناس الخير ووليدات الحلال، تبرّعوا بهذه المعدّات، عقب قراءتهم لموضوع الشروق اليومي، الذي نشر منذ أسبوعين في ركن رمضانيات بجريدة الشروق، وهو الموضوع الذي تم استغلاله من قبل مجموعة ناس الخير السكيكدية، على صفحتها في الفايسبوك، للتأكيد على وجود حالة إنسانية واجتماعية تستدعي المساعدة وتتطلب جهود الخيرين، وكم كانت المفاجأة كبيرة، عندما تمكّن نداء مجموعة ناس الخير، على الفايسبوك خلال ساعات من استقطاب الكثيرين من الراغبين في المساعدة، ونجدة نعيمة ومريم المقعدتين تماما تماما، ونجحت الشروق والمجموعة في توفير كل متطلباتهما وحاجياتهما الضرورية، ووسط أجواء ملؤها الفرح والسعادة وحب فعل الخير والاجتهاد من أجله، كان شباب وشابات مجموعة ناس الخير سكيكدة، أول أمس، بمنزل عمي أحسن والد المعنيتين يتسابقون للقيام بمهمة تسليم أمانة أصحاب الخير لأهلها، فسارعوا إلى تركيب المكيف الهوائي، ولم يغادروا إلا بعد تشغيله بغرفة نعيمة ومريم، كما تسابقوا على تركيب وتجريب الكرسيين والسريرين، ولم تغادر القافلة إلا ونعيمة ومريم يوزعان الابتسامات لكل الطاقم الحاضر من على سريريهما الطبيين، والوالد والوالدة يدعون لجماعة ناس الخير ولنا في الشروق اليومي بجزيل الجزاء، إلى درجة البكاء من شدة الفرح، بطلوع فجر يوم جديد على نعيمة ومريم، اللتين لم تتحركا طيلة ثلاثة عقود إلا بمساعدة أحد أفراد العائلة، وهاهما اليوم ينعمان بكرسيين وسريرين متحركين، يمكنا العائلة من الخلود للراحة ومن الاطمئنان عليهما وعلى جسدهما من التآكل، الذي كان سببا فيه الأفرشة العادية لأنهما لا تتقلبان إلا ناذرا، وكان أفراد مجموعة ناس الخير، التي تنشط في الفايسبوك، من خلال مبادرات خيرية وتضامنية رائعة، قد قرروا مساعدة عائلة مشحود، وإدخال البسمة عليها، بمساعدة الشروق التي كان لها الفضل في الكشف عن المأساة، وعندما تقف بين شباب وشابات ناس الخير سكيكدة، ترى الخير يمشي على رجليه بينهم، ويمكنك أن ترى الخير في وجوههم وتتلمسّه في كلامهم وفي حيويتهم وحركيتهم لفعل الخير، علما أن هذه الجماعة تأسست منذ عام على الفايسبوك، ونظمت عدة تظاهرات منها توزيع نحو 200 قفة رمضانية، تم جمعها من المحسنين وأصحاب المال، وتنظيم مبادرة كسوة العيد، الخاصة بعيد الفطر لهذا العام، وكذا مبادرة حلوى العيد، وتمكنت من توفير أعضاء منها سهروا على تقديم وجبة الفطور بدار العجزة بولاية سكيكدة طيلة أيام شهر رمضان، ومبادرة جمع المصاحف وإعادة توزيعها على المساجد التي هي في طور الانجاز، وكذا مبادرة تكاد تكون فريدة من نوعها في العالم، قامت بها المجموعة خلال رمضان، تتمثل في توزيع حبات تمر، وكذا حلويات الفطور، على حرّاس المدارس وحراس مؤسسة سوناطراك بقاعدة سكيكدة، وكل أعوان الأمن والدرك العاملين بالحواجز التابثة، عبر كامل تراب ولاية سكيكدة تقريبا، قبل الإفطار بنصف ساعة يوميا، بمجهودهم الخاص وباستغلال سياراتهم الخاصة، وبمساعدة الكثيرين والكثيرات من أهل الخير، الذين اجتمعوا مع مجموعة ناس الخير، لوضع اليد في اليد قصد صناعة الخير، والعمل على تعميمه وجعله ثقافة بين شباب وشابات اليوم.