-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
والدة الشهيد الدرة في حوار لـ "جواهر الشروق"

قتلوا محمدا فعوّضني الله محمدا جديدا يحمل صفاته وملامحه

جواهر الشروق
  • 10420
  • 0
قتلوا محمدا فعوّضني الله محمدا جديدا يحمل صفاته وملامحه
ح.م
عائلة الشهيد محمد الدرة

بعد مرور 15 سنة على استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة الذي قتل من طرف قنّاص إسرائيلي بالرصاص الحي أمام سمع العالم وبصره وإصابة والده جمال الدرة إصابة بلغية، لاتزال والدته السيدة آمال، تتذكر جيدا ماحدث في ذلك اليوم الحزين الذي رأت فيه صورة ابنها محمد على شاشة التلفاز، ضمن إعلان يدعو للتعرف على ذويه.

لم تكن تتوقع الوالدة أن ابنها الذي خرج مع والده صباحا ليشتري سيارة للعائلة لن تراه بعد ذلك اليوم.ولكن بعد نحو عامين، شاء الله أن يرزقها بمحمد جديد يشبه محمدا الشهيد في صفاته وملامح وجهه ليربط على قلبها المفطور، ويحبط بأس اليهود وهم يسمعونها تقول لوسائل الإعلام:”محمد الدرة عائد من جديد”.

“جواهر الشروق”، تواصلت مع السيدة آمال عبر زوجها جمال الدرة، حيث عادت بنا إلى اليوم الذي استشهد فيه محمد الدرة، ونقلت لنا الصور التي لم تلتقطها الكاميرات.             

– كيف استقبلت خبر استشهاد ابنك محمد الدرة؟

كان خبرا لم أتوقعه، وصدمة شديدة، لكن الحمد لله على كل حال ابني شهيد الأقصى، وشهيد الأمة، في ذلك اليوم العبوس الذي استشهد فيه محمد لم يغادر البيت ولم يفارقني، حتى أنه آخر واحد من إخوته الصغار يستيقظ من النوم.

– ماذا قال لك محمد قبل أن يغادر البيت مع أبيه، ويستشهد بعدها بساعات؟

  سألني: إلي أين سيذهب أبي اليوم؟ أريد أن أذهب معه كي نشتري سيارة كبيرة تسع كل العائلة.

-هل كان في كلامه ما يدل بأنه سيلقى حتفه؟

قبل ثلاثة أيام من الانتفاضة، سألني قائلا: “اللي بينطخ من اليهود عند نتساريم يموت شهيد؟”خفت عليه فلم أجبه على سؤاله.

  – كيف بلغك خبر استشهاد محمد؟  

كنت في البيت أجهز طعام الغداء لأسرتي، وكان جهاز التلفزيون مفتوحا على انتفاضة الأقصى، عندما سمعت طرقا على الباب، فذهبت لأفتحه فإذا بعمتي وخالة زوجي، رحبت بهما وجلست بجوارهما نشاهد التلفاز، واستغربت مجيئهما في ذلك الوقت، في تلك اللحظة بث التلفزيون صورة محمد للتعرف عليه من قبل أهله، هكذا يفعلون دائما مع الشهداء الذين لايتعرفون على هوياتهم، فقلت لعمتي، إنه يشبه ابني محمد، فقالت لي الأطفال كلهم يتشابهون، محاولة اقناعي أنه ليس هو، ولكن بعد لحظات سمعت طرقا على الباب وأصواتا كثيرة خلفه فشعرت بالخوف، وعلمت حينها أن محمدا استشهد، ودخلوا به إلى المنزل.

كان المخيم يعج بالمعزين الذين ودّعوا محمد وداعا أخيرا انفطرت له القلوب، ووسط هذا الحزن الكبير، لم أجد أثرا لزوجي جمال، لم يكن في استقبال المعزين، ولم يدخل إلى البيت في الليل بعد انصرافهم، وعلمت حينها أنه أصيب ونقل إلى المستشفى فكانت فاجعتي أكبر، فحمدا لله على ما أصابنا، ولله ما أعطى ولله ما أحذ.    

  – بعد عام و8 أشهر على استشهاد ابنك، قلت أن محمد الدرة عائد من جديد، ما الذي كنت تقصدينه بهذا الكلام؟

الحمد لله رب العالمين، استشهد محمد في 30 -9-2000، ورزقني الله محمدا آخر في 29- 11 -2002، بنفس ملامح محمد الشهيد وصفاته، ما كنت أقصده بهذا الكلام أنني كنت حاملا بطفل من جنس ذكر، وإن مات محمد سوف يأتي مئات محمد.

 – هل عوضك محمد الجديد عن محمد الشهيد؟

نعم، محمد الجديد يشبه محمد الشهيد في كل شئ، لقد دعوت الله فاستجاب لي وعوضني بمحمد، سبحان الله، كل ما كان يفعله وما كان يحبه محمد الدرة الشهيد، كان يفعله ويحبه محمد الذي عوضني الله به، وهذه كرامات من الله عز وجل، كي يربط على قلبي  وحتى لا أنساه.              

– حدثينا عن محمد الدرة الطفل، كيف كان موقفه من الاحتلال الصهيوني؟

كان يكره الاحتلال رغم صغر سنه، محمد عاش الإنتفاضة الأولى، وحينما اقتحم الجيش الصهيوني بيتنا كان عمره أربع سنوات، فقام بشد سلاح الجندي بيده، فاستغرب هذا الأخير، وسأل والده بحنق:ترى ماذا سيفعل حينما يكبر؟، فلم يرد عليه زوجي، ولمّا دخل شارون الأقصى قبل استشهاده، كان يتابع الأحداث على التلفزيون، كان عقله وفكره أكبر من عمره.

-ما الذي كان يحبه محمد الدرة؟

كان يحب الحرية، ويحب اللعب طوال الوقت، كان يحب البحر والكرة والعصافير واللعب على “الاسكوتر”، كان خدوما ويحب مساعدة الناس والجيران، وكم كان يكره الظلم ويكره الإحتلال لما كان يشاهده من اعتداءات يومية على الفلسطنييين.

 -هل كان مجتهدا في دراسته؟

نعم، كان مجتهدا، ويحب الدراسة، وكان يحلم بأن يصبح شرطيا يخدم بلده، وكان محبوبا من طرف المدرسين لما يتميز به رجاحة العقل، وبنية قوية.  

 -ادعى اليهود أن محمدا لم يمت، وأنه يشتري الخضار ويتجول في الأسواق، كيف كان إحساسك وأنت تسمعين هذا الادعاء؟

شعرت بالحزن والأسى على ابني، وعلى كل الشهداء الذين ارتقوا، وتملكني حقد كبير على هذا الكيان الصهيوني قاتل البشر والشجر والحجر، وهو معروف على مرّ التاريخ بتزييف الحقائق.

نعم، قالوا إن محمدا حي ويشتري الخضار ويتجول في الأسواق، لأنهم يعلمون أن قضيته هي مسمار في نعش الكيان، لذلك كل عام يخرجون علينا برواية جديدة، ففي بداية الأمر اعترف جيش الإحتلال باغتيال محمد، ولكن حين أمر جاك شيراك رئيس وزراء فرنسا آنذاك أن يبث الشريط مجانا على المحطات التلفزيونية، ارتبك الكيان الذي تم إدانته في كل العالم، حتى من طرف الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون..

واشتد حقد العالم على اليهود فقاموا بوضع قبعة فوق رأس زوجي وفوق رأس محمد ليوهموا الناس بأن الفلسطنيين قتلوا طفلا إسرائيليا وأصابوا والده، ولكن حيلتهم لم تنطل على أحد، ثم ادعوا أن محمدا قتل برصاص الفلسطنيين ولم ينجحوا في ذلك، ثم ختموا كذبهم بأن محمد يتجول في الأسواق ويشتري الخضار لوالدته، وبعد ذلك أصدر مكتب رئيس وزراء العدو كتابا رسميا يقول فيه إن محمد الدرة حي يرزق وذلك سنة 2013، أي بعد مرور 13 سنة على استشهاده.

– ماذا قال لك زوجك جمال الدرة عن عملية القنص التي تعرض لها ابنه بعد أن تعافى من إصابته؟

قال لي الحمد لله على كل شيئ، محمد ابننا شهيد الأقصى وشهيد الأمة الإسلامية، وقد أكرمنا الله بشهادته.

– كيف كان شعورك عندما مات شارون، خاصة وأنه كان السبب المباشر في اندلاع الإنتفاضة التي استشهد خلالها محمد؟

 عندما كان في غيبوبة ومربوط إلى الأجهزة، فاحت منة رائحة كريهة، حقيقة حزنت كثيرا لموته، لأنني كنت أتمنى أن يأكله الدود وهو حي، حتى يكون عبرة لمن يعتبر، مثل فرعون وغيرهما من الطغاة.

– تم تكريمك في الجزائر من طرف رئيس الجمهورية بوتفليقة بمناسبة تسليم جائزة البابطين للإبداع الشعري التي خصصت طبعتها للشهيد محمد الدرة، حدثينا عن التكريم؟   

  عند وصولي إلى الجزائر بلد المليون شهيد، شعرت بالعزة والفخر لكوني بين عشاق فلسطين، ونلت شرف استقبال الرئيس بوتفليقة الذي رحب بي بمجرد وصولي للجزائر، وتم تكريمي وتسليمي جائزة البابطين للإبداع الشعري التي تم تخصيصها للشهيد محمد الدرة، وهذا المجلد الذي حوى قصائد الشعراء الذين رثوا ابني الشهيد، هو أغلى كنز احتفظ به من الجزائر التي أوجه الشكر لرئيسها وحكومتها وشعبها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • بدون اسم

    الله يرحمه ... ام عظيمة ... الله يبا رك في أولادك و يجعل محمد شفيعا لك ان شاء الله ، و يرحم جميع موتى المسلمين.

  • بدر الدين

    (((و ما تنفقوا من شيئ فان الله سيخلفه))) حتى الانفس
    اللهم ثبتهم و انصرهم يا ناصر المتضعفين كن مع النساء الثكالى و الرجال الحيارى و الولدان اليتامى.

  • بدون اسم

    لقد شاهدت علي التلفاز يومها كيف كان الرصاص يهوي علي جمال و ابنه محمد الدرة رايتهم قبل ان يقعا على الارض و بعد اندفاعهم ارضا كان الا ب يحاول حماية ابنه بيده ليقيه من الرصاص ¥و من ثمة لم انس ابدا محمد ا لدرة باللطبع بكيت حينها و بعدها كما الان رحم الله محمد و كل شهداء فلسطين

  • samia

    الحمد لله هو شهيد سيشفع لاهله يوم العرض وانت يا ام الشهيد هنيئا لك بالمحمدين واقر عينك بثاني محمد الله كريم وكبير اللهم كن مع المرابطين في الاقصى

  • bob

    ترى الطفل من تحت الجدار مناديا
    أبي لا تخف والموت يهطل وابله
    ووالده رعبا يشير بكفه
    وتعجز عن رد الرصاص أنامله
    على نشرة الأخبار في كل ليلة
    نرى موتنا تعلو وتهوي معاوله
    لنا ينسج الأكفانَ في كل ليلة
    لخمسين عاما ما تكلُّ مغازله
    أرى الموت لا يرضى سوانا فريسة
    كأنا – لعمري – أهله وقبائله
    إذا ما أضعنا شامها وعراقها
    فتلك من البيت الحرام مداخله

    Tamim el Barghoti

  • الونشريسي

    اللهم كن مع اهل الاقصى

  • حلباوي محفوظ

    الله يرحم جميع الشهداءالمسلمين أمين