-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قرارٌ تاريخي لأكبر دولةٍ إسلامية

حسين لقرع
  • 1668
  • 0
قرارٌ تاريخي لأكبر دولةٍ إسلامية

قبل أن تتخذ إندونيسيا قرارها النهائي برفض استقبال المنتخب الصهيوني لكرة القدم في إطار كأس العالم للشباب أقلّ من 20 سنة التي كان من المقرّر أن تحتضنها شهري ماي وجوان القادمين، كانت تعلم جيدا أنّ ثمن هذا القرار هو سحبُ بطولة العالم منها، وقد تلقّت تحذيراتٍ بهذا الصدد، لكنها أصرّت عليه وفضّلت التعرّضَ لعقوبة الاتحاد الدولي لكرة القدم على أن تسمح للمنتخب الصهيوني بتدنيس أراضيها.

هو موقفٌ شهم وقرارٌ تاريخي اتخذته أكبر دولةٍ إسلامية من ناحية عدد السكان، نُصرةً للقضيّة الفلسطينية، واحتجاجًا على تصاعد جرائم الاحتلال الصهيوني بحقّ الفلسطينيين، ولاسيما في ظلّ الحكومة الفاشية العنصرية الحالية التي تزايدت فيها جرائم الإعدام اليومي للفلسطينيين في الشوارع بدم بارد، وتصاعدت عملياتُ هدم البيوت، وحرق المرْكبات، ومصادرة الأراضي، وتهجير الفلسطينيين، وإطلاق أيدي المستوطنين لحرق القرى والبيوت وسكانها داخلها…

لكنّ المفارقة أنّه في الوقت الذي تنصر فيه إندونيسيا القضية الفلسطينية وتقطع على الاحتلال طريق التطبيع معها من بوابة الرياضة، يخرج السفيرُ الفلسطيني في جاكرتا، زهير الشنّ، بتصريح بالغ الغرابة برّر فيه قرار “الفيفا” وما سمّاه “قوانينها الخاصة”، ودافع عن “حقّ” منتخب الاحتلال في المشاركة في دورة كأس العالم للشباب بإندونيسيا، وقال إنّ المسابقة من تنظيم “الفيفا” و”ليست للدول المشارِكة في البطولة علاقةٌ بمدى حبّ الدولة المُضيفة أو كرهها لها”؟! وهو كلامٌ لم نسمعه حتى من مسؤولي الاحتلال أنفسهم!

يقول الجزائريون في أحد أمثلتهم الشهيرة: “هو يحفرلو في قبر أمّو، وهو هاربلو بالفأس”، هذا المثل ينطبق على هذا السفير الفلسطيني الذي، بدل أن يحيّي إندونيسيا المسلمة على رفضها التطبيعَ الرياضي مع الاحتلال، لأنه قد يكون لاحقًا مقدّمة لتطبيع كامل يُضعف القضية الفلسطينية كما أضعفها المهرولون العرب، ويتضامن معها ولو بكلمةٍ طيّبة، تثمينا لتضحيتها من أجل فلسطين، بدل ذلك راح ينتقدها ضمنيًّا، ويبرّر قرار “الفيفا” المتحيّز للاحتلال، ومن ثمة فهو يؤلّب عليها أمريكا والغرب لمعاقبتها لاحقًا.. أبمثل هذه الوجوه الذليلة يمكن أن تنتصر القضية الفلسطينية؟! كيف يمكن أن نلوم “الفيفا” على قرارها المُتصَهْين، وأن ننتقد الهيئات الرياضية العالمية المختلفة التي تنزل عقوباتٍ كبيرة بالرياضيين العرب والمسلمين الذين يرفضون مواجهة نظرائهم الصهاينة في شتى المنافسات الرياضية الدولية إذا كان السفيرُ الفلسطيني في جاكرتا يبرّر مثل هذه القرارات المنحازة للاحتلال ويؤيّدها؟! وكيف يمكن إذن إيقافُ موجة التطبيع المخزية التي تزحف على العالم العربي والإسلامي، وكذا إنجاحُ دعوات أحرار العالم إلى مقاطعة الاحتلال دوليًّا، إذا كان ممثلُ فلسطين بجاكرتا يعمل في الاتجاه المعاكس لهما؟!

مرّة أخرى تُثبت السلطة الفلسطينية أنّها، برجالها داخل فلسطين وخارجها، هي أكبرُ نكبةٍ حلّت بالشعب الفلسطيني منذ اتِّفاق أوسلو 1993 إلى الآن.. الاحتلالُ ينكّل بهذا الشعب الأعزل يوميّا ولا يعترف له بأبسط حقوقه وينكر حتى وجوده، ورجالُ السلطة يدافعون عن “حقّ” هذا الاحتلال في المشاركة في المسابقات الرياضية الدولية التي تُوسِّع دائرة التطبيع المجاني معه على حساب القضية الفلسطينية، ويهاجمون ضمنيًّا من يناصرهم ويدافع عن حقوقهم، تُرى: من أيّ طينةٍ خُلق هؤلاء؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!