-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مكافحتها تقتضي تطوير المنظومة التشريعية

قضاة يحذرون: الجرائم المعلوماتية.. الخطر الداهم !

نوارة باشوش
  • 577
  • 0
قضاة يحذرون: الجرائم المعلوماتية.. الخطر الداهم !
أرشيف

أجمع مختصون من فئة القضاة ورجال الضبطية القضائية، الإثنين، على أن مكافحة الجريمة السيبرانية تقتضي تطوير المنظومة القضائية والأمنية، لما لها من “آثار خطيرة على الأنظمة المعلوماتية وعلى الحياة الخاصة للأشخاص”، ودعا هؤلاء إلى مواكبة العصر من خلال توخي الحيطة والحذر عند ولوج الفضاء السيبراني وهو ما يستدعي البحث عن أنجع الطرق لحماية معطياتنا الشخصية التي أصبحت مهددة من خلال فتح الرسائل بغض النظر عن مصدرها وتنزيل تطبيقات غير موثوقة ومشاركة المعلومات الشخصية عبر الانترنت.
وتطرق وكيل الجمهورية الرئيسي لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي، محمد كمال بن بوضياف في مداخلته خلال اليوم الدراسي بعنوان “الجريمة المعلوماتية والأدلة الإلكترونية” الذي نظم بمقر مجلس قضاء الجزائر، الاثنين 4 مارس، بالتفاصيل إلى الإطار المفاهيمي للجريمة المعلوماتية وأكد أنها تختلف عن الجرائم التقليدية.
وقال الوكيل بن بوضياف إن “الإجرام المعلوماتي يتجسد في استغلال شبكات الإعلام والاتصال بدون أي حدود جغرافية”، وأضاف “الجزائر كغيرها من الدول بدأت تعرف الجريمة المعلوماتية بكل أشكالها، كما أن الهيئات القضائية الجزائرية قد عرفت هذا النوع من الإجرام في العشر سنوات الأخيرة، وسنة بعد سنة يزيد عدد هذه القضايا في جداول المحاكم، مما يستدعي تكريس كل الجهود لمجابهتها، ومن أهم هذه الوسائل بالنسبة لجهازنا القضائي تكوين القضاة في هذا المجال”.
وعاد ممثل الحق العام إلى التشريع الجزائري للجرائم المعلوماتية، حينما قال “لقد وضع المُشَرع إطارا تشريعيا للوقاية ومكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيا الإعلام والاتصال وهذا بسن القانون رقم 09/04 المؤرخ في 05/08/2009 الذي استحدثت بموجبه هيئة وطنية للوقاية من هذه الجرائم ومكافحتها”.
وتابع “وقبل ذلك، فإن المُشَرع قام بتعديل قانون العقوبات بموجب القانون رقم 04/15 المؤرخ في 10/11/2004 وكرس في هذا التعديل لأول مرة مواد تجرم وتعاقب على المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات، وهذه المواد تم إدراجها في القسم 7 مكرر تحت عنوان المساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات من الفصل 3 المتعلق بالجنايات والجنح”.
وصنف القاضي بن بوضياف الجريمة المعلوماتية إلى 3 أصناف وهي كالتالي: “الجرائم التي تستهدف أنظمة المعالجة الآلية للمعطيات مثل القرصنة” أو “الهاكرز” وكذا الجرائم التقنية مثل السرقة عبر الإنترنت إلى جانب الجرائم المعروفة بـ”المحتوى”، على شاكلة الاستغلال الجنسي والاحتيال عبر الإنترنت، وكل الجرائم المعلومايتة التي تدخل ضمن الأصناف الثلاثة على غرار هجمات الحرمان من الخدمات والتصيد الاحتيالي “fishing” والقرصنة وكذا البرمجيات الخبيثة وبرمجيات الطروادة منها ما يعرف بـ”زومبي” و”البونتنت”.
وشدد المتحدث على ضرورة إلمام القاضي بجميع التقنيات ومخططات المجرم الإلكتروني الذي تجاوز النصب والاحتيال عبر الإنترنت ليصبح هدفه تحقيق أرباح مادية، وهنا “يعد الضرر المالي الذي تسببه الجرائم الإلكترونية هو الخطر الأساسي لها، ومع ارتفاع معدلات استخدام الإنترنت وتنفيذ الاجراءات البنكية عن بُعد يزداد خطر الجرائم الالكترونية، وبالتالي فإن حماية البيانات للأفراد والشركات والاحتفاظ بنسخ احتياطية للبيانات المهمة تزداد أيضا”.
وفي سياق متصل، نبّه بن بوضياف إلى توخي الحيطة والحذر بخصوص العملات “المشفرة” والتي قال عنها إنها تتداول في الفضاء الرقمي، مؤكدا أن القاضي يجب أن يكون مُلما حتى يتمكن من إسقاط النص على الواقعة الإجرامية التي وقعت أمامه إسقاطا صحيحا.
كما حذر من ارتفاع الجرائم الإلكترونية “المعتادة” وزيادة انتشار المواد الإباحية عند الأطفال على الإنترنت وكذا تنامي الجرائم الإلكترونية لأغراض ربحية، وتزايد قرصنة البرمجيات وغسيل الأموال الإلكتروني وانتشار مواقع بث الكراهية والعنصرية والعنف.
من جهته، فإن وكيل الجمهورية الرئيسي للقطب الجزائي الوطني لمكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال منيعي حسني السبتي، تطرق في مداخلته إلى التحولات والتغيرات التكنولوجية الحديثة التي أفرزت تحديات أمنية هامة أمام توسع دائرة المخاطر الأمنية لتشمل التهديدات الإلكترونية عبر الإنترنت وظهور الوسائط المتعددة وهو ما ولد مفهوما جديدا لتهديدات ذات طابع معقد متعدد المجالات عبر الفضاء الافتراضي. وقال إن “نسبة التوصل للفاعلين في الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال هي أقل من 50 بالمائة في الدول المتقدمة تقنيا وتكون أقل من 30 بالمائة في الدول الأقل تقدما تقنيا، بينما تكون أقل من ذلك في الدول المتخلفة، فما هي أسباب ذلك؟ نحن نتكلم هنا عن الجرائم التي وصلت الضبطية القضائية وهنالك الكثير من الجرائم غير معلن عنها”.
وأوضح المتحدث أن الجهود الدولية الآن تتجه لتوحيد سلطاتها لمجابهة هذه الجرائم خصوصا من الناحية الإجرائية، متسائلا: ماذا فعلت الجزائر لمكافحة الجرائم السيبرانية؟ مشيرا إلى القوانين التي سنها المُشَرع الجزائري في هذا الخصوص على غرار القانون 04 ـ 09 المتضمن القواعد الخاصة للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال.
وقال وكيل الجمهورية للقطب السبيراني إن “ممارسة السلطات الإجرائية لمجابهة الجريمة يقوم على ثلاثة مبادئ هي: مبدأ الشرعية، المحاكمة العادلة واحترام كرامة وحقوق الإنسان، إذ أن نيابة الجمهورية ليست بجهة متابعة فقط وإنما هي الأساس الأول للتطبيق السليم للقانون ولاحترام المبادئ المذكورة، حيث أنه في الجرائم ذات الصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال يتعين توخي الدقة في كل الأعمال لعلاقتها الوثيقة بالحياة الخاصة للأشخاص.
وفصّل منيعي في مراحل التحقيق منذ إخطار القطب من خلال إيداع محاضر التحقيق الابتدائي المتعلقة بها أمام نيابات الجمهورية إلى مراحل التحقيق وإجراءات البحث وجمع الأدلة الإلكترونية.
وبالمقابل، فإن رئيس القطب الجزائي الوطني لمكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، القاضي بلحوا، ركز في مداخلته على ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺮﻗﻤﻲ ﻓﻲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ المعلوماتية وقال “إنه يخضع للسلطة التقديرية للقاضي”. وأشار القاضي بلحوا إلى أن الدليل الرقمي يبدأ من مسرح الجريمة، حيث يتم استنساخ أصل الدليل، ثم التأكد من أنه لم يتم تغيير المعطيات التي تم استخراجها من النظام، ثم تأتي مرحلة المحافظة على الدليل وأخيرا تقفي آثار الدليل والتأكد من صحته، وأخيرا تقديمه أمام القضاء مكتمل الأركان. وأوضح المتحدث أن الدليل الرقمي يمكن مناقشته، والقاضي يجب أن يقتنع بهذا الأخير خاصة إذا تعلق بشخص ارتكب جريمة ما.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!