-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قضية جمال بن سماعيل: الإعدام لـ 49 متهما في الجريمة

إلهام بوثلجي
  • 9589
  • 0
قضية جمال بن سماعيل: الإعدام لـ 49 متهما في الجريمة
أرشيف
الضحية جمال بن سماعيل

أصدرت محكمة الجنايات الابتدائية الدار البيضاء الخميس، أحكامها في قضية مقتل جمال بن سماعيل المتورط فيها 102 متهما، وهذا بعد أكثر من يومين المداولات المغلقة لهيئة محكمة الجنايات بإشراك المحلفين.

وأدانت المحكمة 49 متهما في قضية القتل والتنكيل التي راح ضحيتها جمال بن سماعيل بالإعدام، فيما تم إصدار أحكام متفاوتة في حق عدد من المتهمين المتابعين بنشر خطاب الكراهيةوالمساس بوحدة الوطن وعقابهم بالسجن مابين 5سنوات و10 سنوات ، ونال 17 متهما البراءة ، مع إيداع الحبس متهمين إثنين تمت إدانتهم ب10 سنوات سجن نافذ .

وأسدلت محكمة الجنايات الابتدائية الدار البيضاء بالعاصمة الخميس، الستار عن قضية مقتل جمال بن سماعيل بالنطق بالأحكام في حق 102 متهما توبعوا بتهم ثقيلة تتعلق بجناية القتل العمدي والحرق والتعذيب والقيام بأعمال إرهابية تخريبية تستهدف أمن الوطن والممتلكات والأشخاص والمساس بالوحدة الوطنية.

وسادت حالة من الترقب قاعة الجلسات قبيل النطق بالأحكام، وجوه سافرة مغبرة للكثير من المتهمين ، خوف وحيرة ملأت الأرجاء قبل دخول هيئة محكمة الجنايات للقاعة على الساعة 11.59 دقيقة والذي أخبر هيئة الدفاع بأن عدد الأسئلة فاق 1000 وتنازل المحامون عن قراءة كافة الإجابات.

ليبدأ القاضي في المناداة على المتهمين الذين حصلوا على البراءة وبعدها المتهمين المدانين بجريمة نشر خطاب الكراهية والمساس بأمن الدولة ووحدة الوطن إذ تمت إدانتهم بعقوبة 10 سنوات سجن نافذة، كما تم إيداع متهمين غير موقوفين السجن، فيما تمت إدانة متهمين آخرين بعقوبات مابين 5و3سنوات حبس نافذة.

وتأتي هذه الأحكام بعد أكثر من يومين من المداولات المغلقة لهيئة محكمة الجنايات الابتدائية بإشراك المحلفين، بعدما رفع قاضي الجنايات الجلسة مساء الإثنين للمداولة في أكثر من 1000 سؤال تخص 102 متهما في قضية قتل جمال بن سماعيل صائفة 2021.

حيث استمرت المحاكمة ستة أيام كاملة حاول خلالها المتهمون التراجع عن تصريحاتهم أثناء التحقيق، والتنصل من مسؤولية قتل الضحية جمال والادعاء أن ما حدث كان تحت وطأة الغضب والتحريض بسبب الحرائق التي عمت المنطقة وأهلكت الحرث والحيوانات وتسببت في تشريد ووفاة الجيران والأهل.

وكان ممثل الإدعاء العام قد رافع مطولا من أجل القصاص لدم جمال بن سماعيل الذي تعرض للقتل والحرق والتعذيب والتنكيل، إذ طالب بعقوبة الإعدام في حق 72 متهما بتهم جنائية، و10 سنوات سجنا نافذة في حق 23 متهما بجنح.

وأعاد النائب العام في مرافعته التي هزت أركان قاعة الجلسات السبت الفارط سرد وقائع الجريمة النكراء التي أبكت الجزائريين شهر أوت 2021 مثلما أبكتهم مشاهد الحرائق التي اجتاحت المنطقة.

مشيرا إلى أن جمال لبى نداء الواجب لمساعدة إخوانه في منطقة ” الأربعاء ناثيراثن” لكن مخطط الغدر كان ينتظره هناك منذ وطأت أقدامه المنطقة، فوجد-يقول- المتهمين الذين أرهبوه وأطلقوا إشاعة حول تورطه في الحرائق، ليلتف حوله الغاضبون ويتحول مجرى الأحداث من تقديم يد المساعدة إلى محاولة الفرار من غضب الحشود التي أبت أن تصدق توسلاته وصرخاته وهو يقول أنتم مخطئون.

وهكذا -يضيف النائب العام- إنطلقت المأساة بمطاردة سيارة الضحية وتحطيمها وتتحول إلى ملاحقة سيارة الشرطة التي كانت تقل اسماعيل هربا من الحشود الغاضبة إلى مركز الشرطة الذي كان مسرحا لبداية جريمة القتل والتنكيل، حيث طارد المتهمون الضحية وتمكنوا من الصعود لمركبة الشرطة وتجريده من وثائقه وهاتفه وطعنه تحت هتافات وصراخ الغاضبين الذين حرضوا على قتله، ثم تولى كل واحد منهم مهمة التنكيل والتعذيب بالركل والقفز وضربه في كل أنحاء جسمه وجره حتى ساحة عبان رمضان لحرقه وتعذيبه بكل الوسائل الهمجية دون رحمة والاستمتاع بتصوير جثته وهي تحترق دون تدخل أي واحد من الحاضرين لمنع ما حدث.

تقرير الطب الشرعي ..جمال حرق حيا!

وبدوره قدم دفاع جمال بن سماعيل الأدلة التي تثبت بشاعة الجريمة المرتكبة في حق شاب تنقل للمساعدة فوجد نفسه محاطا بوحوش بشرية انهالت عليه بالسب والشتم، فيما كان يحاول أن يخبرهم الحقيقة وقال لهم: “يا خاوتي راح تندموا” ليعلق المحامي قائلا: “لكنهم لم يندموا”، إلا أنهم طعنوه وتم جره من “الفيطو” حيث تعالت الأصوات المطالبة بقتله ليجر إلى ساحة الموت ويتم حرقه حيا، وهو ما كشفه تقرير الطب الشرعي الذي أظهره الدفاع، بل وتم ذبحه بعد حرقه ب”كيتور” كل هذا يقول المحامي والأصوات تنادي بفصل رأسه عن جسده، ليوجه كلامه لهيئة المحكمة:” العبارات لن توفي هذه الجريمة وصفها الحقيقي، حيث وقف مئات الأشخاص ضد شخص أعزل وارتكبوا جريمتهم بالصور والأدلة دون خوف ولا ضمير” وتابع مرافعته”
القتلة كانوا يريدون إشعال نار الفتنة في الجزائر ولكن لم يتمكنوا من تقسيم الجزائر” وأردف :” اليوم لست فقط محامي جمال بن سماعيل إني أمثل اليوم 40 مليون جزائري لقد أحرقتم 40 مليون شخص، ونكلتم ب 40 مليون جزائري و”شويتوا” 40 مليون نسمة”.

وقائع صادمة كشفتها جلسة المحاكمة

بالرغم من لغة الانكار والتنصل من المسؤولية التي سادت أجواء الاستجواب، إلا أن الحقائق الصادمة التي كشفت عنها هيئة المحكمة جعلت الحضور يصابون بالذهول ويتذكرون المأساة التي جرت صائفة أوت 2021 حين اجتمعت صور ضحايا حرائق الغابات المهولة بمشاهد الجريمة البشعة ضد الشاب جمال بن سماعيل.
وكشفت المواجهات بين القاضي والمتهمين عن ما جرى في ذلك اليوم الأسود الذي حدثت فيه أبشع جريمة لم تشهدها الجزائر إلا في العشرية السوداء، إذ تورط المتهمون في التحريض والاعتداء على الشرطة والسيارة التي كانت تقل الضحية، ومنهم من قتل وسحل ونكل بالجثة ، لدرجة أن أحد المتهمين أكل جزءا منها كأنه يتناول الشواء، وكل هذه الجرائم حدثت أمام كاميرا الهاتف النقال وبمشاهدة العشرات من الحاضرين الذين غابت ضمائرهم وإنسانيتهم ولم ينقذوا جمال بن سماعيل من القتلة الهمجيين.

وبينت المحاكمة أن العنصرية المقيتة كانت محركا للأحداث قبل أن تكون تحت تأثير الانتقام ممن تسببوا في الحرائق التي خلفت دمارا ويتمت وشردت العشرات في المنطقة، ماجعل الجريمة ترتكب بشكل جماعي فليس فقط من طعن وسحل وأحرق هو المسؤول عنها بل المسؤولية الأكبر لمن قام بالتحريض والغضب.

جريمة عن سبق الاصرار والترصد وحقائق مخفية عن تورط تنظيم “الماك”

وتميز اليوم الثالث من المحاكمة في قضية قتل جمال بن سماعيل بمواجهات بين هيئة محكمة الجنايات بالدار البيضاء والمتهمين الرئسيين في القضية الذين حاولوا الانكار تارة وتبرير تصرفاتهم بالغضب مما حصل في المنطقة من حرائق تارة أخرى، إذ كشفت جلسة المحاكمة عن حقائق خطيرة لتغول الحركة الانفصالية “ماك” بالمنطقة وعن تواجد عدد من المنخرطين فيها عند انطلاق الوقائع، إذ تبين خلال الإستجواب أن أحد المتهمين وهو من عناصر الماك هو من قام بالتبليغ عن سيارة الضحية والترويج لفكرة أنه مفتعل الحرائق، ما تسبب في تأجيج غضب المواطنين واندفاعهم لمركز الشرطة.

القاضي وعلى مدار ساعات من الإستجواب تساءل عن سبب نزع هوية وهاتف الضحية من قبل المتهم الذي صعد لمركبة الشرطة وتأزيم الوضع بدل تهدئة الغاضبين، إلا أن الرد من المتهم هو مبرر شعوره بالغضب.

هاتف الضحية.. اللغز الذي أخفاه المتهمون

وتبين أن المتهمين تعاقبوا واحدا تلو الآخر على سيارة الشرطة وصعدوا لرؤية الضحية كل هذا وسط الحشود ودون اعتراض من الحاضرين، لغز حير المحكمة خاصة أن الضحية قال للشخصين اللذين سلباه هاتفه ووثائقه أنهم مخطئون وسيندمون ، فيما حاول المتهم الذي صور فيديو الاعتراف بقتل الضحية وحرقه لأنه أضرم النيران تبرير ذلك بكونه تحت تأثير المخدرات ولم يكن واعيا بخطورة الوقائع.

والتمس النائب العام السبت المنصرم تسليط عقوبات بين الاعدام و10 سنوات سجنا نافذا في حق المتهمين بقتل والتنكيل بجثة جمال بن سماعيل.

وجدير بالذكر أن المتهمين يواجهون تهم ثقيلة تتعلق بجناية القيام بأفعال إرهابية وتخريبية، تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية وإستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب وسط السكان وخلق جو من إنعدام الأمن من خلال الإعتداء المعنوي والجسدي على الأشخاص، وجناية تعريض حياة الأشخاص وأمنهم للخطر والمساس بممتلكاتهم.

وتمت متابعتهم بجناية الإعتداء الذي يكون الغرض منه المساس بوحدة التراب الوطني، وجناية المؤامرة التي يكون الغرض منها إرتكاب الجنايات، وجناية الإعتداء الذي يكون الغرض منه التخريب في منطقة أو أكثر، وجناية إنشاء وتأسيس وتنظيم وتسيير جماعة أو منظمة الغرض منها ارتكاب أفعال تخريبية.

وتوبع المتهمون بجناية الإنخراط والمشاركة في جمعيات والتنظيمات والجماعات والمنظمات التي يكون غرضها أو تقع أنشطتها، والتعذيب والتحريض عليه، جنحة التجمهر المسلح. وجنحة المساس بسلامة وحدة الوطن، جنحة التعدي بالعنف على رجال القوة العمومية أثناء مهامها، وجنحة تخريب ملك الغير، والتمييز وخطاب الكراهية، وجنحة تلقي أموال من خارج الوطن في إطار جماعة أو تنظيم قصد القيام بأفعال من شأنها المساس بأمن الدولة. والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، تنفيذا لخطة مدبرة داخل وخارج الوطن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!