الرأي

قطيعة مع المحاصصة

عمار يزلي
  • 482
  • 4
أرشيف

استحقاقان متلازملان ينتظران في شهر جوان من هذه السنة، كل منهما لهما وزنٌ وقافية وبحور: الانتخابات التشريعية في 12 جوان تليها امتحانات البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط.. وهما امتحانان يتطلبان التحضير لهما طويلا في ظل الجائحة، ولكن أيضا في ظل المخاوف المتكررة من التسرب بالنسبة للبكالوريا. وإشكالية إجراء الانتخابات في ظرف قصير نسبيا بقانون انتخاب جديد يغيِّر من قواعد الاختيار مع ضمان أكبر للشفافية والنزاهة في ظل إشراف السلطة المستقلّة عليها وتسييرها كما حدث مع أول تجربة في 12 ديسمبر 2019 مع الانتخابات الرئاسية.. كل هذا يضاف إلى جديد التشريعيات لهذه السنة، تغيّر قواعد اللعب مع بقاء نفس اللاعبين، مما يعطي انطباعا بأننا أمام تجربة جديدة أخرى لا نعرف ما ستفضي إليه في النهاية.

استحقاقان يتطلبان تحضيرا لوجستيا وتنظيما كبيرا بعد شهر فقط من نهاية شهر رمضان الكريم لهذا العام، الذي هو الآخر يُعَدُّ له العدة تقنيا وصحيا وتموينا في ظل مخاوف من ارتفاع آخر للأسعار كما صار عليه الحال كل عام.. لكن هذه السنة بثقل أكثر بسبب موجة الارتفاع في الأسعار التي عمت قبيل حلول الشهر الكريم.

تحدياتٌ كبيرة، لكن ليست مستحيلة، على الحكومة أن تسيّرها بشكل عقلاني ورزين بعيدا عن السجال وسجلات المضاربة السياسية التي عادة ما يحركها أصحاب السجلات السياسية التجارية داخل الوطن وخارجه لتأليب المواطنين وشحذ السكاكين ضد السلطة القائمة، التي يعرف العام والخاص أنها تعمل المستحيل من أجل رفع التحدي والانتقال نحو ضفة جديدة آمنة لتنمية مستدامة وإصلاح مبنيٍّ على أخلقة كل القطاعات وعقلنة التسيير وشفافية العمل وحسن نيَّة الفعل. هذا ما لم نعرفه في السابق، إذ كان كل شيء يُسيَّر تحت الطاولة في ظل ضبابية وماء عكر؛ لا أحد كان يعرف ماذا يفعل الآخر في نفس الحكومة ناهيك عن الشعب، الذي كان يعرف ما يحدث من تجاوزات، لكن لا حيلة له ولا إمكانية التغيير متاحة أمامه لتغيير هذا المنكر، لا بيده ولا بلسانه.. اللهم إلا بقلبه.

كل هذا يبدو أنه صار مبدئيا من الماضي، لكن مع بقايا المرض في دواليب العقلية والإدارة والتي تحاول الحكومة التغلب عليها من خلال الشفافية والرقمنة وترك أثر مرئي لكل عملية في سلسلة التسيير، يمكن متابعته من البداية إلى النهاية للوقوف على كل خرق أو سوء تسيير.

الانتخاباتُ المقبلة في ظل التغيير الحاصل رغم الجائحة، قد تمكِّننا من رؤية البلد يتعافى قبل نهاية السنة: صحيا واقتصاديا وسياسيا، بعد أن نكون، على الأرجح، قد نظمنا انتخابات محلية قبل نهاية السنة، ونكون بذلك قد استكملنا مسار تأسيس اللبنات المؤسساتية الأساسية للانتقال نحو ضفاف الجزائر الجديدة.

الانتخابات التشريعية في جوان، ستعرف تغييرا في الممارسة رغم أن المشهد الحزبي يكاد يكون هو نفسه عينه، فيما خلا بعض الأحزاب المتعودة على نظام الكوطة، والتي فضلت عدم الخوض فيها مخافة أن تنكشف قوة تمثيلها النيابي والشعبي القديم أمام الملأ، خاصة وأن الكل يعلم كيف تشكل البرلمان عن طريق “الشكارة” والكوطة. من هنا، فالمقاطعة تعني التخوُّف من الانكشاف لا أقلّ ولا أكثر.. أما حديث البعض عن “النتائج المعروفة سلفا”، فهي لازمةٌ معروفة لدى أحزاب المستحضرات المخبرية المجسدة بالكوطة لا بالصندوق.. التي تعرف نفسها وقيمتها وتخاف على نفسها من نفسها عندما تخضع الانتخابات إلى مقاسات وأوزان غير أوزان الزبائنية والمحاصصة والمجاملة السياسية.

مقالات ذات صلة