-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قمّةٌ.. للخيانة والتآمر!

حسين لقرع
  • 3349
  • 0
قمّةٌ.. للخيانة والتآمر!

بينما تصعّد حكومةُ الاحتلال العنصرية الفاشية جرائمَها اليومية بحقّ الفلسطينيين، ويكثّف المستوطنون اعتداءاتِهم عليهم وعلى بيوتهم ومرْكباتهم وحقولهم، لا تجد السلطةُ الفلسطينية أيّ حرجٍ في إرسال وفدٍ إلى العقبة الأردنية للمشاركة في “قمّةٍ” دعت إليها الولاياتُ المتحدة والكيان الصهيوني، وشاركت فيها مصر والأردن، ولم يُخفَ عن أيّ متتبّع ومحلل أنّها “قمةٌ” أمنية بامتياز، وإن حاولت الدولُ المشاركة تغليفَها بحضور سياسيٍّ باهت لم يكن له أيّ تأثيرٍ حقيقي في ظلِّ فرض الولايات المتحدة وربيبتِها لبندٍ واحد على جدول الأعمال: إنهاء المقاومة المنتشِرة في الضفة الغربية بأيّ ثمن.

ما تسرّب قبل “القمة” المشبوهة من أخبار متطابقة يؤكّد أنّها كانت “قمة” للتآمر على المقاومة الفلسطينية التي رسّخت جذورها في جنين ونابلس والقدس وأخذت تنتقل إلى الخليل ومدن ومخيّمات أخرى بالضفة الغربية المحتلة، وبدأت توجع العدوّ بضربات “ذئابها المنفردة”، وتنغّص حياة المستوطنين بالضفة بعد أن نعموا بالأمن ورغد العيش طويلا في ظلّ حماية الأمن الفلسطيني الذي جعل الاحتلالَ الصهيوني هو أقلّ الاحتلالات كلفة في التاريخ كلّه، بفضل “التنسيق الأمني” الذي قضى على المقاومة تماما في السنوات الأخيرة بالضفة، ومكّن العدوَّ من التفرّغ للاستيطان وقضمِ أراضي الضفة الغربية حتى استولى عمليًّا على 40 بالمائة من مساحتها وجعل قيام دولة فلسطينية عليها شبه مستحيل.

ومع ذلك، فإنّ السلطة الفلسطينية التي تلهث وراء سراب “السلام” منذ اتّفاق أوسلو 1993، بلا طائل، لم تيأس بعد، وهاهي تشارك في “قمة” العقبة وتتحدّث عن ضرورة “خلق أفُق سياسيٍّ يقوم على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية”، كمقابلٍ لأيّ دور تقوم به في إنهاء المقاومة مجدَّدا في الضفة الغربية، وكأنّ ثلاثين سنة كاملة من المفاوضات العبثية واستجداء دولةٍ على 22 بالمائة فقط من فلسطين التاريخية، لم تكفِها، ولا بدّ من 30 سنة أخرى تقضيها في مفاوضاتٍ ماراطونية جديدة، قد يستغلّها العدوُّ هذه المرة في الاستيلاء على الضفة كلّها وضمِّها وهدمِ المسجد الأقصى وبناء الهيكل بدله!

هو واقعٌ مرٌّ فعلا، لا شيء حققه ماراطون المفاوضات العبثية طيلة 30 سنة كاملة، ومع ذلك ترفض السلطة الفلسطينية أن تراجع نفسها وتنحاز إلى شعبها الذي ينتظمُ في مجموعاتٍ مسلحة بمدن الضفة لإشعال النار تحت أقدام الاحتلال وإجباره على الانسحاب منها كما انسحب من غزة ذليلا مهانا في أوت 2005، وهاهي تشارك في “قمّة” مشبوهة وتتّفق مع الاحتلال وأمريكا على “تخفيض التصعيد ومنع المزيد من العنف؟”، ما يحيلنا إلى ما تسرّب قبل “القمّة” من أنباء عن طرح أمريكا خطةً لإعادة تدريب 10 آلاف عنصرِ أمنٍ فلسطينيٍّ في الأردن بإشراف الجنرال الأمريكي فِنزل، وذلك لاقتحام جنين ونابلس وباقي بؤر المقاومة في الضفة والقضاء عليها نيابة عن جيش الاحتلال الذي عجز عن تحقيق ذلك إلى حدّ الساعة.

إذا حدث هذا، فستقع مواجهاتٌ دموية بين أمن السلطة و”عرين الأسود” وكتائب جنين وبلاطة وغيرها، وسيسيل الدمُ الفلسطيني خدمةً للاحتلال، وإذا انتهت المعركة بـ”انتصار” مسموم للسلطة وتصفية المقاومة، فسيمكن للاحتلال بعدها أن يمدّ رجليه ويطبّق “صفقة القرن” بسهولة ويصفّي القضية الفلسطينية، أما إذا خسرتها -في ظلّ احتضان الفلسطينيين لمقاومتهم والدفاع عنها مرارا كما أثبتت الأحداث- فسيعني ذلك سقوط هذه السلطة ونهايتَها ليجد الشعبُ الفلسطيني نفسه بعدها وجهًا لوجه مع الاحتلال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!