الرأي

كلمات عن التنوع والوحدة.. في ينَّاير الجديد

محمد سليم قلالة
  • 7239
  • 13

قوة بلادنا في تنوعها، في تنوع ألوان أبنائها وبناتها، وتنوع تضاريسها، ومناخها، وغنائها وطربها وألسنتها وحقبها التاريخية وثرواتها الطبيعة التي لا تُحصى… جمال بلادنا في هذا التنوع الذي هو آية من آيات الله تعالى في كونه الفسيح، الذي ينبغي أن نصونه ونحافظ عليه، ولا نجعل منه تنوُّعَ تضادٍّ أو إقصاء أو تهميش. عكس ذلك، ينبغي أن نجعل منه تنوعَ تكامل صانع للأخوَّة والسلام بين الجميع دون استثناء.

إن هذا التنوع هو الذي يجعل الجزائر منفردة بخصوصيتها، إن تاريخيا أو سياسيا أو ثقافيا.

حقبنا التاريخية المختلفة، هي جزءٌ من ذاكرتنا الوطنية، ولا يمكننا أن نعيش دون وعي هذه الذاكرة ووضعها ضمن خط مسارها الحضاري الصحيح، رافضين كل إقصاء لحقبةٍ من الحقب أو لمرحلة من المراحل، إن كان ذلك قبل الإسلام أو بعده. فكما لا ننكر أن الأمازيغ أسسوا نوميديا، لا ننكر أنهم فتحوا الأندلس وأسسوا ممالِك إسلامية في كامل الشمال الإفريقي إلى جانب العرب وغيرهم من الأجناس، بل دافعوا جميعا عن الجناح الغربي للأمة الإسلامية أكثر من 05 قرون حتى تستمر صامدة مدنٌ مثل مكة والمدينة والقدس ودمشق وبغداد وغيرها من المدن الإسلامية آنذاك. بل مَن واصل الجهاد البحري ضد الإسبان في حرب الـ300 سنة دفاعا عن المسلمين مشرقا ومغربا؟ ومَن أبرم المعاهدات مع أوروبا واعترف بالدولة الأمريكية عند نشأتها؟ أليسوا الجزائريين الذين امتزجت دماؤهم وأعراقهم وأنسابهم؟

هل من الوعي رفض هذا التكامل والتنوع؟

وإذا وصلنا إلى تاريخنا المعاصر، مَن كافح الاستعمار الفرنسي الغاشم الذي أراد أن يُكمِل رسالة التمْدِين الأوروبية؟ أليس كل الجزائريين مجتمعين؟ هل كانت جهة خائنة موالية للمستعمر وأخرى مكافحة له، أم إن كل الشعب الجزائري هبَّ هبَّةً واحدة واختلطت دماؤه وأعاد للجزائر سيادتها؟ إلى من ننسب هذا التاريخ وكل هذه القرون؟ ألا تكفي كل هذه التضحيات التي جعلت دماء الجزائريين وأنسابهم وأعراقهم تختلط لتصنع مزيجا فريدا من نوعه يفتخر بصلابته وقوته، كما يفتخر بتاريخه وثقافته ولغته الأمازيغية وباللغة العربية لغة القرآن الكريم دينه الذي لن يرضى عنه بديلا؟

أليس من واجبنا أن نحمد الله على نعمة هذا التنوع كأمة كبيرة، وأن نعمل لنجعلها كذلك، اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، تهابها الأمم ويخشاها الأعداء ويتودّد إليها الأصدقاء؟ أليس من واجبنا أن نُجانب ذلك التفكير الضيِّق القائم على الإقصاء أو على الأَبوية أو على منع الآخر من أن يكون كما يريد؟ 

إننا في حاجة إلى قول هذه الكلمات اليوم لتسود الروح التكاملية الواعية بيننا، لا أقول نحتفل بينَّاير يوما وطنيا لأننا كنا نحتفل به دوما، بل ونحن نشهد ترسيمه مناسبة وطنية لكل الجزائريين في هذا العام الجديد.

مقالات ذات صلة