الرأي

كورونا ليست مؤامرة… ونحن في خطر!

محمد سليم قلالة
  • 3940
  • 9
ح.م

كورونا ليست مؤامرة من دولة ضد أخرى، أو من أحد ضد أحد، إنما هي واقع مرير أصبحت تعيشه البشرية جمعاء بين فترة وأخرى، قدّر الدكتور وليد عبد الحي عدد الأوبئة التي شكلت هذا الواقع المرير   بين عامي 2000 و 2020  ب 10 أوبئة بمعدل مرة كل سنتين أو ثلاث ( السارس، انفلونزا الطيور، أنفلونزا الخنازير، الكوليرا، إيبولا، فيروس زيكا، الحمى الصفراء، الطاعون) و كورونا فضلا عن HIV االسابق، بما يعني أننا بعد سنتين من الآن سنعرف فيروسا آخر أكثر تطورا وأكثر فتكا إذا لم نستعد للأمر… وعلينا ألا نتفاجأ بذلك.

المفاجأة هي أن لا نكون مستعدين وأن لا نستطيع مقاومة الفيروس الجديد فننهار حتما أمامه. تلك هي المشكلة وهذا الذي ينبغي أن نخافه في بلادنا، على خلاف الصين أو إيطاليا أو أي بلد أوروبي أو غربي آخر.

نحن بلا وأوبئة نعرف وضعا خطيرا في مستشفياتنا ومخابرنا، بلا أوبئة ويخاف المواطن فينا أن يمرض أو يضطر إلى الانتقال إلى الاستعجالات الطبية، فما بالك لو انتشر لدينا أي وباء.

إيطاليا الدولة الصناعية  المتقدمة تشتكي اليوم قلة الإمكانيات وتطلب المساعدة! فما بالك نحن لو تفشى بيننا الفيروس لا قدّر الله، ما الذي نستطيع عمله؟

هو ذا السؤال الذي يؤرقني اليوم بحق ويجعلني أسأل الله تعالى أن يحفظ بلدنا من كل مكروه. وهو الذي يجعلني أكثر اقتناعا أن أولوية الأولويات قبل الدستور وقبل تنظيم مؤسسات الدولة وقبل الانتخابات وقبل حل مشكلة الشرعية، أن تكون لدينا  خدمات تعليمية وصحية عالية، كائن مَن كان يتبناها… هذان القطاعان ينبغي أن يكونا فوق السياسة وفوق الخلافات السياسيةْ أي أن يكونا محل إجماع المجتمع بطريقة أو بأخرى وبعدها ليتنافس في ذلك المتنافسون. وليحدث ما يحدث في بلادنا أو في العالم.

الصين اليوم تحاصر المرض بالعلم وهي تتحكم فيه تدريجيا وستنتصر، وكذلك أوروبا وأمريكا، وبلا شك مخابراهم اليوم تشتغل على مدار الساعة لإيجاد وسائل اكتشاف المرض أو اللقاح المضاد له، أما نحن فما السبيل الذي  نسلكه لو اجتاحنا  اليوم هذا الوباء وأصبحت الإصابات بالآلاف أو اجتاحنا غيره بعد سنتين من الآن؟ مخبر واحد على المستوى الوطني للكشف عن الإصابة، ومحاليل كاشفة محدودة، وأَسِرَّة للانعاش لا تكاد تكفي للمرضى في الحالات العادية… هل يمكن أن نتصور حجم الكارثة التي ستحل بنا؟

بلا شك أنها ستكون كذلك، لذا علينا الانتباه للأمر وإدراك أن السياسة تقتضي ضرورة الاتفاق الفوري على الحد الأدنى  من القضايا والقطاعات بعيدا  عن التجاذبات الحادة،  وعن تلك الخطابات المُلهِبة للعواطف التي تجعل من الصراع حول السلطة غاية في حد ذاته وكأنه الهم الأول والأخير…

وهذا الحد الأدنى هو أن نتفق على كيفية تطوير قطاعي التعليم والصحة بشكل عاجل، كيفية تجنيد كافة الوسائل لتحقيق ذلك وفي المستقبل المباشر، وبلا شك ستتبع باقي القطاعات. أما إذا استمررنا في البحث عن التغيير الكلي والكامل والجذري، فلن نصل إلى ذلك قبل أن تفتك بنا دورة جديدة من الفيروسات، إن لم تكن مرضية فستكون بشرية سلطوية كما حدث لنا من قبل. ولنا الاختيار…

مقالات ذات صلة