-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كيمياء التزييف الإعلامي

عمار يزلي
  • 592
  • 0
كيمياء التزييف الإعلامي

الكيانُ الصهيوني، الذي غرسه الغرب الاستعماري التقليدي ورعته الرأسمالية المتوحشة ضدّ “الباربار” “المتوحشين” في المشرق العربي، منذ قرون، هو هذا الكيان اليوم الذي يُرسم له صانعوه ورعاته، على أنه “واحة للديمقراطية” وفي فضاء جيوسياسي أوتوقراطي ثيوقراطي دكتاتوري..

لا طعم فيه للديمقراطية ولا رائحة فيه للعدالة ولا الإنسانية، هذا الكيان المزعوم أنه واحة للديمقراطية والحرية وحتى الأخلاق، ماداموا، في الكيان الغاصب، على كل ما فعلوه وما يفعلونه وما أجرموا وما يجرمون، يقولون علانية وعلى لسانهم كبراء ساستهم وقادة عساكرهم إن “جيشهم هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”، وينددون بالأمين العام للأمم المتحدة، على أنه أصدر موقفا غير أخلاقي، لكونه طالب بوقف إطلاق النار..

أخلاقهم، يقصد أخلاق من لا خلاق له، أخلاق من يقتل الأطفال والرضع والخدج والحوامل والعجائز ويتبجّح بذلك ويغني “شعبه ومدنيوه” في الحفلات أغاني راقصة جماعية دينية “الهيلولة”، فرحين ضاحكين مستبشرين قائلين: “لم يعد هناك أطفالٌ في غزة.. لم يعد هناك مدارس..”. هذا الكيان، ومناصروه من الغرب الأمريكي والغربي، ممن علّموه السحر، وكيمياء الكذب والغرور، ما زالوا يفعلون ما لم يعد ينطلي سحرُ وكيمياء كذبهم حتى على جمهورهم.

كيمياء التزييف الإعلامي على أشده في هذه “الواحة الديمقراطية” واحة حرية التعبير والحريات الفردية، والإنسانية والأخلاق وحقوق الإنسان والطفل والمرأة والشواذ.. يخلطون هذه الأيام التي يتجرعون فيها كؤوس الويل والثبور في غزة والضفة على أيدي مقاومين أشاوس يقاومون شظف العيش والطبيعة والحر والمطر ويقاومون بضراوة أعتى جيوش وآلات الدمار في المنطقة برمتها، يخلطون فيها خلطات التزييف، تزييف الواقع الذي لم يستطيعوا تغييره فعلا وفق محددات حدَّدوها لأنفسهم كأسقف أعلى من المتوقع.

ولأن جرائم الإبادة واضحة للعيان، فقد لجؤوا إلى سحر الصورة كسحرة فرعون لعلها تعمى الأبصار عن الأنظار، وشرعوا في توليفات كيميائية مما كان يسمى “الخيمياء”، التي انتشرت بين القرنين الـ5 والـ16 في أوروبا، وحتى في الحضارة الإسلامية في العصر العباسي والأندلسي، التي تعتمد على تجارب فيزيائية باطنية من أجل تحويل فلزات المعادن إلى ذهب، هذه التي قال عنها ابن الرومي في وصف الزلابية في بغداد: “كالكيمياء التي قالوا ولم تصب” خليط من المقادير والكميات من الدجل السياسي، ممزوجة بعدة مقادير من البهتان الدعائي، مع مقدار من قلة الحياء والخجل، ومقادير ثلاثة من النذالة، والوقاحة، والصلف، تضاف إليها ملاعق من الإخراج المهلهل السريع المغلي على نار غير هادئة، إذ يخلطون الكل ويخضع الكل لتحميض تركيبي على السريع من أجل إخراج صورة أو فيلم دعائي أو فبركة إعلامية خبرية، تضاهي البيانات العسكرية للمقاومة، تلك الفيديوهات الواقعية المصوَّرة من قلب الجحيم من طرف مقاومين هواة في السينما وسحر الصورة لكنهم صاروا أكثر احترافية واقعيا وميدانيا من أي مخرج محترف، ناهيك عن أفلام الدعاية العسكرية التي تصوِّر جندَهم سياحا بين الركام، أو يلجؤون إلى تزييف الصور عبر الفوتوشوب، وتركيب فيديوهات لإظهار “بسالة” الجندي الصهيوني وهو يقصف المنازل ويدمر المدارس ويداهم المباني المهدمة من دون أن نشاهد ولو مقاوما واحدا حاملا سلاحه ويطلق النار. وعندما استحال عليهم ذلك، لجؤوا إلى كيمياء الدعاية عبر الفبركة والكذب وتحويل المدنيين المختطفين من مقرات اللاجئين إلى أسرى حماس، جرّدوهم من لباسهم وقدموهم لمشاهديهم العطشى للصورة الواقعية، على أنهم “إرهابيون” تم اعتقالهم، ثم يخرج عليهم رئيس وزرائهم بوقاحة ويطلب من البقية الاستسلام، كوميديا سخر منها حتى الصهاينة أنفسهم.. فأهل البقرة أدرى بخوارها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!