الرأي

لماذا 39 وزيراً؟!

حسين لقرع
  • 2215
  • 11
ح.م

في الوقت الذي تشدّ فيه الأزمةُ الاقتصادية خناقها على البلاد بفعل تداعيات انهيار أسعار النفط منذ صيف 2014 إلى الآن، تكشف الحكومة الجديدة أنّ تشكيلتها الوزارية لا تقلُّ عن 39 عضوا: 28 وزيرا و7 وزراء منتدبين و4 كتاب دولة!

هذا العدد الكبير من الوزراء والوزارات المستحدَثة سيكلف الخزينة العمومية أموالا طائلة كان بالإمكان اقتصادُها واستثمارها فيما ينفع الوطن والمواطن لو لجأت الحكومة إلى دمج العديد من الوزارات واختصار عدد الوزراء إلى أقلّ من 20 وزيرا، كأنْ تُدمج وزارتَا الفلاحة والصيد البحري، ووزارتا الاتصال والثقافة، والتربية والتعليم العالي، وتُلغى وزاراتٌ شكلية كوزارة العلاقات مع البرلمان… لكن ما حدث هو العكس تماما؛ فهناك وزارة للصيد البحري وأخرى للفلاحة في الوطن كله ووزارة ثالثة منتدبة مكلفة بالفلاحة الصحراوية وحدها، والأمر نفسه تكرر مع قطاعات أخرى؛ فهناك وزارة للبيئة تُعنى بشؤون هذا القطاع في الوطن كلّه وأخرى منتدبة مكلفة بـ”البيئة الصحراوية” فقط، وثمّة وزارةٌ للصحة وأخرى منتدبة مكلفة بالصناعة الصيدلانية، مع أنّ الإنتاج الصيدلاني من مهامّ وزارة الصحة، وهناك أيضا وزارةٌ للتجارة وأخرى منتدبة للتجارة الخارجية مع أنّ هذه الأخيرة فرعٌ من الأولى، وثمّة وزارةٌ للثقافة وكتابة دولة مكلفة بالإنتاج السينماتوغرافي وكتابة دولة مكلفة بالإنتاج الثقافي.. فماذا تفعل وزارة الثقافة إذن إذا كان الإنتاج الثقافي تتكفل به كتابةُ دولة؟! وهل لدينا إنتاجٌ سينمائي مرموق حتى نُنشئ له وزارة منتدبة؟ ولماذا لا تكتفي الحكومة بإعادة بعث الديوان الوطني للصناعة السينيماتوغرافية وانتهى الأمر؟ والملاحظة نفسُها تنطبق على وزارة الشباب التي أضيفت إليها كتابة دولة مكلفة برياضة النخبة، فماذا تصنع وزارة الرياضة إذن إذا كانت لا تُشرف على دعم النخبة الرياضية ومرافقتها وتترك هذه المَهمّة لغيرها؟! والعجبُ نفسه نراه في قطاع المؤسسات؛ فعوض دمجه في وزارة الصناعة اقتصادا للمال في عزّ الأزمة ودعوة المواطن إلى التقشّف وشدّ الحزام، استحدثت الحكومة ثلاث وزارات للمؤسسات: وزارة للمؤسسات الصغيرة والناشئة واقتصاد المعرفة، ووزارة منتدبة مكلفة بالمؤسسات الناشئة، ووزارة منتدبة مكلفة بالحاضنات؟!

ومقابل هذه الفوضى في إعادة هيكلة الوزارات، فقد تمكّنت السلطة من نصب فخّ لعددٍ من “المعارضين” بغرض استقطابهم وتعريتهم تماماً أمام الرأي العام.. طيلة 10 أشهر وهم ينادون برحيل النظام القائم وتحقيق الانتقال الديمقراطي ويرفضون الانتخابات الرئاسية ويحرّضون الشارع على التصعيد… ولكن ها هم الآن ينسون كل هذه “المبادئ” التي أوهمونا بـ”النضال” من أجلها، ويسارعون إلى الانضمام إلى الحكومة بمجرّد عرض مناصب وزارية عليهم، وهو دليلٌ إضافي على أنّهم لم يكونوا “يناضلون” من أجل الانتقال الديمقراطي كما كانوا يزعمون، بل من أجل التموقع والاستوزار. وستكشف تصريحاتُهم الأولى قريباً أنّهم قد غيّروا مواقفَهم ومواقعهم بسهولة وأصبحوا من أشدِّ أنصار النظام كما فعلت من قبل خليدة تومي وعمارة بن يونس اللذان نسيا ما كانا “يناضلان” من أجله بمجرّد انضمام حزبهما إلى الحكومة في سنة 2000، ولله في خلقه شؤون.

مقالات ذات صلة