الرأي

لِنَرفَع معنويات الناس

محمد سليم قلالة
  • 763
  • 8
ح.م

دائما أؤمن بأن الجزائر لن تتأخر في أن تَسلُك طريق التقدم رغم المؤشرات الكثيرة الدالة عكس ذلك، ورغم عدم ثقة الناس في أن الرموز السياسية القائمة اليوم على الشأن العام قادرة على ذلك بعد كل الوقت والمال الذي أضاعته دون إحداث تلك الوثبة المنتظرة التي كثيرا ما كان يذكرها الرئيس السابق ليامين زروال ونحن في أصعب مرحلة مرت بها البلاد خلال العشرية السوداء. ومازلتُ إلى اليوم أؤمن بأن الجزائر التي أنجبت الشهداء وكبار السياسيين النزهاء الذين صنعوا أمجاد الحركة الوطنية وتمكنوا من الانتصار على أعتى استعمار عرفته المنطقة، بإمكانها في أي لحظة من لحظات القدر أن تُنجب مَن يُصحِّحون مسارها ويعيدونه إلى الطريق الصحيح. أكاد أكون مقتنعا بأنه لن يتأخر ليبرز في هذه البلاد من بين أبنائها مَن يُمكِّنها من أن تكون في مستوى تضحيات شهدائها الأبرار ونحن نحيي هذه الأيام ذكرى ثورة نوفمبر المجيدة..
وليس هذا أبدا من قبيل الحلم الذي يُراود أحد الواثقين في مستقبل بلده فحسب، إنما هو من قبيل القراءة الإيجابية لحقائق الواقع الذي نعيشه بمختلف مكوناته. ألسنا جميعا اليوم على دراية تامة بحقيقة المرض الذي نعانيه؟ ألسنا جميعا اليوم نعرف طبيعة المشكلات التي نعيش؟ ألسنا جميعا اليوم نتطلع إلى التحسين والتطوير وأن يكون بلدنا أفضل مما هو عليه في كافة القطاعات؟ أليس هذا هو طموح الشباب والكهول والرجال والنساء وحتى الأطفال؟ ألا يعني هذا أننا نعيش حالة وعي “ثورية” نوفمبرية من نوع آخر تتمثل في الاستعداد التام لتحقيق الوثبة الحلم التي كان يتطلع إليها كثير من الرجال المخلصين في هذا البلد؟
لماذا نستهين بهذا الوعي وقد صنعته سنوات من معايشة الأمر الواقع وتقييم السياسات والرجال؟ ولماذا لا نعتبره قاعدة حقيقية للانطلاق نحو بناء المستقبل؟ ما الذي يمنع من الاستثمار فيه والرفع من معنويات الناس لترقية كافة المجالات؟
يبدو لي أن مشكلتنا تبدو بالأساس هي في هذا المستوى، في قلة المستثمرين في هذا الوعي المتزايد من الوطنيين المخلصين، في ضعف الثقة في قدرة واستعداد الناس على بناء بلدهم وليس أكثر من ذلك. وعلينا أن نُصحح ذلك سياسيا قبل كل شيء.
إن الحل في بلدنا لن يأتي من خلال مزيد من “تسويد” الأوضاع، أو شحن “العواطف” أو الاستثمار في “المآسي” والأمراض” و”المهازل”، ولا في نسب النمو الضعيفة والأرقام المهولة من المال الفاسد، ولا حتى في تذمُّر الناس أو سخطهم على الأوضاع مهما كانت، إنما في الرفع من معنوياتهم، وإبراز قدراتهم، بأنهم يستطيعون بناء بلدهم بصورة أفضل، بأن غالبيتهم الساحقة صالحة وليست فاسدة، بأنهم يستطيعون اللِّحاق بركب التقدم والوفاء لتضحيات الشهداء.. لم يفت الأوان بعد.. فقط علينا قراءة الواقع اليوم قراءة نوفمبرية جديدة بعيدا عن كل تشاؤم أو تَيئيس أو نسيان للاستثمار في الوعي والمعنويات قبل أي استثمار.

مقالات ذات صلة