-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مات العقل وبقيت “الأرجل”؟!

الشروق أونلاين
  • 4349
  • 1
مات العقل وبقيت “الأرجل”؟!

يدرك الجميع، مستغربين أو مرحّبين أو متسائلين، أن ثقافة الأقدام في وقتنا الراهن تفوقت بالضربة القاضية على ثقافة الأقلام، ويا ليت الأمر اقتصر على الأولى فحسب، بل إنّ ثقافة الهز و”التحزيم”، والشطيح والرديح، تكاد تتفوق على الأقدام والأقلام معا في عالمنا العربي والإسلامي المعاصر؟!

هل ينكر أحد أن رحيل مغنيةٍ محدودة المستوى، مثل سوزان تميم، وقبلها المغنية ذكرى، ومن قبلهما أم كلثوم وعبد الحليم ومحمد عبد الوهاب، شكّل لدى الرأي العام العربي، صدمة أشدّ من رحيل كبار العلماء، كلّ في مجاله؟!

إلى متى ستظل هذه الأمة تقاس براقصاتها لا بعلمائها، وبمغنييها لا بمفكريها، وبلاعبيها لا بفلاسفتها؟! ألا يتحمل أصحاب القرار السياسي والثقافي جزءا كبيرا من المسؤولية، حين يصبح فتح قناة موسيقية لممارسة الردح، ليل نهار، أبسط بكثير من إنشاء قناة علمية أو إخبارية أو تربوية؟! لماذا نستعجل ونغضب كثيرا في الجزائر مثلا، لتأخر فتح قناة رياضية خاصة بالمونديال، أكثر من غضبنا لعدم فتح المجال السمعي البصري برمته ومنع إنشاء قنوات ثقافية واجتماعية وفكرية؟ ألم يتحوّل منصب حارس مرمى في قائمة الفريق الوطني بالمونديال عند البعض إلى أهم وأخطر، من تعيين عالم دينٍ في منصب مفتي البلاد؟!

لم يكن المفكر والفيلسوف العربي البارز محمد عابد الجابري، ولا أيّ شخص آخر، مهما بلغت درجة علمه، ووصل مستوى تفوقه ونبوغه، سيدرك تاريخ رحيله، أو يعرف يوم وفاته، قبل وقوعها بالفعل، فالموت يأتي بغتة، ويدركنا ولو كنّا في بروج مشيّدة، لكن رحيل الجابري على مكتبه، وبين مؤلفاته، يحمل أكثر من دلالة ورمزية، على هذا النضال الفكري الكبير الذي تميز به الرجل، وافترقت حوله الآراء، حتّى وإن كنّا نعلم تمام العلم، أن الجابري وغيره، كانوا يدركون أن وفاته ستمر هكذا، بدون إحداث ربع ضجة إعلامية أو شعبية، كتلك التي تصاحب رحيل مغنية أو راقصة أو لاعب كرة قدم؟!

لقد أصبح رحيل مغنيةٍ في كباريه، أو مقتل راقصة على يد عشيقها، أو مصرع لاعب كرة قدم انتحارا، يُشكِّل فارقا في هذه الأمة، أكثر من رحيل عالم جليل تم تعذيبه في سجن، أو مفكر كبير، مات يصارع الأفكار بين كتبه، مثلما وقع للجابري قبل أيام، ولا ريب أن أمةً، ترتب أولوياتها، بهذا الشكل، لن تستمر طويلا، لأنها كتبت شهادة وفاتها بيديها حين قررت أن تفكر برجليها ووسطِها، وليس بعقلها؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • رانية

    صدقت ما قلت وما كتبت .والله العظيم لانعرف اين نحن فلسطين ضاعت وبيعت.والعراق غارق فى الدماء واليمن يحتضر السودان يتمزق.سمال افريقيا او المغرب العربى امواله فى الشريكات الحربية الغربية والشعوب محتاجة له تبرج المسليمات فاق الحدود .الفساد منتشر .الفضائيات الاغانى الساقطة والعرى .علماء الدين صامتون او نائمون .امريكا هى التى تقرر المناهج المدرسية ومناهج الدين .الحكام فرحون بما تقرره امريكا المهم لا احد يزعزعه من عرشيه .حسبنا الله ونعم الوكيل .لانعرف نحن من .من نحن’