-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ما لا يقال

ماذا بعد المصالحة؟

ماذا بعد المصالحة؟

المصالحة الوطنية في جنوب إفريقيا بدأت بالمكاشفة والمصارحة، وتقديم الحقائق وانتهت بطي “ملف الآبارتهايد”، وانتقال السلطة من الأقلية “البيضاء”إلى الأغلبية “السوداء”، والمصالحة الوطنية في الجزائر بدأت بقانون الرحمة فقانون الوئام المدني ثم الاستفتاء حول السلم والمصالحة الوطنية، وبقي باب “التوبة” مفتوحا على مصراعيه.

  •  فماذا تحمل تصريحات بوتفليقة في طياتها لمن سلموا أسلحتهم ولمن اختار المعارضة من خارج الجزائر؟  وهل يريد المكاشفة والمصارحة أم مجرد حملة انتخابية؟
  • يقول بوتفليقة بأن »هناك أصوات تقول لم تعطنا حقوقنا، اذهبوا إلى الشعب، فهو يعطيكم إياها، لا أستطيع أن أفرض على الناس أن يقبلوا بكم. لقد أهلكتمونا أهلككم الله«. وهي رسالة موجهة لأكثر من جهة، فهي تدخل في إطار الحملة الانتخابية، وتلبي رغبة الجهات الرافضة لعودة »الإنقاذ« للعمل السياسي، وبالتالي فإن »اليسار« يكون قد تلقى ردا إيجابيا على اتهام بوتفليقة بأنه في خدمة التيار الإسلامي. وهو بالتالي »يجس نبض التائبين واليساريين«.
  • وقد كشفت ردود الأفعال عن »هشاشة« إيمان بعض القيادات الإسلامية بالمصالحة الوطنية، إذ اعتبر البعض فهم هذا التصريح الانتخابي »نقطة الصفر« وكأن هؤلاء التقادة يتعاملون مع »نظام سياسي أحادي«، أو كأنهم يعتقدون بأن بوتفليقة يتحدث كرئيس دولة وليس كمرشح حر. فالسذاجة هي التي تدفع بالبعض إلى »التشنج« في ردود الأفعال، دون أن يدرك أن هناك ستة مترشحين، ولكل واحد تصوره للمصالحة الوطنية القادمة، أما مصالحة السنوات العشر الماضية فهي تثبيت لقانون لحماية البلاد من »مأساة وطنية أخرى
  • أما الرسالة الثانية التي حملتها تصريحات بوتفليقة فهي لأولئك »حملة السلاح« ممن يريدون العودة إلى العمل السياسي، دون أن يدركوا أن ذلك غير ممكن ما لم تكن هناك »مكاشفة« ومعرفة الحقائق حتى تبقى للأجيال القادمة ضمانا لعدم التكرار
  • ويوجه بوتفليقة خطابه الانتخابي إلى من كانوا، في نظره، سببا في الأزمة، ويدعوهم إلى »الاعتراف جهارا نهارا من عواصم البلدان التي يقيمون فيها أو من الجزائر العاصمة بالضرر الذي ألحقوه بالمصالحة الوطنية، ويعتذروا للشعب الجزائري الذي ذبح تذبيحا، وإن لم يفعلوا فإنهم يجب أن يبقوا في دار بعيدة عن ديارنا لا نرى ملتقى معهم«.
  • وفي هذا الخطاب يتخذ بوتفليقة موقفا جديدا لحماية »مشروعه« في المصالحة الوطنية، وهو ربط العفو بـ (الاعتذار) لكل من يقف ضد المصالحة الوطنية، سواء من رجال الأمن ممن تقاعدوا أو هاجروا، أو من قادة »الفيس« ممن هم في الداخل أو الخارج.
  • وهنا »لغز« التصريح، ربما يكشف عنه لاحقا حين يكتمل مشروع »بناء المسجد الكبير«! لا شك أن هذه التصريحات قد تعيد »خلط« أوراق التيار اللائكي والإسلامي، وتدفع بالتيارين إلى تحديد موقفهما من الرئاسيات، فهو لا يريد »فرجة« للمقاطعة، ولا عرسا دون عري
  • ماذا لو يعود سعد زعلول والعقاد والتابعي وغيرهم؟!
  • هناك جهات، في السلطة، تحاول تجريم الكتابة، لحماية »المترشحين الستة« مما تسميه بـ (المساس) بسمعتهم، وكأننا في مرحلة انتخاب رئيس وليس برنامجا أو مشروعا.
  • المشرع يعني فريق عمل وتصورًا لنظام الحكم، وهذا مع الأسف الشديد مفقود في رئاسيات 2009.
  • فماذا لو يعود البطل العربي سعد زغلول ليردد بأن (حزب الأحرار الدستوريين) مجرد »برادع الأنجليز«؟ وماذا لو يعود عباس العقاد ليصفهم بـ (الشراميط) في كتاباته؟ وماذا لو يعود محمد التابعي وهو يطلق اسم ( الفاصوليا) على وزير العدل، أو يعود مصطفى أمين وينشر مقاله المشهور »اخرج أيها الوزير الصغير« الذي يقول في مقدمته ما يأتي: »من نكد الدنيا أن صاحب المعالي محمد هاشم أصبح وزيرا في هذا البلد، لا لأنه كفاية ممتازة، ولا لأنه نائب بارز، ولا لأنه قطب من أقطاب الأحزاب، ولكن لأنه زوج بنت رئيس الوزراء، ويا ويل أي رئيس وزراء يتولى الحكم بعد اليوم، ولا يختار زوج ابنته وزيرا، فإن الطريق إلى الوزارة أصبح بعد تعيين الأستاذ هاشم وزيرا طريقا سهلا وميسورا بفضل عقد يكتبه المأذون«.
  • إذا تأملنا المرشحين نجد أن بعضهم اختار شعارا لبرنامجه ولو كان خاطئا أو لا يحمل صفة الشعار، والبعض الآخر اختار لونا له، ولو كان اللون مناقضا لمضمون خطابه، والبعض »تقيأ« وعودا نقابية وأخرى خرافية، والبعض الآخر لم يفرق بين بوتفليقة الرئيس المنتهية عهدته، وبين بوتفليقة المترشح مثله. وحتى عملية الاتصال بالمواطنين سموها اتصالا جواريا، بينما هو لقاء »أعيان« و»زعامات« و»شيوح قبائل«، لأن الاتصال الجواري هو التعريف بالبرنامج وتسليمه للمعني بالأمر، وحتى الصور ليس هناك ما يشبهها في الأحجام وطريقة التباهي، ولا تعكس سوى غياب استراتيجية اتصالية بالمواطن.
  • هل المواطن في حاجة إلى الصورة أم إلى صاحب الصورة؟ وهل المواطن في حاجة إلى رئيس أم إلى برنامج الرئيس؟
  • المؤكد أن الكثير فهم المصالحة الوطنية خطأ، فهي ليست »غير منتهية« زمكانيا، وليس من حقنا أن نبقي الباب مفتوحا، لتُوظَّف للثراء، وإنما يجب أن نفكر في مرحلة ما بعد المصالحة الوطنية أو المستقبل الذي نريده بعيدا عن »الهدرة« وأحاديث »الشارع«. وللحديث »بقية« وهي الكلمة التي كانت ممنوعة في عهد الملك فاروق.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!