-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
واجه انتقادات حادة من السياسيين والإعلاميين

ماكرون خسر الفرنسيين ولم يربح الجزائريين

محمد مسلم
  • 10241
  • 1
ماكرون خسر الفرنسيين ولم يربح الجزائريين
أرشيف
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

من إيجابيات الأزمة التي أحدثها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على صعيد العلاقات الجزائرية الفرنسية، هي أنها وحّدت الرؤى لدى الأوساط السياسية والإعلامية في الجزائر في التعاطي مع المستعمرة السابقة، عكس ما هو حاصل في الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، والتي تشهد تمزقا خطيرا في التعامل مع هذه القضية.

وبينما يصطف الجزائريون خلف موقف موحّد، وهو أن ما صدر عن الرئيس الفرنسي، يعتبر انحرافا غير مقبول، يستدعي مراجعة طبيعة العلاقات الثنائية وإعادة بنائها على أساس الندية، تحمّل مختلف الحساسيات السياسية والإعلامية، ماكرون مسؤولية توتير الأجواء مع الجزائر، واحتمال خسارة شريك تقليدي، بسبب مواقفه غير المحسوبة.

أبلغ تعبير عن المشهد الفرنسي هو ما كتبته جريدة “ميديا بارت” الاستقصائية وهي تهاجم ماكرون: “بعد أن خدعه عمى حقيقة النظام، وخيبة أمله لرؤية عقبات غير متوقعة تقف ضد إرادته لطي صفحة الذاكرة، مضللاً بنصيحة خلية دبلوماسية منتشرة في كل مكان، فتح الرئيس للتو مع الجزائر أزمة دبلوماسية غير مسبوقة”.

ووصفت إذاعة “فرانس إنتر” ما يحدث بين الفرقاء السياسيين في فرنسا بشأن التعاطي مع الجزائر بـ”الأمر الفظيع”. وكتبت عبر موقعها على الأنترنيت: “اليسار المناهض للاستعمار يرفض زيف الحقيقة التاريخية عن القمع، واليمين يرفض ما يسميه سياسة التوبة التي من شأنها أن تضعفنا”، وذلك بينما كانت بصدد التعليق على موقف ماكرون من الماضي الاستعماري لبلاده.

هذه هي المقاربة التي رسمتها “فرانس إنتر” عن خطوة الرئيس الفرنسي بشأن أحداث 17 أكتوبر 1961 الدامية في باريس، أما يومية “لوفيغارو” المعروفة بتوجهاتها اليمينية، فترى بأن أفضل حل لتجاوز التوتر الحاصل على صعيد محور الجزائر باريس، هو إقامة “علاقات متوازنة قوامها المعاملة بالمثل”.

متاعب ماكرون لم تتوقف عند الانتقادات التي تأتيه من مختلف وسائل الإعلام الفرنسية، بل تلقى أيضا هجوما عنيفا من قبل السياسيين الفرنسيين، ولاسيما الشخصيات التي قررت خوض سباق الانتخابات الرئاسية المرتقب تنظيمها في أفريل من العام المقبل.

زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، المرشحة المخضرمة للرئاسيات الفرنسية، لم تمر عليها تصريحات ماكرون الأخيرة والتي تضمنها البيان الصادر عن قصر الإيليزي، ومعها مرشحون محتملون عن “حزب الجمهوريون”، اليميني، ميشال بارنيي، وفاليري بيكراس، اللذان عبرا عن رفضهما لما أسموه “الاعتذار” المستمر للرئيس الفرنسي للجزائر بشأن الماضي الاستعماري لبلاده.

ويعتقد هؤلاء أن إيمانويل ماكرون “ذهب بعيدًا”، وهو يتحدث عن الجرائم “غير مبررة للجمهورية” الفرنسية، في إشارة إلى الانتهاكات التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية تحت سلطة المجرم موريس بابون، ويرون بأنه لا بد من وضع حد لما تسميه مارين لوبان “التوبات المتكررة”، والتي اعتبرتها “إهانات متكررة لبلادها من قبل الجزائر”.

ويصر منتقدو سياسة ماكرون ومواقفه على التأكيد بأن الضحايا كانوا من الجانبين، ولم تكن هذه المقدمة، سوى محاولة من المرشحين اليمينيين، لترسيخ قناعة مفادها أن الاعتذار إذا كان لا بد منه، فيجب أن يكون من الجانبين، وهو الأمر الذي يرفضه اليسار الفرنسي، أو ما يسميه البعض “اليسار المثقف”، الذي يقر بمسؤولية الدولة الفرنسية في الجرائم التي وقعت في المستعمرة السابقة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Haron

    رغم انهم استعمروكم 132 سنة ولكن على ما يبدو انت لا تعرف الفرنسيين ضاهرهم ليس هو باطنهم ماكرون في الطريق لولاية ثانية وبنتيجة ساحقة تذكر كلامي