الرأي

ما أكثر الأغبياء.. “الناجحين!”

محمد سليم قلالة
  • 3918
  • 4

عدم تكليف الكسول بالعمل هي أفضل مكافأة نقدمها له ليستمر في كسله، وأكبر طعنة نطعن بها المجدّ المثابر. الأستاذ الكفء ينبغي أن يكلف بأصعب المهام، والطبيب الكفء بأصعب المرضى والجرّاح الكفء بأعقد العمليات، والمدير الكفء بأصعب الإدارات، والعامل الكفء بأصعب المهام، وهكذا في كافة القطاعات…

المنطق يقول هذا، إذ لا يُعقل أن نكلف من ليست لديه كفاءة بالمهام الصعبة، وبالجهد الأكبر، ولكن المنطق يقول أيضا، أنه في مقابل عدم تكليف الكسول أو البليد ينبغي عدم مكافأته..

ما الذي يحصل في أغلب القطاعات عندنا؟

الذي يحصل أن الكسول لا يُكلّف، ولكنه يستفيد من نفس الأجر، بل ولا تغمض له عين عن أي امتياز، فهو أول من يتفطن له وأول من يعد الملفات له، وأول من يناور من أجله… أما المُجدّ فغالبا ما يكتفي بالحد الأدنى الذي يضمنه له القانون، فهو غارق في عمله، في جده لا يكاد يتفطن لحقوق أو امتيازات إلا بعد فوات الأوان…

وتنقلب الآية: يخرج الكسول منتصرا ناجحا، ويبدو المجد منهزما أمام الناس، لم يستطع تحقيق ما وصل إليه صاحبه..

وهي معضلة أي مجتمع لا يقوم على أساس تقدير قيمة العمل وتثمين الجهد البشري كأرقى أنواع الجهد. وهي أم الآفات، حيث لا نهضة بدون التغلّب عليها.

لا نهضة لنا إذا لم نميّز بين الناس على أساس الكفاءة والعمل..

لا نهضة لنا إذا لم نخرج من هذه المساواة القاتلة في الأجور بين المجدين والكُسالى..

لا نهضة لنا ما لم نوجد وسيلة لمنع الرداءة من أن تُكافأ، إن في الإنتاج المعرفي أو الاقتصادي أو في العمل السياسي.

لا نهضة لنا بدون أن تكون لدينا الشجاعة بأن نميز بين أجر هذا الطبيب وذاك الطبيب، هذا الأستاذ وذاك الأستاذ، هذا العامل وذاك العامل، هذا المدير وذاك المدير على أساس الجهد الحقيقي المبذول في الميدان، وليس على أساس ما يحمل كل منهم من رتب أو شهادات أو ما لديه من معارف وما يقدم من هدايا متزلفا لهذا أو ذاك.

يُفترض أن زمن التمييز على أساس الكفاءة قد حل إذا أردنا أن نبقي على قيد الحياة كمجتمع وكمؤسسات وكدولة.

 

أما إذا أردنا أن نموت فلنبقي الأمر في يد الكسالى الأغبياء… وما أكثرهم… من بين “الناجحين”…

مقالات ذات صلة