-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ما معنى أن يفوز كاتب بالجوائز في الجزائر؟

مبدعون يتحدثون عن سؤال الوجود وأوهام النجومية

زهية منصر
  • 607
  • 0
مبدعون يتحدثون عن سؤال الوجود وأوهام النجومية

ما معنى أن يفوز كاتب بجائزة أدبية في الجزائر؟ ماذا تضيف الجوائز للفائزين بها في الجزائر؟ فإذا كانت الجوائز الأدبية تشكل حافزا إبداعيا مهما تتيح للكاتب والناشر فرصة الانتشار وتحقيق الرواج للعمل الأدبي بالعديد من الأعمال والأسماء الإبداعية، سمع بها جمهور القراء انطلاقا من الجوائز، حتى لو كانت مثلا قيمتها المادية متواضعة مثل الكونكور في فرنسا، قيمة مالية رمزية لكنها في المقابل تعتبر قيمتها أدبية كبيرة تتيح للحاصل عليها فرصة الوصول إلى شريحة واسعة من القراء. فهل ينطبق هذا الواقع على الجزائر؟

مجموعة من الأسئلة حملنها لبعض الفاعلين في المجال الذين اتفقوا على كون الجائزة مهمة وإضافة للإبداع بشرط أن تتوفر الجائزة على قدر من المصداقية، التي تتيح لها بدورها منح الفائز بها حصانة أدبية وقيمة مضافة.

يعتقد عبد الرزاق بوكبة الذي أشرف على إطلاق عدد من الجوائز في إطار المبادرات الجمعوية أن الجائزة لا يمكنها تقديم إضافة لصاحبها ومحيطها” إذا كانت هي نفسها محتاجةً إلى من يعالجها من جملة أمراض ما أصيبت بها جائزة إلا كانت مطفأة؟ من ذلك أنها لا تحظى بتغطية إعلامية لازمة ولائقة، وبلجنة تحكيم وازنة، وبإشراف حكيم ومحكَّم، وبمستحقات مالية مغرية؟” ويرى بوكبة بأن من جملة شروط الجائزة حتى تكون إضافة، ألا تكون ثمرة ” للاستسهال والارتجال فالجائزة التي لا تكون مؤطرة في شكل مؤسسة محترفة في تسويقها وفي تنظيمها وفي توزيعها وفي متابعة ثمارها، ستذهب بذهاب الأشخاص الذين يقفون خلفها، سواء في المنابر الحكومية أم المستقلة، أو تبقى مجرد فقاعة قد تثير الانتباه إليها مؤقتا، ثم سرعان ما تتلاشى”. ويستدل بوكبة على كلامه بجملة الجوائز المتوفرة في الساحة فهي حسبه مرآة عاكسة لجملة الأمراض التي تعاني من الساحة الثقافية.

بالنسبة للأكادمي والناقد الأمين بحري فإن الأهمية القصوى للجائزة “تتمثل في جانبها الترويجي لاسم الكاتب.. إعلاميا.. وثقافيا.. إذ تمنحه نوعا من التجلي في الوسط الأدبي. ويسجل اسمع في تاريخ الأدباء المتوجين.. كما قد تكون محطة مهمة في مسيرة أي كاتب باعتبارها خطوة تشجيعية لمزيد من بذل الجهد والإبداعي في التأليف.. كما يمكنه الاستفادة منها كنقطة إضافية في سيرته الذاتية.. كمبدع وفنان” وتبقى بالنسبة لبحري القيمة الأساسية للجائزة في رمزيتها التاريخية التي تمنح صاحبها اعتراف رمزي.

وحسب بحري فإن الجزائر “أقل البلدان اهتماما واستقطابا للجوائز” ربما لهذا يبدو فيها القواقع مختلف عن بعض الدول التي تعتبر فيها الجوائز قوة أدبية.

بالنسبة للناشرة آسيا علي موسى فالجوائز الأدبية أضحت” ظاهرة تحكم قبضتها على الأدب وعلى سوق الكتاب أيضا، سباق محموم بين الكتّاب والناشرين على الفوز بلقب (جائزة أدبية)، لما يُحدثه ذلك من أثر على إقبال القراء والمؤسسات الثقافية وانتشارٍ للعمل الفائز وترسيخه ضمن الأعمال التي تدعمها الترجمات الأجنبية”. وتضيف اسيا علي موسى قائلة: ” لن أبدي هنا رأيي في الجوائز حتى لا أخرج عن موضوع سؤالك لأن ذلك أمر آخر. لكن من منطلق تجارب دار ميم للنشر مع الجوائز العربية وماذا ربحت الدار وما واجهها من مشاكل، رغم خصوصية التجربة وما تُحدثه من أثر معنوي إلا أنها تصدمه بمجموعة من العراقيل. ” ولعلى أبرزها و”أهم عائق، هو كيفية تصدير العمل الفائز وتوفيره للقراء خارج البلاد، مع ما نعلمه جميعا عن هذه الجزئية التي مازلنا نتخبط فيها منذ دهور. هذا العائق الذي يجرنا إلى آخر، وهو ضرورة المرور بوسيط عربي يؤدي هذا الدور بدل الناشر الجزائري وعن صيغ المعاملات التي لا تنصف الدار غالبا والتي تدخل الناشر الجزائري في متاهات كثيرة ومتاعب لا حصر لها. فإما أن يُضطر إلى آلية النشر المشترك الذي يكفل توفير الكتاب خارجا وتبقى الطبعة الجزائرية محلية فحسب بدل أن يستفيد منها ماديا الكاتب والناشر والبلاد. وإما أن يرضى بما تقترحه عليه الدور العربية مقابل طبعات لكل بلاد مع دار نشر في كل واحدة منها. “ومنه تخلص المتحدثة إلى كون الفوز الذي يحققه الناشر الجزائري لا يستفيد هو منه بالقدر الذي يفيد آخرين. يحتاج الأمر منه إلى الركض للبحث عن حلول لمشاكل من المفروض أنها غير موجودة. بدل اغتنام الفوز الذي حققه لإيصال الكتاب إلى أبعد نقطة ممكنة. حتى المعارض الدولية يغيب فيها الناشر الجزائري لنفس الأسباب ويغيب الكتاب ويغيب الأدب وثقافة البلاد… عدا تمثيلها في مؤسسة حكومية وحيدة لا تفي بالمطلوب.” وتؤكد المتحدثة أن دور النشر غارقة في مشاكل تجعل الحديث عن الجوائز الأدبية ترفا فكريا لأن “الكتاب محاصر هنا. فاز أم لم يفز. عُرف أم لم يُعرف. ودور النشر حبيسة قوانين بائدة نوقشت آلاف المرات والكل مدرك لذلك ولكن لا أحد يتجرأ على فكّ هذا الحصار. وأقصى ما تتيحه دار نشر جزائرية لكاتبها لإيصال صوته، هو أن تتحول إلى دكان محلي لناشر آخر خارج البلاد توفرت عنده الأسباب أو أن يقفز الناشر الجزائري لطباعة كتبه خارج البلاد بنفسه… في انتظار حلول أخرى أقل فداحة.”

أما عن الكتاب المتوج فالناشر بالنسبة للجهات الرسمية ( لا أحد). أو مجرد تاجر، والتتويج الأدبي للدار (لا حدث). عدا تكريم الكاتب هنا أو هناك في مناسبات خاصة. وبصفة شخصية محدودة.

يبقى التتويج مسألة معنوية خاصة بمشوار الدار وفقط.

مشاكلنا باقية ونحن نمضي نجرجر تبعات قوانينٍ تعامل الكِتاب بطريقة تقتل تمثيل أدب البلاد في الخارج. نمضي بإمكانات فردية محدودة جدا ونعاني أضعاف ما يعانيه غيرنا في البلدان العربية الأخرى. لسنا نشحتُ مساعدةً ولا دعما ولكن نطالب بفكّ الحصار عن الكِتاب وفتح التبادلات المالية التي تُسهّل عملية التصدير. لا نريد أكثر من زحزحة هذا الثقل الجاثم على صدورنا كناشرين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!