الرأي

متى تهبّ الجزائرُ إلى نجدة غزة؟

حسين لقرع
  • 4263
  • 19

لاريب أن الجزائر قد قدّمت – وبلا منّة- الكثيرَ للفلسطينيين والقضية الفلسطينية التي تناصرها ظالمة أو مظلومة، كما قال الرئيسُ الراحل هواري بومدين، ولعلها حينما أرسلت فرقاً من جيشها إلى مصر في حروب 1967 والاستنزاف وحرب 1973، كان هدفها الحقيقي هو مساعدة الجيوش العربية على تحرير فلسطين بعد تحرير الأراضي العربية المحتلة، وقد أعلن بومدين بوضوح أن استقلال الجزائر لن يكتمل إلا باستقلال فلسطين.

لكن الجزائر التي قدّمت شتى أشكال الدعم للفلسطينيين طيلة عقود، واحتضنت مؤتمر إعلان قيام دولة فلسطين، وكانت أول دولة تعترف بها في العالم، تحجم منذ سنوات عن تقديم الدعم المادي الكافي لسكان غزة، في الوقت الذي لا تزال تحرص فيه على دفع اشتراكاتها للسلطة في الضفة عن طريق الجامعة العربية، وبديهيٌ أن هذا الدعم المادي لا يذهب إلى غزة المحاصَرة من عباس والصهاينة وانقلابيي مصر.

ليس المطلوب أن تقوم الجزائر بدعم المقاومة في غزة عسكرياً، وإن كان ذلك أحدَ واجباتها وكلِّ الدول العربية والإسلامية، فهي لا تطيق مواجهة غضب أمريكا وتحدّيها، كما تفعل إيران التي ترسل الصواريخ والذخيرة وأسلحة مختلفة إلى المقاومة في غزة ولا تكترث بغضب أحد في حين يحجم كل العرب عن إرسال بندقية صيد واحدة إليها.

المطلوب من الجزائر هو فقط دعم غزة مادِّياً والسعي إلى تخفيف الحصار عنها وفكِّ كربها في حدود الاستطاعة، وما دامت تملك من الأموال الكثير وهي مودعة في البنوك الغربية، فلن يضيرها أن تخصِّص جزءاً بسيطاً منها لاقتناء حاجيات غذائية وعلاجية ضرورية لقرابة مليوني فلسطيني مستضعَف يعانون نقصا حادا في الغذاء والدواء والوقود ومختلف الحاجيات الإنسانية، تستطيع الجزائر أن توفد إلى غزة عشرات قوافل الإغاثة البرية والبحرية التي تحمل مختلف الأغذية والأدوية الضرورية وكذا الوقود لضمان تشغيل محطة الكهرباء الوحيدة بالقطاع المحاصَر لمدة 24 ساعة على 24 عوض تشغيلها 4 ساعات فقط يومياً، كما هو حاصل الآن، دون أن يكترث عرب النفط، ومنهم الجزائر، بقضاء فلسطينيي القطاع لياليهم في البرد وعلى ضوء الشموع.

صحيحٌ أن الجزائر أرسلت، عن طريق جمعيات مختلفة، قوافل إغاثة إنسانية عديدة إلى غزة، ولكنها غيرُ كافية؛ فمأساة مليونيْ فلسطيني محاصَر هناك مستمرة ومتفاقمة ولا يمكن تخفيفُها بقوافل ظرفية تُرسل إليهم من باب تبرئة الذمة، المطلوب وضع برنامج لإرسال هذه القوافل بانتظام، وهي محمّلة بالغذاء والدواء والوقود إلى أهلنا في غزة والسعي إلى إقناع النظام المصري الجديد بتمريرها وعدم عرقلتها، كما كان نظامُ مبارك يفعل، لاسيما وأن الجزائر لم تُدِن انقلاب 3 جويلية، وهذا عاملٌ قد يجعل نظام السيسي يحجم عن عرقلة قوافلها وإن كان لا يطيق سكانَ غزة.

 

المطلوب القليل من الاهتمام بمعاناة أهلنا في غزة وبرْمجة إرسال قوافل إلى القطاع بشكل شهري أو دوري على الأقل، وهذا من أوجب واجباتنا إزاءهم، ولكن الأمر لا يقتصر على الدعم الرسمي؛ فالمجتمع المدني يجب أن يتحرك بدوره وينظم قوافل إغاثة ويقتني مستشفياتٍ ميدانية مجهَّزة لغزة، كما فعلت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، فهو أيضاً معني بحديثنا عن خذلان غزة بصمته وعدم اكتراثه بمعاناة إخواننا هناك، على المجتمع المدني أن يبادر إن أحجمت السلطات، ولا شك أن ملايين الجزائريين سيسارعون إلى التبرع لفلسطينيي غزة إذا وجدوا جمعيات ومنظمات تبرهن عن انشغالها واهتمامها بأداء هذه المهمة الإنسانية والأخوية النبيلة.

مقالات ذات صلة