الرأي

متى نحتفل بعيد الأضحى؟

ح.م

 لا يقدم عيد الأضحى المبارك في الجزائر، الصورة التي ترتبط باسمه البديع، المزيج بين العيد والتضحية والبركة، ويكاد يجمع غالبية الجزائريين على أنه يوم للنسيان، عندما نتمسك بسلوك البداوة، الذي يجعل أحياءنا بما فيها المسماة بـ”الراقية” عبارة عن مراع، وتتحول المساكن وشرفاتها إلى إسطبلات، ويتعامل المواطن مع عيد الأضحى الذي ورثه عن الأنبياء، كطعام، يغوص فيه في شراء آلات شي اللحم والفحم.

وللأسف، فإن صور الخرفان التي تظهر على صفحات التواصل الاجتماعي تنافس وتتفوق على صور الناس، وهم يتبادلون التهاني. وإذا كان الله تعالى قد أقرّ في سورة الحج بقوله: “لن ينال الله لحومها ولا دماؤها”، فإن الناس قد حولت عيد الأضحى إلى خرفان ولحوم ودماء، في منظر صار يسيء للإسلام وطبعا للجزائر.

يضحي المسلمون في الإمارات العربية المتحدة وتركيا وماليزيا، من دون اللجوء إلى “البهرجة” المبالغ فيها في بلادنا، فإذا كان كثيرون لا يضحون بسبب الفقر، فكيف للبقية أن تعطي لأبنائها الخرفان ليمارسوا بها الرعي الفوضوي في قلب الأحياء والشوارع، وإذا كنا نحمّل مختلف البلديات ما تقترفه من مجازر بيئية في حق المواطنين، فكيف نمارس الذبح وترك جلود ودماء وأحشاء وفضلات الملايين من الخرفان في الشوارع تحت درجة حرارة لا تقل عن الأربعين مئوية.

يأمل الجزائريون في أن يمنحهم الحراك الشعبي الحرية الحقيقية التي افتقدوها أو اختُطفت منهم، من خلال تغيير شامل ليس في أسماء من يحركون دواليب السلطة فقط، وإنما في التغيير الشامل في سلوكيات المواطنين، الذين حوّلوا أعيادهم وأفراحهم إلى كوابيس بيئية وصحية وثقافية واقتصادية.

لقد ذكر الله سبحانه وتعالي في سورة الصافات القصة الكاملة للأضحية ولامتحان أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام: “فلما أسلما وتلّه للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين، إن هذا لهو البلاء المبين، وفديناه بذبح عظيم، وتركنا عليه في الآخرين، سلام على إبراهيم، كذلك نجزي المحسنين”، ولا تبدو أية علاقة بين القيم الموجودة في هذه الآيات من إحسان وصدق وصبر وفداء، وبين ما يقدمه الجزائريون في يوم الأضحى وما قبله، من تهافت وترييف وتشويه للمحيط وتحريف لقيم الأعياد الدينية، التي كان من المفروض أن نطل بها على العالم ونحن في أرقى صورة، فإذا بنا ننفر الناس من خلال هذه المظاهر المشينة التي بلغت درجة حرق آلاف الهكتارات من الغابات والمساحات الخضراء، من أجل توفير مادة الفحم للمتهافتين على الشواء، وممارسة قطع لحوم المواشي في الطرقات، حيث الغبار والحشرات والمجاري القذرة وأشعة الشمس الحارقة، واستعمار الأرصفة لبيع الكلأ، وغزو الغابات والمساحات الخضراء لبيع الكباش، أمام أنظار السلطات الصامتة، ورضا المواطن السلبي الذي يقبل بهذه العادات التي لا أساس لها من الدين الذي أقر عيد النحر، وليس نحر البيئة والنظافة والصحة وخاصة الأخلاق.

مقالات ذات صلة