-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نوستالجيا: في الأسماء وأعمال الزمن الجميل

مصطفى بديع: العبقرية التي خلدها “الحريق”

زهية منصر
  • 2314
  • 0
مصطفى بديع: العبقرية التي خلدها “الحريق”
ح.م

من منا لا يتذكر رائعة “الحريق”، المسلسل الذي رسخ في ذاكرة أجيال من المشاهدين؟ بمجرد ما كانت تنطلق الموسيقى التصويرية تخلو أزقة الأحياء من روادها ويتسمر الكل أمام الشاشة. أسماء عديدة خلدها مسلسل الحريق، فالشارع الجزائري اليوم لا يمكنه أن ينسى “لالا عيني”، ديدي كريمو ، وعمر الصغير، لكنه أيضا العمل الذي خلد مخرجه مصطفى بديع.

مصطفى بديع الذي لا يأتي عادة الحديث عنه كثيرا خاصة في الوسط السينمائي الجزائري، يقول عنه معاصروه إنه أحد العباقرة الذين أنجبتهم الجزائر في أحلك ظروفها “هرم من أهرامات الفن السابع في الجزائر”، وأبو المخرجين، قدم الكثير للمسرح والتلفزيون وبقي اسمه قرينا بالمسلسل الخالد “الحريق” المقتبس عن ثلاثية محمد ديب.

مصطفى بديع واسمه الحقيقي أرزقي برقوق، أطلق عليه اسم مصطفى بديع شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا في الأربعينيات لأنه لمس فيه حسّ فنان “بديع” في عمله وفي سلوكه، كان متمكنا من كسب قلوب المحيطين به بنفس تمكنه من تقنيات السينما وفنّ إدارة فريقه.

قبل أن يدخل ميدان السينما والتلفزيون، مارس الدراما بكل أشكالها حيث تعود علاقته بالمسرح لنحو 1945 أي لبدايات الحرب العالمية الثانية، كأول ممثل في فرقة المسرح العربي التي كانت تحت قيادة محي الدين بشطارزي إلى جانب مصطفى كاتب وحبيب رضا.

شارك بديع تقريبا في كل المسرحيات التي أخرجها أو ألفها بشطارزي. في بدايات 1949 وعمل مع عبد الحليم رايس حيث يعود الفضل له في كتابة وتأليف وتصوير أغلب المسرحيات التي قدمت بعد 1959 خاصة بعد تأسيس فرقة جبهة التحرير في تونس.

مصطفى بديع فنان متكامل مؤلف ومخرج بجماليات عالية، كان رجلا هادئا وأنيقا من مواليد حي القصبة العتيق في 19 جانفي 1928، تتلمذ في بداياته كمعظم أبناء الأهالي في المدرسة الاستعمارية.

انتقل بعدها إلى الإذاعة والتلفزيون وعمل في بداياته مساعد مخرج. بعد الاستقلال أخذ رفقة زملائه على عاتقه مهمة النهوض بالمؤسسة الوطنية للإذاعة والتلفزيون.

بدأ بديع مساره كمساعد مخرج وتخصص في المسرحيات والحصص البوليسية قبل أن يقدم “الموتى الحيين”.

جمع بديع بين الالتزام الوطني والالتزام الفني حيث التحق بالثوار وألقي عليه القبض في 1957 وسجن من طرف الجنرال ماسو وكان في القائمة السوداء للمنظمة السرية الفرنسية لتصفيته بعد أن أطلق سراحه ما بين عامي 1960 و1961.

في عام 1962 ساهم رفقة ثلة من المخرجين أمثال أحمد راشدي ولخضر حمينه في تأسيس السينما الجزائرية بمختلف هياكلها ومؤسساتها ورفع التحدي في المؤسسة الوطنية للإذاعة والتلفزيون عندما انسحب الفرنسيون.

قبل أن ينتقل إلى السينما والتلفزيون قدم مصطفى بديع عدة أعمال مسرحية أهمها مسرحية “أمهاتنا” و”غرفتين ومطبخ” في عام 1965 قبل أن يقدم أول فيلم جزائري طويل من نوع “مانطوسكوب”، “الليل يخاف الشمس” ليقدم في سنة 1967 قدم فيلم “هروب حسان طيرو”، وفي عام 1977 قدم بديع رائعته الخالدة “الحريق” دار سبيطار وهو العمل الذي خلد وجوها فنية أمثال شافية بوذراع، بيونة، عايدة كشود، حميد حناشي وغيرهم.

في عام 1987 قدم الراحل مصطفى بديع مسلسل “كنزة”. وكان آخر عمل له للتلفزيون هو مسلسل ديني قدمه عام 1996 عن “الحسن ابن علي” للباهي فضلاء لكن العمل لم ير النور بسبب تجسيده لإحدى شخصيات الصحابة عليهم الرضوان.

كان آخر ظهور لمصطفى بديع يوم الأحد 13 ماي 2001 لما كرمته جمعية الوئام التي أهدته جهاز إعلام آلي لكتابة مذكراته، لكن الموت كان أقرب إليه، فقد رحل عن الدنيا في يوم 30 جوان من عام 2001 عن عمر يناهز 73 سنة تاركا سجلا حافلا بالإنجازات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!