-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

معيار القوة وحده الفيصل

معيار القوة وحده الفيصل

أصبح بديهيا عند الجميع أنّ علاقات الدّول مرتبطة بالمصالح أولا، فإذا انتفت المصلحة خفّت العلاقة ثم ضمرت بانتهاء المصلحة.

إنّ عالم اليوم يرسِّخُ قناعة أخرى غاية في الغطرسة والطّغيان والاستبداد والخطورة، مفادها: إمّا أن تكون كما أريد أو أن تزول.

ومن ممارسات الواقع المؤلم في عالم اليوم البائس أن تُباد شعوبٌ بأكملها باسم “الحق في الحياة”

و”الدّفاع عن النّفس”، وأن تُكمَّم الأفواه في إدانة الإجرام باسم “حرية التّعبير”، وبالمقابل يُعتدى على قيم أمم أخرى وهويتها لا لشيء إلّا لأنّها لا تمتلك من عوامل القوّة ما يؤهِّلها للبوح بقناعاتها والعيش في ظل قِيمها ومعتقداتها.

وتحت قبعة الديمقراطية تُفرض على شعوب كثيرة قواعدَ ونُظمٌ لا علاقة لها بتاريخها وثقافتها.

والحاصل أنّ الديمقراطية التي يفرضها الاستكبار الدولي اليوم تمثل إطارا من القواعد والإجراءات المؤدية بالضّرورة إلى استنساخ أسلوب عيش وحياة يضمن له ديمومة استغلاله لثروات الشعوب وتبعيتها.

إنّ عالم اليوم إذاً تجاوز فكرة المصالح إلى فرض قاعدة “إمّا أن تكون كما أريد أو أن تُحرم من حق العيش والوجود”. إذاً معركة اليوم هي معركة وجودية لا خيار للبشرية فيها إلّا قاعدة واحدة وهي: إمّا الاعتراف بحق الجميع في الاختلاف وتعدد القناعات تبعا للتّعدد الحضاري، أو نزاع دائم مُهدِّد باللا إستقرار الدائم وربما بزوال العمران وفناء الإنسان لا قدّر الله.

إنّ هذا المنطق المتغطرس الأهوج المُعادي للإنسان والحياة هو جوهرُ الحركة الصهيونية المُسيطرة اليوم على المال والإعلام وأهمِّ صناع القرار في القوى الدولية الكبرى.

إنّ طوفان الأقصى قد ضرب هذا الواقع الصهيونوغربي في مقتل، ولذلك كانت ردّة الفعل الغربية غير مسبوقة، لتُطلق العنان لآلة الإجرام والدّمار الصهيوني لمحو غزّة  من على الخريطة وإبادة كل ساكنيها من دون تمييز بين حديثي الولادة ورجال الإسعاف والشيوخ والنّساء وكل كائن حي، بل وحتى الشجر والحجر، وعرقلة كل جهد لوضع حدٍّ لهذه الإبادة.

إنّها يا سادة الجوابُ الصريح، والتّطبيق العملي الميداني لقاعدة: إمّا أن تكون كما أريد أو أن تزول من على وجه الأرض.

إنّ تغيير هذا الواقع المُدمِّر لا يمكن أن يكون بالحوار مع هذه الأنظمة الهمجية ولا حتى بمداراتها إلى حين، كما أنّ الاعتماد على بروز قوى أخرى ذات مصالح مغايرة لا يُشكِّل حلا نهائيا للقضاء على هذه المنظومة المُعادية للإنسان والحياة. فما حكّ جلدَك مثل ظفرك.

وإذا كانت مقدّرات الأمم الضحية اليوم معدومة أو محدودة على مستوى الأنظمة السياسية والقوى الاقتصادية والأمنية، الأمر الذي يجعلها غير قادرة على دفع الصائل، فإنّ العمل على ترسيخ القناعة بضرورة إزالة هذا الطّغيان وإعداد العُدّة له واجبٌ مقدّس يبرِّئ الذّمة ويَمهِّد الطريق إلى النّصر. إن النّصر وعد الله المحقَّق متى ما وفّرت الأمّة أسبابه وأعدّت له ما استطاعت من قوّة ومن رباط الخيل. والله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!