-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ما لا يقال

مغالطات “الديمقراطية”

مغالطات “الديمقراطية”

يخطئ من يعتقد أن هناك فرقا بين السارق الصغير والسارق الكبير، لأن السرقة صارت مهنة تمارس على جميع المستويات والضحية هو المواطن، والحل هو استقلالية العدالة وتطبيق الشريعة الإسلامية. ويخطئ من يتصور أن هناك فرقا بين من يغش في الامتحانات ومن يغش في التجارة، لأن الغش بات حرفة الممتحنين والمنتجين وصناعة الجميع.

  • ويخطئ من يظن أن بلادنا في أزمة، فالأزمة تصيب المنتجين وليس المستهلكين والجزائر تستهلك الغش والسرقة والفساد وحتى “قوانين المرور”.
  • ومنذ أن ابتعدت المنظومة التربوية عن تدريس مادة “التربية الإسلامية”، تراجع المنتوج الأخلاقي في الشارع الجزائري، وتدهور التعليم، وازدادت الوقاحة في “الثقافة والسياسة” وصرنا لا نفرق بين السياسي والمحسوب على السياسة، وبين المثقف والمحسوب على الثقافة، وبين المعلم والأستاذ والمحسوب على المنظومة التربوية وبين الصحافي والمحسوب على الصحافة.
  • الصراع الوهمي
  • وبدأ الحديث عن وجود صراع داخل السلطة الجزائرية على مستوى أصحاب القرار، بين ما يسمى بـ”جماعة الرئيس” وما يسمى ب”الجماعة المناوئة لها”.
  • ويفسر البعض ظهور ملفات الفساد في (سوناطراك) إلى أن الجماعة المناوئة لجماعة الرئيس كانت معترضة على اقتراح رئيس حكومة جديد ربما يكون شكيب خليل من بين المرشحين له.
  • والحق يقال أنه منذ ميلاد “دولة الخليفة” داخل الدولة الجزائرية، ارتبط كشف الفساد بصراع داخل السلطة بين (أصحاب المال) حول الصفقات العمومية والاستثمار، والمصطلح الذي يجمع المتصارعين داخل السلطة هو “المضاربة أو المغالبة”، وأغلب ملفات الفساد التي وصلت إلى الصحافة تقف وراءها أجهزة أو أطراف في السلطة، إلى جانب استفسارات الدول الغربية حول حسابات لشخصيات جزائرية أودعت فيها أموالا باهظة أو اشترت بواسطتها عقارات في هذه الدول.
  • ولا أحد ينكر وجود صراع داخل أجهزة السلطة، باعتبار أن لبعض صنّاع القرار في الجزائر امتدادات خارجية أوربية أو أمريكية.
  • ولكن هذا الصراع لا يرقى إلى مستوى “كشف المستور” من ملفات الفساد لكل طرف، فهو “صراع وهمي”.
  • ومنذ ظهور قانون مكافحة الفساد عام 2006 ومعظم “الإطارات السامية” في مواقف حرجة، تبتعد عن التصريح بممتلكاتها أو الكشف عن حساباتها بالعملات الصعبة، ناهيك عن أملاكها في الخارج وازدواجية الجنسية، ولا أتحدث عن الشركات المتعلقة بأفراد عائلاتهم، أو الفيلات التي يؤجرونها للسفارات والشركات الأجنبية والسكن في الإقامات الرسمية للدولة الجزائر.
  • ولضمان مستقبل ما يسمى بـ(إطارات الدولة) ومستقبل عائلاتهم، لجأوا إلى رفع الأجور بدءاً من 20 مليون سنتيم إلى خمسين مليون سنتيم، علاوة على الحوافر المادية الأخرى. وهكذا تشكلت في الجزائر كتلة من أكثر من 30 ألف مواطن ابتعدت عن الشعب وصارت تتحكم في رقاب المواطنين فكيف حدث ذلك؟
  • خطاب المولاة الحزبي
  • لا تختلف التجربة الديمقراطية في الجزائر نظيراتها في الكثير من الأقطار العربية، بل إن التجربة الديمقراطية الوحيدة التي ظهرت في موريتانيا سرعان ما تراجعت لتقتدي بالتجربة الجزائرية، والتجربة الجزائرية مبنية على أساس غير ديمقراطي وهي انتخاب الأشخاص وليس البرامج، والشاهد على ما أقول: هو أن الحديث السياسي بين السياسيين أو الأوساط الشعبية يدور حول “خليفة الرئيس” أو “خليفة الوزير الأول” أو خليفة رئيس الحزب، أو خليفة رئيس البرلمان بغرفتيه.
  • وهذا “الخليفة” لا يتجسد في البرنامج السياسي أو قوة الحزب في الشارع، وإنما في من يرضى عنه أصحاب القرار.
  • وأصحاب القرار ليسوا بالضرورة من داخل السلطة، فقد يكونون من خارجها أو من دول أجنبية. وماتزال فرنسا وأمريكا لهما نفوذ كبير في “القرار السياسي” في الجزائر، ولكن لكل دولة دور محدود، فأمريكا ذات دور أمني اقتصادي، وفرنسا ذات دور ثقافي تاريخي. ولهذا لم يجرؤ البرلمان بغرفتيه على تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر. ويبدو أن الضوء الأخضر قد أُعطي، ولهذا بدأت أحزاب الائتلاف الحكومي تبحث عن سيناريو “يحفظ ماء الوجه” لهذا التجريم، في إطار المعاملة بالمثل وهو اعتبار فرنسا احتلالها للجزائر، تمجيدا لمن شاركوا فيه، لأن فرنسا ماتزال فيها النظرة القديمة وهي اعتبار الجزائر ملكا خاصا بها اكتسبته بحق الغزو.
  • ويبدو لي أن ما كتبه عباس فرحات في جريدة (الوفاق الفرنسي الجزائري) بتاريخ 27 فيفري 1936 وهو “فرنسا هي أنا” مايزال شعار الكثير عندنا في الجزائر.
  • صحيح أن فرحات عباس قال: “فحصت الكتب وسألت المقابر والتاريخ والذاكرة ولم أجد وطنا اسمه الجزائر. لن أموت من أجل وطن يسمّى الجزائر. لأن هذا الوطن لا وجود له… سألت الأموات والأحياء ولا أحد كلّمني عنه”، ثم تراجع ليصبح رئيس حكومة الجزائر المؤقتة. ولكن المرحوم عبد الحميد بن باديس لم يتراجع عن موقفه الصادر في “الشهاب” في أفريل 1936 وهو: “باسم أغلبية الأهالي، نقول نحن العلماء للذين يدّعون أنهم فرنسيون أنتم لا تمثلوننا ولا تتكلمون باسمنا، ولا تعبّرون عن شعورنا وإحساسنا.
  • إننا فتّشنا في صحف التاريخ، وفتشنا في الحالة الحاضرة، فوجدنا الأمة الجزائرية المسلمة متكونة وموجودة. كما تكوّنت ووجدت كل أمم الدنيا. ولهذه الأمة تاريخها الحافل بجلائل الأعمال، ولها وحدتها الدينية واللغة. ولها ثقافتها الخاصة وعوائدها وأخلاقها، بما فيها من حسن وقبيح، شأن كل أمة في الدنيا. ثم إن هذه الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا. ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت. بل هي أمة بعيدة عن فرنسا، كل البعد، في لغتها، وفي أخلاقها، وفي عنصرها، وفي دينها، لا تريد أن تندمج، ولها وطن محدود، معيّن، هو الوطن الجزائري بحدوده الحالية المعروفة”.
  • وإذا أردنا إعادة الاعتبار للمرحوم ابن باديس فعلينا بكتابة هذا النص في مداخل جميع الوزارات، وأن يُعلق على لوحات في المدارس والثانويات والجامعات حتى تحدث القطيعة مع “حزب فرنسا” .
  • وما يؤسف له، أن الكثير من وزاراتنا ومؤسساتنا التعليمية تتعامل باللغة الفرنسية وكأنها لغة رسمية، بل إن هناك غزوا جديدا للجزائر عبر اللوحات الإشهارية وعناوين الدكاكين.
  • ويبدو أن “الأزمة الجزائرية المصرية” شجّعت الكثير من “التيار الفرنسي” على تجاوز الحدود بالطعن في الانتماء العربي للجزائر.
  • إن مشكلتنا مع النظام المصري وليس مع الشعب العربي المصري.
  • ويخطئ من يتصور أننا يمكن أن ننسلخ عن جلدنا العربي الإسلامي.
  • صحيح أن “شيعة إيران” في العراق يريدون للعراق أن تبتعد عن محيطها العربي بمحاربة “حزب البعث”، وقد جاء شعار صالح المطلق “إذا كان يزعجكم الماضي فانتخبوا المستقبل” ليردّ على الشعار الإيراني في العراق وهو “لا مجال لعودة حزب البعث”.
  • ونعتقد أن العراقي سيبقى عربيا سواء أحبّ شيعة إيران أم كرهوا، ومصر ستبقى عربية سواء أحب “آل فرعون” أم كرهوا.
  • والديمقراطية التي تلغي الآخر في الجزائر أو مصر أو العراق أو لبنان أو الكويت أو الأردن هي ديمقراطية مزيّفة ومغشوشة.
  • ومغالطات “الديمقراطية” تكمن في رفض السلطات الجزائرية لتحرير السمعي البصري، وتحرير الجزائر من التبعية لفرنسا، فحتى زجاجة (ماء إيفيان) نستوردها منها وتباع بـ(250 دينار)، بينما هناك أكثر من 10 أنواع من المياه المعدنية الجزائرية. المغالطة الكبيرة هي “الادعاء” بأننا نمارس الديمقراطية في بلد يعاقب فيه المواطن بألفي دينار إذا مر أمام شرطي المرور في طرق لا يوجد فيها طريق للراجلين.
  • إن الديمقراطية التي تقتل الأمل عند الشباب هي أكبر مغالطة للديمقراطية، والديمقراطية التي تحمي “النهب” ولا تحمي المواطن لا توفر الأمن لبناتنا في الشوارع هي ديمقراطية مغشوشة، والحديث قياس، فالديمقراطية التي تخيفها كاتبة من السعودية أو كاتب من مصر، لا تختلف عن ديمقراطية تخيفها قناة المنار أو القدس أو غيرهما.
  • إننا نعيش في عصر المغالطة لمفهوم الديمقراطية.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • med

    merci bcp monsieur le professeur vous etes tres audacieux pour aborder ces sujets

  • أبو زهرة

    على عكس التعليق الذي سبقني، فأنا أخالفه الرأي بخصوص كتابات الأستاذ، فمن خلال مواضيعه التي ينشرها الشروق فللكاتب مواضيع جيدة وتستحق القراءة ، فهو متتبع جيد لما يحصل على الساحة الوطنية والدولية وله وجهات نظر قد نتفق معه أحيانا وقد نختلف وهذه سنة الله في خلقه فليس لدينا طريقة في التفكير صورة طبق الأصل ، ولو كنا كذلك فتلك كارثة عظمى خاصة عندنا نحن كجزائريين

  • احمد

    وشهد شاهد من اهلها ولانى عارف انى الشروق متجروئش تنشر تعليقى

  • el hak

    hatha el kalam la yafhamoh kol anas ya ci ya latif

  • ع.الباقى24//

    شكرا سيدي .مند ان بدات هده الحكاية وانا اريد ان افهم الدواعي واسبابها والان اضن ان الخيوط بدات تكتمل خاصتا عندما ينزعج اصاب المقاهي والبارات

  • Allal

    Les Baathistes comme toi ont supprimé la musique des écoles, ont fermé les conservatoires, n'ont construit aucun Théatre et de surcroit ils ont enfanté le terrorisme et aujourd'hui vous donner des conseils!!
    La France nous a alissé un état. A-t-on un état maintenant que vous avez casses tous le système educatif avec votre arabisation?

  • tab

    نعم , بالفعل في الجزائر لا توجد "ديمقراطية" للجميع , لكن البعض فقط بتنعمون و يتمتعون بهذه "الميزة" العالمية والتي تستغاها الانظمة العربية المستبدة للتدجيل على الشعوب المسكينة الساذجة !....و الديمقراطي الحقيقي في الجزائر هو الذي يأخذ المال العام كيف يشاء و متى يشاء دون أي حرج او ردع من "احد "كأن الامر اصبح طبيعيا و حلالا في بلد المليون و النصف المليون شهيد "! يا لها من ديمقراطية !!!....قطاع يُسرق منه عشرات الملايين ,استغفر الله الملايير من الدينارات ,و الوزير يعلق في وسائل الاعلام انه غير مسؤول عن هذه التصرفات بل هذه الظاهرة في قطاعه كانه يسير وزارة على سطح القمر ! في الجزائر كل المسؤولين "مسؤولين" و كل المسؤولين غير مسؤولين ! انها الديمقراطية في ارقلى حللها !
    ان ديمقراطية التنكر للاصالة و النفاق السياسي و السرقة و اللامبلات و غياب وسائل الردع هي ديمقراطية "الغاب " القوي يأكل الضعيف , و المجتمع الذي يتعاطى هذا النوع من السلوكات المشينة مآله الزوال و الانقراض , و الامم الغابرة زالت لانه انتشر فيها هذا النوع من السلوكات التي بدات تتجذر في مجتمعنا ....!!!
    و لا نملك الا نقول :"التاريخ لا يرحم "و الله يهمل و لا يهمل و حسبنا الله و نعم الوكيل !

  • زيتون عيسى

    أستاّذنا الكريم لا فضَ فوك و لا جف لك قلم و لا انطوى لك منبر ودمت شوكة في حلوق المندسين المفسدين.

  • نجيب

    كلام الأستاذ كلام مرسل وكلام يقال في الشوارع وعند عامة الناس وسمعته وأسمعه كل يوم في السوق وفي الحي، لماذا يا أستاذ لا تعلمنا كيف نفكر وكيف نفرق بين ما هو شعبوي وبين ما هو حقائق كيف تريد ني أن أصدقك وأن أخذ كلامك على محمل الجد عندما تردد نفس الكلام الذي يقوله عمي الجيلالي حلاق الحي وهو أن ملفات الفساد ما هي إلا وجه من أوجه صراع السلطة....... هل هذا كلام؟

  • توفيق

    إليك أيها صاحب التعليق الأول.:
    أقول لك إذا كنت جاهلا بالحقائق فلا لوم وان جاءتك بعض الحقائق ويكون لك هذا الرد فلك كل اللوم .
    فقل لي أي مقهى نجد فيه هذا الكلام لكي اصبح زبونا فيها وألم بجميع الحقائق والأسرار التي نجهلها عن تاريخنا ووطننا ، فلو أعطيك عنوان أو رقم هاتف الأسماذ وتلتقيه ويزودك بجزء بسيط من ما لديه لأحسست وكانك غير جزائري , فأنت النوع الذي يتحدث عنه فإما تكون مغالط في الديمقراطية أو جاهل بها,.
    شكرا أستاذ

  • ya latif

    صحيح أن هناك من هو صحافي ومن هو محسوب على الصحافة. وهماك مثقفون ومحسويون على الثقافة. والسيد عبد العالي رزاقي محسوب على أهل الفكر...
    وإلا كيف يمكن لرجل يدعي أنه مثقف أن يأتي بهذه السلسلة من الخرافات التي يعابرها إبداعا فكرية؟ كيف يمكن لرجل يدعي أنه أستاذ في الجامعة أن يأتي بكلام المقاهي ويصنع منه فكرا سياسيا؟
    أعد مراجعة فكرك ونظم أفكارك ورتب كلامك حتى نفهم ما تريد أن تقول إن كان لك ما تقول...